جامعة الزقازيق تواصل فاعليات الأنشطة الطلابية لتنفيذ مبادرة "بداية"    المتحدة للرياضة تهنئ الشعب المصري بذكرى الانتصار العظيم في حرب أكتوبر    بأعلام مصر والزي العسكري.. تلاميذ المدارس يحتفلون بانتصارات أكتوبر في بورسعيد -صور    الأحد 6 أكتوبر 2024.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية    سعر الدولار اليوم الأحد 6 أكتوبر.. أعرف التفاصيل    إزالة 9 حالات تعدِ على أراضي زراعية ومخالفة بناء في 3 مراكز بأسيوط    حصيلة ضحايا الحرب على غزة تتجاوز 139 ألف شهيد وجريح    ميقاتي يثمن دعوة ماكرون بوقف تسليم الأسلحة إلى إسرائيل    قوات الاحتلال تعتقل 15 فلسطينيا من الضفة    في أحدث هجوم لحزب الله على خليج حيفا.. جيش الاحتلال يعلن اعتراض صاروخين أرض-أرض    فالفيردي سعيد بالفوز على فياريال ويأسف لإصابة كارفاخال    أحمد مجاهد: سأترشح لرئاسة اتحاد الكرة في هذه الحالة    جيسوس مدرب الهلال يشيد بجماهير الأهلي بعد كلاسيكو الدوري السعودي    عمار حمدي يتحدث عن.. مغادرة الأهلي.. أداء إمام عاشور وحب جماهير الزمالك    أمن أسوان ينجح في ضبط عنصريين إجراميين بحوزتهما أسلحة ومخدرات    حالة الطقس اليوم الأحد 6 أكتوبر 2024: أجواء خريفية مع ارتفاع في درجات الحرارة    ضبط 3 عصابات و167 سلاحا وتنفيذ 84 ألف حكم خلال يوم    مصرع شخص إثر سقوط سيارة في ترعة المريوطية بالبدرشين    أسيوط: حملات تموينية على المخابز والمحال وتحرير 112 محضرا بمركزي القوصية والبداري    حدث بالمحافظة الوسطى بغزة.. سقوط 26 شهيدا وعشرات الجرحى حصيلة ضحايا قصف الاحتلال    فيديو.. ريهام عبدالحكيم تطرح أغنية "جيش وشعب" في احتفالات نصر أكتوبر    كيف خلدت الدراما المصرية ملحمة نصر أكتوبر العظيم؟    "مزمار الشيطان في بيت رسول الله".. رمضان عبد المعز يوضح: ماذا رد النبي يوم النصر؟    اكتشاف كبير.. اثنان من القتلة شاركا في تدمير الحياة قبل 66 مليون سنة    رئيس هيئة الرعاية الصحية يلتقى السفير السويدي وكبرى الشركات السويدية لدى مصر    في ذكري النصر .. تعرف علي استعدادات القوات المصرية لسحق جيش الاحتلال فى أكتوبر 1973    بمشاركة طارق شوقي.. تكني الإسكندرية تناقش بناء نظام تعليمي مرن    «بأسعار رمزية».. 5 حدائق مميزة بالقاهرة للتنزه في إجازة 6 أكتوبر    «الإسكان»: إعادة فتح باب التقدم لاستيفاء طلبات تقنين الأوضاع في صحراء الأهرام    تشاهدون اليوم.. مواجهات قوية للمحترفين في الدوريات الأوروبية    "يصعب موقفه".. قرار صارم من حسين لبيب بشأن تجديد عقد زيزو    تجمع نجوم الفن.. 10 صور جديدة من حفل زفاف ابنة علاء مرسي    ابنة شقيق جورج قرداحي تكشف حقيقة مقتله في غارة إسرائيلية على بيروت    البنوك إجازة اليوم بمناسبة ذكرى نصر 6 أكتوبر    متصلة: خطيبي بيغير من الشحات في الشارع؟.. وأمين الفتوى يرد    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بقرية كوم أشفين في قليوب ضمن مبادرة «أنت الحياة»    «الدواء» تحذر من عقاقير غير مطابقة للمواصفات.. بينها واحدا لعلاج نزلات البرد    أطعمة تخلصك من حموضة المعدة.. تعرف عليها    الإسكان: حملات على وصلات المياه الخلسة وتحصيل المتأخرات بالمدن جديدة    البالون الطائر يحلق بصور الرئيس السيسي للاحتفال بالذكرى 51 لنصر أكتوبر غرب الأقصر    تفاصيل تفعيل دور صندوق الرعاية الاجتماعية للمعلمين    «التضامن الاجتماعي»: «هنوصلك» تسجل 2391 من ذوي الإعاقة بالمنظومة (تفاصيل)    اللواء المنصوري.. أطلق عليه الإسرائيليون «الطيار المجنون»    دور الأهلى والزمالك فى مباراة الكرامة بذكرى نصر أكتوبر    الأزهر: الأسلحة الدقيقة مصطلح صهيونى يستخدم فى تبرير جرائم القتل الجماعى .. من غزة إلى لبنان.. جرائم الكيان الصهيونى مستمرة    تبون: الجزائر دخلت في طريق التغيير الإيجابي وستواصل مسيرتها بثبات نحو آفاق واعدة    «الإفتاء» توضح.. هل يجوز الأكل على ورق جرائد به آيات من القرآن؟    نص كلمة الرئيس السيسي بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة    الدكتور    مفتي الجمهورية: الرفق والحكمة أساس الفتوى.. وملتزمون بالمنهج الأزهري    طريقة عمل البيتزا في البيت زي المحلات، وبأقل التكاليف    المراكز الإفريقية لمكافحة الأمراض: لقاح جدري القرود آمن تماما ولم يتسبب في حالات وفاة    الكشف موقف أحمد فتوح من المشاركة في السوبر الإماراتي    برج الميزان.. حظك اليوم الأحد 6 أكتوبر: جدد أفكارك    من دعاء النبي | اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطأي وعمدي    تفسير آية | تعرف على معنى كلمات «سورة الفلق»    البيع تم قبل شهور.. مصدر مقرب يكشف مصير مطعم صبحي كابر    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم قرية "مردا" بالضفة الغربية وتهدد أهلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسار العلاقة بين فتح وحماس وتطوراتها المستقبلية / عماد صلاح الدين
نشر في محيط يوم 14 - 10 - 2008


