عكا المدينة الفلسطينية التاريخية عاشقة البحر الأبيض المتوسط , عكا قاهر ة نابليون بونابرت و جنده , عكا المدينة الجميلة التي تزين رأس الخليج الشمالي لفلسطين , عكا صاحبة ثورة البراق ضد الاحتلال البريطاني , عكا بلباسها و كوفيتها الفلسطينية ستبقي فلسطينية مهما حاول الحقد الصهيوني النيل منها . لم تعد أحداث عكا مجرد حدثا عاديا استمر لوقت و لم يعد حدثا ناتج عن اختلاف في طرق ممارسة شعائر دينية ما يمكن احتوائه و إعادة الهدوء للمدينة بل أصبح بالفعل عمل عنصري مقصود و مخطط من قبل الشبان اليهود القاطنين بالمدينة يقصد من خلاله تنفيذ خطة كرة اللهب تجاه كافة السكان العرب بالمدينة و المدن الأخرى .
إن المواجهات الحادثة الآن و على اليوم الرابع على التوالي خلال ساعات الليل بين العرب الفلسطينيين ذات الأقلية بمدينة عكا و الذين تبلغ نسبتهم ثلث سكان المدينة ما هي إلا البداية و ما هي إلا أيام أخري و تكبر كرة اللهب لتحدث موجات متتالية من المواجهة تهدف لتحقيق أهداف استيطانية وعنصرية عديدة أولها رغبة المتطرفين اليمينين إسقاط نظرية التعايش بين الشعبين بداية من عكا والبدء بحملة تهجير واسعة للسكان العرب نحو الضفة الغربية وكأن التاريخ يعيد نفسه بعد ستين عاما من النكبة ,بالإضافة لتخليص عكا من شكلها العربي و اعتمادها مدينة إسرائيلية لقومية واحدة!.
إن الحقيقة التي نود أن نكشفها لقرائنا الكرام عبر هذا المقال , إن المستوطنين اليهود هم الأداة القوية لساسة إسرائيل لينفذوا أهدافهم و يحققوها ,فقد أصبحت عكا مركز تجمع لليهود و المستوطنين المتطرفين و خاصة الشباب القادرين على المواجهة و القادمين إليها من المستوطنات و المدن الإسرائيلية القريبة كمستوطنة ' يتسها روا فرات' ومدينتي ' معالوت و نهاريا' و لعل اجتذاب هؤلاء المتطرفين لم يأتي صدفة بل على العكس فقد وصل عكا خلال المواجهات العديد من الشبان المستوطنين المسلحين وعلى رأسهم المتطرف الصهيوني و ناشط اليمين ' باروخ مارزل' و هو الذي يقود الحرب الآن.
لعل ما يؤكد لنا أن ما يحدث في عكا اليوم مخطط بدقة, ما أعلنه راديو الجيش الإسرائيلي من وصول أعضاء و قادة الجبهة اليهودية الاستيطانية و مشاركتهم في الاعتداءات على السكان العرب الفلسطينيين و قيامهم بإحراق العديد من البيوت و المزارع و المحال التجارية التي تعود ملكيتها للفلسطينيين . إن المخيف اليوم في هذه الحرب الجديدة أن الشرطة الإسرائيلية تتصرف وكأنها لا تري من يفعل هذا بل على العكس من ذلك أنها تغض النظر عن ما يفعله المستوطنين ولا تقوم بفرض حراسة على ممتلكات السكان العرب ولا ترغب في عزل المدينة و منع القدوم أليها أو الخروج منها.
لا يمكن لنا كمراقبين للوضع المتأزم في عكا اليوم أن نقف موقف الصامت حتى تقع الكارثة ويهجر كافة سكان المدينة العرب بل على العكس فإننا نستشعر بالخطر المحدق بهؤلاء السكان لأنها حرب جديدة على كل العرب و أنها حملة تطهير عرقي شاملة تبدأ من عكا و هنا ندعو كافة المدن و القرى المماثلة وذات الأقلية العربية أن يحتاطوا و يعدوا لما هو قادم , فالقادم قد يكون اخطر من ما يحدث في عكا وقد يصل إلى حد ارتكاب المجازر و القتل لإجبار الأقليات العربية على الرحيل و ترك مدنهم الأصلية.
نعم عكا اليوم هي البداية و غدا قد تكون القدس واللد و الرملة و يافا و العديد من القرى الفلسطينية التي مازالت تحيط بالتجمعات اليهودية ولكي لا يحدث هذا لابد من الصبر و الصمود و الإعداد الجيد للمعركة و الثبات و ابتكار العديد من أدوات المعركة التي تحقق توازن معقول مع الطرف الأخر, لأننا لا نستغرب و لا نستبعد استخدام المستوطنين أنواعا أخري من السلاح و العتاد فهو متاح لهم ولكن له وقت وزمن و تاريخ معين .
لا نريد من الجموع العربية في الطيبة و المثلث و أم الفحم و باقي المدن العربية أن تنتظر حتى يستنقذ شباب عكا قوتهم و تنفذ مئونتهم و يجدوا أنفسهم لوحدهم بالمعركة, بل نقول أن واجب الدفاع عن عكا أصبح واجب مقدس و واجب جهادي و اجب وطني حتى يتراجع المعتدون عن عدوانهم ويقروا أن أحدا من السكان الفلسطينيين سيبرح ما تبقي له من مدينيه التاريخية و يترك دارة ومزرعته . إن نصركم يا سكان عكا ليس بعيد فقد حققه أبائكم و أجدادكم على المغتصب الفرنسي و البريطاني و اليهودي و حققتموه انتم بصمودكم في أرضكم و دياركم أبان النكبة وحرب التهجير في العام 1948 , فنصركم اليوم بأيديكم و ثباتكم بأيديكم و عزتكم وكرامتكم بأيديكم.