هداف الدوري السعودي.. رونالدو يواصل مطاردة ميتروفيتش وبنزيما    وزير الدفاع ينيب قادة الجيوش الميدانية والمناطق العسكرية لوضع أكاليل الزهور على قبر الجندى المجهول    جنرالات النصر    11.7 تريليون جنيه ودائع مصريين وزيادة 181% في حساباتهم بالبنوك مقارنةً بعام 2016.. «البنك المركزي» يفحص 3210 شكاوى وطلبات    وزارة السياحة: انطلاق رحلة ركوب الدراجات الهوائية من الغردقة إلى مرسى علم    غدا إجازة بأجر للعاملين بالقطاع الخاص بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر    زيادة إنتاج الغاز فى «باشروش».. و«توتال» تستعد لمناطق جديدة ..بدوى: شراكة مع شركات البترول العالمية وتسريع ضخ الاستثمارات    يسيطر عليها من رقم السيارة.. أساليب اختراق جديدة تغير قواعد اللعبة    الجيش الفرنسي يشهد حالة تأهب قصوى، اعرف السبب    مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق: مصر تلعب دور تاريخي في دعمها للبنان    الادّعاء الروسي يطالب بسجن "مرتزق" أمريكي 7 سنوات    مسؤول سابق بالبنتاجون: «بايدن» يدعو دائما لوقف إطلاق النار في غزة وجنوب لبنان    الرئيس يتلقى التهانى بمناسبة ذكرى نصر أكتوبر    أودينيزي يعود للانتصارات من بوابة ليتشي    «الدَّين» القاتل    "مكنش قصدى"، مقتل عامل على يد والده فى سوهاج    حالة الطقس بمحافظة البحيرة غدًا الأحد 6-10-2024    فرق مهرجان الإسماعيلية للفنون الشعبية تزور منطقة البحيرات المرة (صور)    يوم المعلم العالمي.. كيف يتبنى كل برج دور المعلم    الغيطانى وقبضايا وفاروق يوثقون لحظات النصر بالكلمة والصورة    نشوى مصطفي تغادر المستشفى غدا بعد تركيب 3 دعامات في القلب    طريقة عمل أم علي في البيت بأقل التكاليف    كيف تمنع ارتفاع مستويات السكر بالدم بطرق بسيطة من المنزل؟    الزمالك يسابق الزمن لتفادي إيقاف القيد مجددا    النني يفتتح أهدافه مع الجزيرة في الدوري الإماراتي    رواتب تبدأ من 6500 جنيه.. رابط التقديم على فرص عمل في القاهرة والتخصصات المطلوبة    قبرص: وصول أول رحلة تُقِل مواطنين أستراليين من لبنان    نادٍ إنجليزي جديد يزاحم ليفربول على ضم عمر مرموش    إصابة 13 شخصًا فى حادث انقلاب سيارة بالإسماعيلية    «الإفتاء» تنظم البرنامج التدريبي «التأهيل الفقهي» لمجموعة من علماء ماليزيا    الصحة: فريق الحوكمة والمراجعة الداخلية يتفقد مستشفى الغردقة العام ويحيل واقعة تقصير للشئون القانونية    إسرائيل تشن 5 غارات على ضاحية بيروت الجنوبية خلال الساعة الأخيرة    عاجل.. تأجيل إعادة محاكمة متهم بتفجير فندق الأهرامات الثلاثة لحضور المحامي الأصيل    نقابة المهن الموسيقية ترعى مؤتمر الموسيقى والمجتمع في جامعة حلوان    وزير الصحة: حملة 100 يوم صحة قدمت أكثر من 103 ملايين خدمة مجانية خلال 65 يوما    بعد انطلاق فعالياته.. 