مسار العلاقة بين فتح وحماس وتطوراتها المستقبلية


* عماد صلاح الدين

ليس غريبا مما جاء به التأريخ السياسي لطبيعة العلاقة الداخلية لحركات وقوى التحرر الوطني بمرجعياتها وتوجهاتها الأيديولوجية وحتى السياسية من وجود حالة من التنافس الحزبي لتك الحركات والقوى قد تأخذ إشكالا مختلفة وعديدة من تماحك سياسي أو حتى الوصول إلى درجة الاحتكاك السلبي باستخدام العنف المؤدي إلى سقوط الضحايا من هذه الحركة وتلك في غمرة الانشغال الرئيسي لها في مواجهة القوة المحتلة ومقاومتها بشتى السبل من اجل انجاز أو السير باتجاه تحقيق الهدف الطبيعي والمناقض لحالة الاحتلال والمتمثل بالتحرر والاستقلال الوطني وبناء المجتمع والدولة فيما بعد .

حدث ما سبق في بلدان شتى تعرضت وخضعت للاحتلال واخص تحديدا الأقطار العربية التي تعرضت للاحتلال الغربي الأجنبي منذ بداية القرن العشرين وحتى منتصف ستينيات القرن الماضي .

في الحالة والنموذج الفلسطيني فان الأمر يكاد لا يختلف عن سابقاته من حالات ونماذج معينة في دول الشرق والغرب العربيين ، لكن عدم الاختلاف بسابقة الاختلاف هذه وحتى الانتقال بها إلى درجة الخلاف المترجم بالعنف عمليا وعلى ارض الواقع يمكن حصرها وتحديدها بمدة من الزمن انقلبت الأمور بعدها لتكون في الحالة الفلسطينية ربما سابقة فريدة سيكون لها في التأريخ السياسي والنضالي موقعا مهما من حيث تسجيل السابقة والحالة الجديدة من هذا النوع، وللتوضيح والتفصيل إليكم ما هو آت :

