تعديل الاستراتيجية حسام كنفاني تغيّرت اللهجة فجأة، وباتت “حماس"، بحسب الرئيس محمود عباس، “جزءاً من الشعب الفلسطيني لا بد من إشراكه في عملية السلام"، رغم أنها كانت قبل أسابيع “قوى ظلامية لا تعبّر عن الخيارات الفلسطينية"، بحسب عباس أيضاً في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي. يبدو أن تعديلاً في الاستراتيجية طرأ على خطاب الرئيس الفلسطيني تحكمه تطورات مسار المحادثات مع الحكومة “الإسرائيلية" التي تخرج من عثرة لتقع في أخرى، فيما أفق السلام لا ينفك يضيق على آمال الفلسطينيين. التعديل أيضاً محكوم بمسار التحضيرات للقاء السلام المجهول الموعد والبرنامج والنتائج، ولا سيما أن التقليل من التوقعات بشأنه بات سمة التصريحات “الإسرائيلية" والأمريكية، وهو ما لا يتطابق مع رغبة السلطة الفلسطينية، التي كانت تعوّل في المرحلة الأولى من إعلان اللقاء على إنجاز ما تقدّمه إلى الشعب الفلسطيني تبرّر به خطوات “نزع الأسلحة"، التي كانت بدأت بها حكومة سلام فياض فور تسلمها السلطة التنفيذية في الضفة الغربية. أمام واقع الفشل الذي يلوح في أفق اللقاء الدولي لا بد من خيارات ثانية والتراجع عن “وضع كل البيض" في السلة الأمريكية لحفظ طريق العودة إلى الداخل الفلسطيني، الذي سيتعاطى مع أي إخفاق جديد على أنه فشل لنهج الرئيس الفلسطيني وسلطته الحاكمة في رام الله، وبالتالي من الممكن أن يحسب بأنه “سقطة أخرى"، وربما نهائية، لحركة “فتح"، ويفتح الطريق لتوسّع النهج الآخر المتمثل في حركة “حماس". مثل هذا السيناريو لا شك ماثل في ذهن الرئيس الفلسطيني والقيادات التاريخية لحركة “فتح"، وهو ما استدعى تغيير الاستراتيجية، فما تسرّب عن تحذير أبو مازن، خلال لقائه مع وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس أخيراً، من انتفاضة جديدة، يشبه إلى حدّ بعيد استراتيجية الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، مع الفارق أن عباس غير ممسك بزمام الوضع على الأرض، ولا سيما أن السياق التنظيمي لحركة “فتح" يفتقد التراتبية بفعل الفوضى التي تشهدها الحركة، وبالتالي فأي تحرك شعبي يريده عباس لا يمكن أن يحصل بمعزل عن “حماس" القادرة على التحكم، على الأقل، بشارعها. هذه الاستراتيجية المفترضة تؤمّن لعباس هدفين في آن واحد، فهو من جهة يؤمن ضغطاً شعبياً على “إسرائيل" والإدارة الأمريكية، ومن جهة ثانية تخوّل عباس استيعاب أي انتفاضة، كان من المفترض أساساً أن تستهدفه. عن صحيفة الخليج الاماراتية 28/10/2007