5 أفلام مصرية تشارك في مهرجان وهران السينمائي    خلال 24 ساعة.. تحرير 534 مخالفة لغير الملتزمين بارتداء الخوذة    «إسلام وسيف وميشيل».. أفضل 3 مواهب في الأسبوع الخامس من كاستنج (فيديو)    رئيس الضرائب توضح تفاصيل جديدة بشأن إصدار فواتير إلكترونية    الكنيسة الأرثوذكسية تهنئ الرئيس والمصريين بذكرى نصر أكتوبر    التضامن تسلم 801 وحدة سكنية للأبناء كريمي النسب في 12 محافظة    خبيرة: مشروع رأس الحكمة أحدث استقرارا نقديا انعكس إيجابيا على مناخ الاستثمار    موعد مباراة منتخب مصر ضد موريتانيا في تصفيات أمم أفريقيا    في حوار من القلب.. الكاتب الصحفي عادل حمودة: "أسرار جديدة عن أحمد زكي"    شاهندة المغربي: أتمنى تحكيم مباراة الأهلي والزمالك في دوري الرجال    أكاديمية الشرطة تستقبل وفدا من أعضاء الهيئات الدبلوماسية بمجلس السلم والأمن    فرد الأمن بواقعة أمام عاشور: ذهبت للأهلي لعقد الصلح.. واللاعب تكبر ولم يحضر (فيديو)    تخفيضات 10%.. بشرى سارة من التموين بشأن أسعار السلع بمناسبة ذكرى أكتوبر    السد يعلن تفاصيل إصابة يوسف عطال.. ومدة غيابه    رئيس جامعة الأزهر: الله أعطى سيدنا النبي اسمين من أسمائه الحسنى    فضل الصلاة على النبي محمد وأهميتها    تقرير أمريكي: السنوار اتخذ مواقف أكثر تشددا.. وحماس لا ترغب في المفاوضات    حاول إنقاذه فغرقا معًا.. جهود مكثفة لانتشال جثماني طالبين بهاويس الخطاطبة بالمنوفية (أسماء)    «تنمية المشروعات» يضخ 2.5 مليار جنيه تمويلات لسيناء ومدن القناة خلال 10 سنوات    بمناسبة اليوم العالمي للمعلم.. رسالة مهمة من وزير التربية والتعليم    إشراقة شمس يوم جديد بكفر الشيخ.. اللهم عافنا واعف عنا وأحسن خاتمتنا.. فيديو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 5-10-2024 في محافظة البحيرة    رئيس جامعة الأزهر: الحروف المقطعة في القرآن تحمل أسرار إلهية محجوبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحو تكتل دولي لمنع نشوب حرب عالمية ثالثة
نشر في محيط يوم 27 - 10 - 2007


نحو تكتل دولي لمنع نشوب حرب عالمية ثالثة
عبد المالك سالمان
هل اقتربت ساعة الصفر بالنسبة للقرار الأميركي بشأن الحرب ضد إيران؟ وما الذي يمكن أن نفعله ويفعله العالم من حولنا لمنع نشوب هذه الحرب المدمرة التي لن تقتصر نتائجها الكارثية على إيران بل ستمتد إلى عموم منطقة الخليج وربما الساحة الدولية كلها على النحو الذي بات يخشى في ظله أن يكون شن الحرب ضد إيران بداية لحرب عالمية ثالثة كما تحدث عن ذلك صراحة الرئيس الأميركي جورج بوش مؤخرا؟
في تقدير خبراء استراتيجيين في أميركا والغرب ، وفي منطقة الخليج ، فإن ادارة بوش قد اتخذت بالفعل قرار شن الحرب على إيران منذ منتصف الصيف الماضي، وان الموعد المرجح لشن هذه الحرب يبدأ من منتصف يناير القادم في 2008، وبعد انتهاء إجازات أعياد الميلاد وعيد الأضحى في البلدان العربية والإسلامية والاحتفالات بالعام الميلادي الجديد.
ومن الآن فصاعدا ، فإن ما ستقوم به الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون هو إعداد المسرح العالمي لفكرة شن الحرب ضد إيران ، وتقديم الذرائع والمبررات التي تجعل من قرار شن الحرب أمرا لا فكاك منه ولا بديل عنه أمام صانع القرار الأميركي.