منذ نشأة حركة فتح وإشهارها رسميا في عام 1965 ، باعتبارها قائدة للعمل الوطني والنضالي الفلسطيني وتاليا على رأس هرم منظمة التحرير الفلسطينية عام 1968 ، وحتى قبولها بالقرارين 242 و338 ومتطلباتهما المعروفة للانخراط بعملية ومسيرة التسوية عمليا في أوسلو عام 1993 ، تدرجت هذه الحركة في برنامجها النضالي والسياسي عبر مراحل تاريخية مرت بها ، في مع بداية وجودها في ستينيات القرن الماضي كانت الحركة تدعوا إلى تحرير ارض فلسطين التاريخية كاملة من بحرها إلى نهرها ثم تدرجت الحركة إلى برنامج آخر تحت إطار الدولة العلمانية الديمقراطية لجميع مواطنيها عربا ويهودا إلى أن وصلت الحركة إلى برنامجها الأخير المنادي بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة الذي سبقه تحديدا برنامج التحرير الانتقالي على جزء يحرر من ارض فلسطين التاريخية .

وفي سياق الدولة المستقلة أو حل الدولتين في إطار أدبيات التسوية الفلسطينية (الإسرائيلية) للصراع ، كانت حركة المقاومة الإسلامية حماس قد برزت إلى الوجود عبر انطلاقتها عام 1987 ، علما أن التمهيد للتسوية بقبول فكرة الدولة على الأراضي المحتلة عام 67 من قبل فتح وقيادة المنظمة التي ترأسها الأولى كانت في عام 1988 من خلال قبول القرارين الصادرين عن مجلس الأمن الدولي ذاتي الرقم 242 338 لعامي 1967 و1973 على التوالي ، وهذا يعني تزامنا حقيقيا لاختلاف الرؤية بين حماس الصاعدة وفتح الذاهبة للسلطة والدولة ، باعتبار أن الخلاف الحقيقي بين الحركتين مبعثه الموقف من التسوية قبولا أو رفضا .

لكن الخلاف في المرحلة الأولى وهنا اقصد المرحلة التي كان على رأسها الراحل ياسر عرفات منذ أوسلو عام 1993 إلى رحيله في عام 2004 ، كان الخلاف فيها بين الحركتين الكبريين على الساحة الفلسطينية مضبوطا بقيود وضوابط كتلك التي تعارف عليها تاريخ الحركات الوطنية وان كان هناك اختلاف واسع بين الرؤيتين في التعامل مع القضية الوطنية الفلسطينية وإيجاد الحل لها ، كان هناك مفاعيل على الأرض لاختلاف الرؤيتين ، من خلال بعض الاحتكاكات الدموية المحدودة بين الجانبين ومن خلال ملاحقة السلطة لعناصر حماس وزجهم في سجونها وإحباط عملياتها العسكرية ضد (إسرائيل) كاستحقاق امني لاتفاقات أوسلو .

الأمر المهم في هذه المرحلة انه كان هناك نوع من التفهم الخفي ومن وراء الكواليس للحركتين بقيادة الراحل الشيخ ياسين والراحل ياسر عرفات ، فحماس كانت تفهم أن ذهاب عرفات إلى التسوية واستحقاقاتها إنما هي تجربة ونوع من البرغماتية الموجودة في شخص عرفات وفكره على أمل الوصول إلى الدولة المستقلة التي كان يرنو إليها أبو عمار ، وليست أيديولوجيا نهائية لا تسقط أبدا ، ولذلك كانت حماس تتفهم ذلك وتصبر وتعض على الأصابع على ما يلحق بها من تصفيات واعتقالات لكوادرها تضييق وغيره كمخرج لما يسمى باستحقاق التنسيق الأمني مع( إسرائيل) ، وأبو عمار نفسه كان يتفهم دور حماس في المقاومة المسلحة وبالأخص الاستشهادية منها في مواجهة (إسرائيل) كعامل ضاغط على (إسرائيل) في الاستجابة لذلك الحد المتعلق بحلم الدولة الفلسطينية المستقلة . ولذلك لم يصل الحد بان يفكر كل طرف بإزالة الآخر من الوجود السياسي على الساحة السياسية الفلسطينية ، رغم أن الرؤيتين كانتا مختلفتين جدا ، فمن ناحية حماس تقول في برنامجها المرحلي والتي تسميه واقعيا والذي جاء على لسان مرشدها الروحي الشيخ ياسين بأنه انسحاب من جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67 ، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين ، ومن الناحية الأخرى كان برنامج فتح والمنظمة المختزل في التوجه الكريزماتي الشخصي لعرفات والمتفق عليه في وأوساط فتح والذي يدعو إلى حلم الدولة المستقلة على كامل الأراضي المحتلة عام 67 مع قبول أو تقبل فكرة إجراء محدود لتبادلية الأراضي مع (إسرائيل) ، أما حق العودة فكان الراحل عرفات الممثل لفتح يقبل بحل متفق عليه مع (إسرائيل) للاجئين الفلسطينيين ، والمعنى انه حل شكلي وسلبي بالنسبة للطرف الفلسطيني ، لكن ذلك كان بالنسبة للراحل أبو عمار جزء أساسيا من مفهوم الواقعية السياسية المربوطة بقيود المعطى الإقليمي والدولي في تلك الفترة ، على أن يكون الحل العادل والنهائي لهذه القضية الأساسية بالنسبة للفلسطينيين والعرب صراعا متروكا للأجيال اللاحقة المحكوم بتغيرات ايجابية على المستويين الإقليمي والدولي لصالح القضية الفلسطينية ، وفي كل هذا كان عرفات قد قدم التنازلات المتعلقة بالاعتراف ب(إسرائيل) ونبذ العنف والإرهاب " المقاومة " من باب خط ومنهج الواقعية وطمأنة (إسرائيل) التي تدعي الخوف والتوجس الأمني الوجودي على أمل إقناعها بالتسليم بحلم الدولة المستقلة واقعا وحقيقة عملية .

