نجحت ثورة 25 يناير فى أن تفرض نفسها وان تبعث روحها وهى نفس روح حرب السادس من أكتوبر على كل المجالات والقطاعات فى مصر وأصبحنا نشعر بالفعل ان مصر بعد 25 يناير لن تكون بحال من الأحوال مثلما كانت قبل هذا التاريخ .
فهناك مطالب دفعت إلى تغييرات ملموسة تؤكد ان الغد سيكون مشرقا وان المستقبل سيكون مضيئا إن شاء الله خاصة بعد استجابة المجلس الأعلى للقوات المسلحة لكل مطالب الثورة وتعهده بنقل مصر الى مرحلة جديدة تلبى فيها رغبات أبناءها وتتحقق طموحاتهم .
وإذا كان البعض يشكك فى تلك الحقائق فإننا نؤكد أن هذا التشكك ليس في محله فنحن نثق فى المجلس العسكري الذي تعامل مع الثورة منذ البداية بأسلوب حضاري وراق فكان له الفضل والدور الكبير فى إنجاحها .
فقد اكد منذ اللحظة الأولى لنزوله إلى الشارع إنه لن يطلق رصاصة واحدة ضد أبناء الشعب وأنه يتفهم مطالب المصريين المشروعة وانه سيحافظ على مكتسبات الثورة وأن دماء الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من اجل تغيير النظام وتطوير المجتمع المصري لن تضيع هباء.
الخطوات التي اتخذت حتى الآن تؤكد هذه الثقة فقد تنحى الرئيس حسنى مبارك عن الحكم وتم تشكيل حكومة تسيير أعمال برئاسة الفريق احمد شفيق وكانت بعض الوجوه فيها تواجه رفضا شعبيا فتم إقالتها وتشكيل حكومة جديدة برئاسة الدكتور عصام شرف.
وتم تعديل الدستور بما يضمن انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة وبما يحقق التداول السلمي للسلطة دون عودة للديكتاتورية والاستبداد للبلاد مرة أخرى.
كما تعهد الجيش بإعادة هيكلة جهازى الشرطة وامن الدولة بما يجعل منهما أداة لخدمة المواطنين لا أداة للقمع والقهر والتعذيب والإذلالبل والقتل كما كان يحدث من قبل.
كما وعد الجيش برفع الطوارئ بمجرد استتباب الأوضاع وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وأكد أن انتخابات مجلس الشعب سيتم إجراؤها فى يونيو القادم فى حين تجرى انتخابات الرئاسة فى أغسطس.
وأن الرئيس الجديد سيتسلم السلطة في أكتوبر القادم وبالتالي يتفرغ الجيش لمهمته الأساسية فى الدفاع عن الوطن وحمايته من الأخطار الخارجية .
وإذا كان الوضع بهذه الصورة الايجابية من جانب الجيش فان الشعب المصري مطالب بالا يكون اقل ايجابية وإنما عليه أن يتوجه الى قطاعات العمل والإنتاج وان يرتقى لمستوى الروح التي أشعلتها الثورة فى كل جنبات المجتمع المصري.
لان مصر لن تتقدم بدون العمل والإنتاج ولأننا في تلك الفترة فى أمس الحاجة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتى فى المواد الغذائية على وجه الخصوص أكثر من اى وقت مضى .
وإذا كانت هناك مطالب فئوية فى كل قطاع تتعلق بتحسين الأوضاع والحصول على أجور عادلة والقضاء على بعض المظالم المتراكمة فان هذه المطالب يتفهمها كل المسئولين الان ويعملون على تحقيقها لكن يجب الا تعرقل مسيرة الإنتاج بحال من الأحوال .
يجب أن يدرك الشباب ان هناك من يحاولون إجهاض الثورة او تحويل مسارها وقطف ثمارها من جانب الذين لا يستحقون تلك الثمار ومن جانب لوبي الفساد والمنتفعين الذين يخافون على أنفسهم من إقامة حياة ديمقراطية تتسم بالشفافية والنزاهة والعدالة والمساواة والحرية والكرامة .
لان هذا المناخ لا يسمح لهم بارتكاب جرائمهم التي كانوا يرتكبونها فى الماضي تحت ستار زائف من مشاريع التنمية والبناء واستصلاح الاراضى وإقامة المصانع وما الى ذلك كما أن هذه الحياة السليمة ستدفع بكل الفاسدين الى المحاكمات والى غياهب السجون .
نريد أن تسود روح جماعية تقوم على الحوار والتعاون والتنسيق بين الشباب، والابتعاد عن الجموح الفكري والتراشق بالكلمات، وان يتجه الجميع إلى الإسهام فى إعادة بناء مصر .
حتى نعلم العالم درسا جديدا فى مجال البناء والتعمير كما علمناه درسا فى التظاهر السلمي وتحقيق أهدافنا دون اللجوء إلى اى مظهر من مظاهر العنف أو القوة .
إن مصر جديرة بأن تحتل المكانة اللائقة بها على خريطة العالموأن تستعيد دورها العربي والاسلامي والدولي الذي فقدته علي مدي الثلاثين عاما الماضية.
وهذا يحتم علينا أن نضع أيدينا جميعا فى ايدى بعضنا البعض حتى نتمكن من تحقيق هذا الهدف الكبير وتلك الأمنية النبيلة التي لاشك انها تحتاج الى جهد كبير وسنوات طويلة من الكفاح والعرق حتى نبنى بلادنا بسواعدنا ونجعلها نموذجا تقتدي به دولنا العربية ودول العالم كله .