وفي هذا السياق هناك عدة مؤشرات على سلامة هذا التحليل التي تؤكد ان التوجهات الأميركية خاصة على صعيد إدارة بوش قد باتت محسومة بشأن استخدام الخيار العسكري ضد ايران ، ونرجو ألا تظل طهران تخطئ الحسابات الاستراتيجية والسياسية والعسكرية بشأن مسألة الحرب على الطريقة الصدامية، حيث ظل صدام يعتقد حتى اللحظات الأخيرة ان التهديدات الأميركية بشأن شن الحرب ما هي إلا "تهويش" إلى أن وقعت الحرب فعلا.
من المؤشرات التي نشير إليها في هذا الصدد ما يلي: أولا: ازدياد حدة ووتيرة التصريحات والتلويحات الأميركية بشأن اللجوء إلى الخيار العسكري، ويلفت النظر هنا اضطلاع كبار قادة الإدارة الأميركية بالجانب الأبرز في هذه التصريحات وعلى رأسهم كل من الرئيس الأميركي جورج بوش نفسه، ونائبه ديك تشيني الذي يعد المحرك الأساسي لخيار شن الحرب داخل إدارة بوش.
وقد لاحظنا في الآونة الأخيرة، كيف تحدث بوش عن أن الحرب على إيران يمكن أن تؤدي إلى نشوب حرب عالمية ثالثة، مع أن هذا يبدو احتمالا بعيدا نظريا إلا إذا دخلت قوى نووية كبرى في الحرب مع إيران مثل روسيا أو الصين مثلا ضد أمريكا والغرب لكن استبعاد هذا الاحتمال أيضا أمر لا يتسم بالمنطقية أو العقلانية، فقد تؤدي تداعيات الحرب في مرحلة عاجلة أو لاحقة إلى تهديد مصالح استراتيجية حيوية كبرى للصين أو روسيا مثل تهديد امدادات النفط لهذه الدول أو وقوع هجوم مباغت على احدى القواعد العسكرية لروسيا أو الصين، يقود الى الرد على الهجوم وهو ما يستتبع نشوب حرب عالمية قد تكون نووية أيضا.
ومن هنا، فان كان احتمال اندلاع حرب عالمية ثالثة بسبب الهجوم العسكري على ايران يبدو احتمالا محدودا اذا ظلت دائرة الحرب بين ايران وأميركا مثلا، إلا ان تداعيات الحرب لا يمكن توقعها تماما، وهي ما قد تفضي إلى وقوع حدث لم يكن متوقعا يؤدي تاليا إلى انفجار صراع دولي على مستوى القوى العظمى خاصة من جانب تلك التي باتت تضيق ذرعا بسياسات الهيمنة والاستفراد الأميركي بالقرار الدولي.
وفي تقديرنا إذا كان الهدف الظاهر لتصريح بوش بشأن الحرب العالمية الثالثة هو محاولة التهويل من خطورة ايران وتهيئة الرأي العام الاميركي بالأساس لتقبل قرار الحرب في ظل حالة غياب وجود شعبية لقرار الحرب داخل أميركا وخاصة بعد كارثة التورط الأميركي في العراق، إلا ان ذلك لا ينفي امكانية ان يكون تصريح الرئيس الاميركي بوش بشأن احتمالات نشوب حرب عالمية ثالثة قد جاء بناء على تقديرات استراتيجية استخباراتية لأجهزة المخابرات الأميركية توقعت احتمالات حدوث ذلك. ومن هنا، أهمية النظر الى التصريح الأميركي بكل الجدية. يضاف إلى ذلك أهمية النظر بجدية أكثر الى تصريحات نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني الذي حذر ايران من عواقب وخيمة في انتظارها إذا لم توقف تخصيب اليورانيوم، وتأكيده ان العالم لن يسمح لإيران بأن تصبح قوة نووية.
ثانيا: ان تصريحات وزير الخارجية برنار كوشنير عن ضرورة الاستعداد لقرار الحرب ضد ايران والتي جاءت في أواخر الصيف الماضي، والتي اقترنت بتصريح سابق للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي من ان الحرب ستصبح أمرا مرجحا خلال ستة شهور إذا لم توقف ايران عمليات تخصيب اليورانيوم، هما تصريحان يرجحان ان ادارة بوش قد أخبرت القيادة الفرنسية بالموعد المرجح لشن الحرب ضد ايران، وهو بعد مرور 6 أشهر من الصيف أي بدءا من يناير 2008م.