وأما المرحلة الثانية من الخلاف في الرؤية السياسية والعملية بين طرفي المعادلة السياسية الفلسطينية حماس وفتح فكانت بعد رحيل عرفات ومجيء القيادة الجديدة لمنظمة التحرير والسلطة الفلسطينية وحركة فتح ، القيادة الجديدة التي يقودها الرئيس محمود عباس بعد عام 2004 تنادي بما يلي كبرنامج سياسي :

التفاوض خيار تاريخي واستراتيجي نهائي لحل النزاع الفلسطيني (الإسرائيلي )
تأكيد الالتزام بالاعتراف ب(إسرائيل) ونبذ العنف والإرهاب والالتزام بالاتفاقات السابقة

وأما موقف حماس فبقي على حاله كما هو من حيث عدم تقديم التنازلات المسبقة من اعتراف وغيره مع الدعوة رؤية الحل الانتقالي والمرحلي بشأن الدولة المستقلة على جميع الأراضي المحتلة في حزيران وضمان حق العودة .

المشكلة هنا في هذه المرحلة والتي لازلنا نعيش مفاعيلها وتمخضاتها المختلفة والمتنوعة على الساحة الفلسطينية هو أن الأمر بالنسبة للطرف الذي ينادي بالحل عبر التسوية لم يعد مجرد خيار واقعي أو تجريبي كما كان الأمر عليه في زمن الراحل عرفات ، بل أن المتابع لصورة المشهد السياسي عند الرئيس عباس والطاقم السياسي التفاوضي عنده ، يرى أن الأمر قد تحول إلى عقيد وأيديولوجيا الخيار التفاوضي ضمن الشروط والمعطيات التي يتيحها التفاوض بالمعنى السياسي والدبلوماسي المجرد ، ولعل التأكيد على رؤية بوش للدولتين ورؤية خارطة الطريق أكبر دليل على ذلك ، والخطورة من هذه العقيدة المسلمة نهائيا بالتفاوض هي أنها أولا لا تعترف ولا تحاول الالتقاء مع رؤيا الآخرين للحل وثانيا أن الحد الناتج عن آليات الرؤية السابقة لا يحقق الدولة المستقلة ولا ضمان حق العودة بسبب الضمانات الأمريكية ل(إسرائيل) حول الاستيطان في الأولى ومفهوم الدولة المؤقتة وتأبيد النزاع في الثانية .

واعتقد انه بسبب تحول التفاوض إلى أيديولوجيا وعقيدة سياسية لدى المفاوض الفلسطيني بعد وفاة الراحل عرفات ضمن ما ينادي به من رؤية سياسية من ناحية المضمون ومقدمات التفاوض مع (إسرائيل) دون مراعاة للمعطيات التالية :-

- عدم الالتفات إلى خطأ الراحل عرفات الذي تمثل بالتجاوز عن طبيعة وفلسفة إسرائيل ككيان صهيوني قائم على فكرة التوسع والضم وتهجير الفلسطينيين لصالح البرغماتية والواقعية السياسية ، ولعل المعطيات على ارض الواقع من ازدياد وتيرة الاستيطان وأعداد المستوطنين وتهويد القدس وتقطيع أوصال الضفة الغربية خير معطى على ذلك.

