هل تدخل القاعدة ملعب الانتخابات الأميركية؟ فؤاد حسين منذ هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، والقاعدة لاعب رئيس في الانتخابات الأميركية، مما جعل معظم المحللين المتابعين لتلك الانتخابات يرجحون فوز أوباما ما لم يقع حدث كبير، وتفسيرهم للحدث الكبير ينحصر تحديدا في ما يمكن أن تقوم به القاعدة قبيل الانتخابات. وفي مقابلة مع مجلة فورتشن ، اقر تشارلي بلاك احد منظمي حملة ماكين بان هجوما جديدا للقاعدة سيشكل بالتأكيد خدمة كبرى للمرشح الجمهوري. ولم يعد سرا أن القاعدة تفضل فوز الجمهوريين دائما، فهم في نظرها من الحمق الذي يمكنها من مواصلة استدراجهم إلى فخاخها، وإغراقهم في مزيد من الاستنزاف في حروب مكلفة. في العام 2004، وقبل خمسة أيام من الانتخابات التي تواجه فيها جورج بوش وجون كيري، قام بن لادن ب مفاجأته موجها الى الشعب الاميركي رسالة من 18 دقيقة. وصفها حينذاك جون ماكلوغلين الذي كان مساعدا لمدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بأنها هدية جميلة من بن لادن الى الرئيس بوش..الذي فاز فعلا في تلك الانتخابات. لكن منذ تسارع الأزمة المالية في أميركا تراجع اهتمام الشعب الأميركي بالحرب على ما يوصف بالإرهاب، وبحروب بلادهم الخارجية، وهي مسائل كانت لها الأولوية في بداية الحملات الانتخابية، وحل مكانها الهم الاقتصادي، وهذا ما عزز فرص المرشح الديمقراطي. مما يعزز احتمال إقدام القاعدة على شيء لإعادة ترجيح الكفة للمرشح الجمهوري. أميركا الآن في وضع لا تحسد عليه وفي ورطة لا تجد لنفسها مخرجا منه، فهي تقود حربين معلنتين في أفغانستان والعراق وحربين غير معلنتين في الصومال والسودان، ولا تستطيع دفع تكاليف هذه الحروب بعد أن كادت خزائنها أن تصل إلى حافة الإفلاس، وهذا ما يفسر رضوخها لحركة طالبان في أفغانستان وطلب التفاوض معها دون قيد أو شرط، كما يفسر أيضا هرولة الكثيرين إلى بغداد للبحث عن مخرج مشرف لأميركا من ورطتها في العراق حتى تخرج ببعض ماء وجهها إن بقي لها وجه. كما أن لهجة التحدي العدائية في الخطاب الإعلامي الأميركي تحولت للهجة هادئة تبحث عن التفاوض وعن الحلول للأزمات الداخلية منشغلة بذلك عما تواجهه في العراق وأفغانستان. وعلى وقع النغمة الأميركية الجديدة بدأت إسرائيل أيضا تعزف على وتر السلام وتبحث في المبادرة التي طرحها العاهل السعودي في القمة العربية التي عقدت في لبنان، والتي رفضتها سنوات عديدة، مستشعرة خطر سقوط المارد الذي دفعها للاستعلاء والعجرفة. ولكن السؤال الذي يفرض نفسه - بعد أن وقعت أميركا في شراك حمقها واستنزفت ثرواتها وحطمت اقتصادها في حروب مكلفة في أفغانستان والعراق: هل اكتفت القاعدة بهذا الحد من استنزافها لأميركا؟ أم أنها ستعمل لجرِّها إلى حروب أخرى لمواصلة استنزافها اقتصاديا وعسكريا بإطالة أمد الحرب لأبعد حد ممكن؟. اذا كانت كذلك فإن هذا يستلزم وجود قيادة أميركية متهورة مثل ماكين الذي وعد بمواصلة الحرب حتى آخر جندي أميركي. وحينها فلا بد للقاعدة من نصرة ماكين في الانتخابات القادمة ليواصل المسيرة الفاشلة لسلفه بوش ؟ وهذا الأمر سيتضح جليا خلال أقل من أسبوعين؛ فإن نفذت القاعدة عملية كبيرة ضد المصالح الأميركية فسيعد هذا العمل تأييداً لماكين لأن هذا الحدث سيدفع الأميركيين عنوة للتصويت له لينتقم لهم من القاعدة، وبذلك تنجح القاعدة في استنزاف أميركا حتى آخر سنت فيها. لكن هل سيقع مثل هذا العمل، وإن وقع فما مدى قوته؟. الإجابة على هذه الأسئلة ستبقى رهينةً لأحداث الأيام القلية القادمة . وإن لم تقم القاعدة بفعل شيء ينقذ حملة الجمهوريين فإن تحولات دراماتيكية ستحدث في عهد الديمقراطيين تدفع أميركا للتقوقع على نفسها خلف المحيطات والبحار، غارقة في حل مشاكلها الداخلية، والاقتصادية منها على وجه التحديد، لتخرج طالبان من أدغال الصحراء ومن كهوف الجبال لتعيد بناء دولتها الإسلامية ويخرج المحتلون من العراق لتستعيد بغداد وجهها العربي وروحها الإسلامية، وحينها سيعود المشروع الصهيوني إلى قمقمه على طريق اقتلاعه من جذوره وللأبد. عن صحيفة الرأي الاردنية 26/10/2008