ثالثا: ان القيادات الغربية الرئيسية سواء في أميركا أم فرنسا أم بريطانيا أم ألمانيا، كلها تتحدث في الآونة الأخيرة عن الخيار العسكري ضد ايران باعتباره أمرا لابد منه إذا فشلت محاولات نزع الأزمة النووية مع إيران عبر المفاوضات قبل نهاية عام 2007، وهو الأمر الذي يبدو الفرصة الأخيرة لطهران لاتخاذ خطوات تقود إلى تجنب خيار الحرب قبل أن تتجه الدول الغربية لاعلان فشل المساعي الدبلوماسية ودفع مجلس الأمن لتشديد العقوبات الاقتصادية على ايران وسيكون ذلك بدءا من نهاية نوفمبر القادم حيث سيقدم كل من محمد البرادعي تقريره لمجلس الأمن عن مسار المراقبة والتفتيش مع ايران وتقييم الوكالة لأجوبة ايران على الأسئلة التي قدمتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن بعض النقاط الغامضة في البرنامج النووي الايراني، وسيواكب ذلك تقرير مفوض العلاقات الخارجية في الاتحاد الأؤروبي خافيير سولانا عن حصاد المفاوضات مع ايران.
وهناك مخاوف من انهيار المساعي الدبلوماسية بعد الاستقالة المفاجئة لكبير المفاوضين الايرانيين علي لاريجاني على خلفية خلافات مع الرئيس الايراني المتشدد أحمدي نجاد، وتشير الدلائل إلى أن ذلك يعود الى خلافات عميقة بين نجاد ولاريجاني بشأن كيفية إدارة ملف المفاوضات مع الغرب. ففي حين كان لاريجاني يميل إلى ابرام صفقة للتعاون السياسي والاقتصادي مع الغرب في ظل المحفزات التي قدمها سولانا، مقابل التراجع في البرنامج النووي، يبدو ان نجاد يرفض تقديم تنازلات ويعتبر ألا تراجع في البرنامج النووي الايراني، وهو أمر سيفضي بايران إلى كارثة الحرب، لأن نجاد وبحسب تصريحاته المتكررة يبني توجهاته على أساس ان أميركا والغرب لن يكونوا قادرين على شن الحرب ضد إيران، ولهذا فلا داعي لتقديم تنازلات.
وهذا دليل على خطأ حسابات نجاد وعدم قدرته على قراءة الموقف الدولي بصورة سليمة فضلا عن عدم قدرته على فهم دوافع أقطاب إدارة بوش بشأن شن الحرب ضد إيران، والتي تحركها نوازع غير عقلانية وغير منطقية وانما بواعث لاهوتية ايديولوجية تتعلق بحماية أمن اسرائيل، والتحرك لصد أي تهديد محتمل لأمنها حيث هناك خشية من أن حصول إيران على القنبلة النووية سوف يكسر احتكار اسرائيل للسلاح النووي في الشرق الأوسط وهو ما يضعف من هيمنة اسرائيل الاقليمية ويهدد أمنها وبقاءها على المدى البعيد.
ويضاف الى ذلك دوافع وبواعث اقتصادية ومصلحية لأقطاب إدارة بوش تتعلق بالتحالف مع لوبي مصالح المجمع الصناعي العسكري في أميركا والذي يحرض على شن مزيد من الحروب في الخارج لضمان ازدهار مصالحه في تغذية صعود القطاع العسكري - الصناعي، ويتمم هذا تحالف إدارة بوش تشيني مع أقطاب صناعة النفط في أميركا والرغبة في الهيمنة على نفط الخليج والعراق وإيران بما يضعف في احد نتائجه قوة روسيا النفطية، وإبقاء سوق النفط العالمية تحت هيمنة الغرب وأميركا.