- عدم الامتثال إلى التجربة السياسية نفسها التي قامت على تقديم التنازلات المسبقة والتي انتهت بالفشل بسبب عدم وجود الضمانات والآليات الدولية الضاغطة على (إسرائيل) وبسبب الخداع والتضليل الإسرائيلي الذي لا يريد للفلسطينيين سوى كيان ذاتي محكوم بالسيطرة والسيادة( الإسرائيلية) .

- عدم الالتفات مرة أخرى إلى خيار آخر بصورة تجلب الذهول والاستغراب من المفاوض الفلسطيني اليوم في سعيه للتفاوض والاستجابة لشروط التفاوض بينما مثلا إسرائيل أعلنت عن عشرات الآلاف من الوحدات السكنية الاستيطانية التي سيتم بناؤها أو توسيعها في نطاق القدس الشرقية والضفة الغربية .

- عدم الالتفات إلى خطورة المطلب (الإسرائيلي) في انابوليس فيما يتعلق بيهودية الدولة كشرط إضافي للدخول في التفاوض من جديد.

- الإصرار من جديد على أن التفاوض من مصلحة الفلسطينيين برغم ما تمخض عنه انابوليس من زيادة رهيبة في التوسع الاستيطاني بوتيرة فاقت الوضع الذي كان عليه حال الاستيطان في الفترة التي انقطع فيها التفاوض الفلسطيني (الإسرائيلي) ، هذا عدا عن تأكيد إسرائيل وأمريكا عن استحالة التوصل إلى أي اتفاق من أي نوع كان مع نهاية عام 2008 ، كما وعد بذلك معدو وحاضروا لقاء انابوليس في تشرين الثاني 2007 .

هذا بالإضافة إلى المعطيات المحلية الفلسطينية و(الإسرائيلية) المتأزمة ، والوضع الدولي المأزوم بالانتكاسة الاقتصادية الخطيرة التي أصابت مركز المنظومة الرأسمالية في نسختها المتحررة من كل القيود في الولايات المتحدة الأمريكية.

وكل ما سبق لا يبشر بحل تسووي للصراع في سياقه الفلسطيني مع (إسرائيل) ، هذا لو افترضنا أن (إسرائيل) ترغب ورعايتها الأمريكية بسلام يعطي الفلسطينيين الحد الأدنى من تطلعاتهم وحقوقهم الوطنية .

اعتقد انه بسبب هذه الرؤيا للمفاوض الفلسطيني القائمة على التبني العقدي لها أصبح الصراع مع حماس ومع رؤيتها صراعا الغائيا وليس خلافا في المناهج يمكن التوفيق بينها ، فلا الرئيس عباس ومن حوله يريد التراجع عن رؤيته ولا حماس تقبل بالتراجع عن رؤيتها المرحلية التي اشرنا إليها سابقا ، ولعل ما شهدته الساحة الفلسطينية من خلاف بين فتح وحماس منذ انتخابات يناير كانون الثاني 2006 وصلت إلى حد القطيعة النهائية بسبب أحداث 14 حزيران 2007 إلا تعبيرا عن درجة تحول في صراع المناهج والرؤى بين فتح وحماس إلى مستوى ومرتقى العقيدة والايدولوجيا .

لا يرى المتابع للشأن الفلسطيني بوادر انفراج في الأزمة المستحكمة بين الحركتين رغم الحوارات الدائرة بشأن إنهاء الانقسام في القاهرة ، طالما لم يتوصل الطرفان إلى اتفاق وسطي تراعي فيه الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية وكذلك ما تتطلبه معطيات الوضعي الدولي ، والحل موجود بالنسبة للطرفين ولكنه يحتاج إلى إرادة سياسية جادة ، وهذا الحل متمثل بما تم الاتفاق عليه في وثيقة الوفاق الوطني " وثيقة الأسرى" 2006 وما جاء به اتفاق مكة في شهر شباط من العام الماضي 2007 ، تأكيد الاتفاق على بعض الجزئيات والتفاصيل كما هو الحال تحديدا في اتفاق مكة .

** كاتب وباحث


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.