رابعا: لقد عاد أيهود أولمرت مؤخرا من جولة غربية شملت موسكو أيضا، وأعرب عن ارتياحه لتصميم الدول الغربية على منع إيران من امتلاك السلاح النووي، ويبدو أنه قد سمع تطمينات من موسكو التي بنت معظم المفاعلات النووية الإيرانية تفيد بأن روسيا ضد امتلاك إيران للسلاح النووي أيضا، وقد شن أولمرت هجوما ضد محمد البرادعي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية لأنه قال ان إيران أمامها ما لا يقل عن ثلاثة أعوام حتى يكون بإمكانها أن تكون قادرة على صنع سلاح نووي، أي ان إيران لا تشكل خطرا نوويا وشيكا.
والملاحظ أن إدارة بوش واسرائيل لا ترتاح للتأكيدات التي تصدر عن وكالة الطاقة الذرية وخاصة بلسان مديرها محمد البرادعي والتي تؤكد ان البرنامج النووي الايراني لم يبلغ المراحل والأخطار التي يبالغ بها الغرب، وذلك لأن هذه التطمينات تحرج الحملات الأميركية الصهيونية للاسراع بقرار شن الحرب وتؤثر سلبا على محاولات الحشد الإعلامي والسياسي لتأييد قرار الحرب ضد إيران. لكن المؤكد ان العواصم الغربية بدأت تستعد لفكرة شن الحرب ضد إيران على انها مسألة باتت محتومة، وفي هذا السياق، تشير التقارير الى أن موسكو قد أبلغت طهران، مؤخرا، بأن عليها أن تأخذ التهديدات الغربية بشأن الحرب على محمل الجد، لأن هناك تحضيرات تتم لشن هجوم قريب على إيران.
وهو ما نشرته صحيفة "لوكانرنشنيه" الروسية في 26 سبتمبر الماضي، حيث أشارت الى ان معلومات استخباراتية أكدت ان الرئيس الروسي بوتين قد أشار الى الإيرانيين بضرورة "التيقظ والحذر من أن حربا يجري الإعداد لها ضد إيران".
ولعل ما يفسر رضا أولمرت عن التطمينات الغربية التي أعطيت له هو موافقة الغرب على استمرار احتكار اسرائيل للسلاح النووي في المنطقة، وان عجلة الإعداد للحرب قد بدأت بما يستجيب للضغوط الاسرائيلية والصهيونية في هذا الشأن، حيث كانت الدوائر الصهيونية تخشى أن يتراجع بوش في عامه الأخير لحسابات تتعلق بوضع الحزب الجمهوري في الانتخابات الأميركية أو الورطة الأميركية في العراق، عن قرار شن الحرب ضد إيران ، أو بتأثير من ضغوط الديمقراطيين في الكونجرس الذين لا يريدون شن الحرب وبدأوا يتحدثون عن ضرورة أخذ موافقة الكونجرس أولا على أي قرار جديد بالحرب.
لكن أحد أقطاب المحافظين الجدد في واشنطن وهو نورمان بودهوريتز التقى بوش مؤخرا مدة 45 دقيقة لحثه على اتخاذ قرار الحرب ضد إيران، وخرج من اجتماعه مع بوش ليؤكد لوسائل الإعلام ان بوش سوف يشن الحرب ضد إيران قبل نهاية ولايته الرئاسية الثانية ومغادرته البيت الأبيض.
خامسا: من المؤشرات التي تؤكد قرب شن الحرب على إيران قيام اسرائيل، مؤخرا، بإعداد مقر جديد لوزارة الدفاع الاسرائيلية في تل أبيب تحت الأرض وبتحصينات دفاعية متقدمة وذلك تجنبا لأي هجمات صاروخية قد تستهدف مقر وزارة الدفاع الاسرائيلية سواء من جانب إيران، أو من جانب "حزب الله اللبناني"، إذا ما تم ضرب إيران، يضاف إلى ذلك قيام اسرائيل بنشر درع من صواريخ (باتريوت آرو) المطور والمضاد للصواريخ والقادرة على اعتراض أكبر عدد ممكن من الصواريخ التي يمكن أن يتم تصويبها نحو اسرائيل.
وفي سياق آخر، أبلغ مسئول خليجي كبير صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية، مؤخرا: "ان الولايات المتحدة باتت مصممة على ضرب إيران، واننا نجري اجتماعات في الكواليس مع الأميركيين لبحث ذلك، فلقد أصبح الأميركيون يراهنون على الخيار العسكري وهم غير جادين في الاعتماد على الخيار الدبلوماسي".
ومن هنا يتضح لنا، ان كل التصريحات الغربية والأميركية حول نزع فتيل أزمة الملف النووي الايراني دبلوماسيا ما هي إلا لذر الرماد في العيون ومن أجل الخداع الدبلوماسي والإعلامي وتبرير قرار الحرب تاليا عبر الزعم بأن المساعي الدبلوماسية قد وصلت إلى طريق مسدود.
سادسا: لقد قال سيمورهيرش الصحفي الأميركي البارز المعروف بصلاته القوية بمصادر معلومات استخباراتية في أميركا داخل (السي.اي.ايه) والبيت الأبيض والبنتاجون ان مصادر مقربة من إدارة بوش قد أخبرته ان بوش قد انحاز الى تشيني في قرار الحرب ضد ايران، ضد الفريق الذي يضم كونداليزا رايس وروبرت جيتس وزير الدفاع اللذين يعارضان شن الحرب ضد إيران، وتوقعت تلك المصادر قرب استقالة رايس وجيتس حتى لا يتحملا المسئولية عن قرار الحرب الجديد ضد إيران.
وفي ذات الوقت كتب سيمورهيرش في مجلة "النيويوركر" مؤخرا يقول: "ان مسئولين سابقين في وكالة المخابرات المركزية قد أخبراني ان جهاز السي. اي. ايه قد قام مؤخرا بتوسيع نطاق الوحدة المكلفة بالتخطيط للعمليات في ايران، وقالا: انهم ينقلون الجميع الى الوحدة المكلفة بإيران، انهم يأتون بالكثير من المحللين ويعيدون مراجعة كل شيء، ان الأمر أشبه بخريف 2002، أي الأشهر التي سبقت غزو العراق، عندما أصبحت مجموعة العمليات في العراق هي الوحدة الأكثر أهمية في السي. اي. ايه".
ووسط كل هذه المؤشرات التي تؤكد قرب شن الحرب ضد إيران، فإن مؤشرا وحيدا يشير إلى إمكانية عدم قدرة بوش على شن الحرب ضد إيران، وهو ما يتعلق بما خرج من تسريبات من داخل صفوف كبار قادة الجيش الأميركي الذين يعارضون شن الحرب ضد إيران ويخشون أن تلحق مهانة جديدة بالجيش الأميركي بعدما حدث للجيش الأميركي في العراق، وإذا ما تعاظمت مشاعر الرفض بين كبار الجنرالات الأمريكان لقرار الحرب فقد يؤدي ذلك إلى تراجع إدارة بوش قليلا لكن هذا ليس مضمونا في كل الأحوال لأن إدارة بوش سوف تبحث عن جنرالات ينفذون قرار الحرب إلا إذا اتخذ الرفض داخل العسكريين الأميركيين شكل حالة تمرد شاملة على القيادة السياسية الأميركية، وهو أمر غير متوقع، والأرجح أن يتم تنحية الجنرالات المعارضين للحرب والاتيان بجنرالات مستعدين لتطبيق ارادة بوش وتشيني. في ضوء كل هذه الوقائع، تبدو الحاجة ملحة لتحرك دولي من أجل بلورة تكتل عالمي مناهض لهذه الحرب المدمرة الوشيكة ضد ايران، والتي ستودي الى كوارث عالمية شاملة.
ففي ظل الرغبة الأميركية المحمومة لحسم الحرب سريعا والقضاء على القوة العسكرية الإيرانية وتدمير المنشآت النووية الإيرانية والرغبة في إرغام النظام على الاستسلام والخضوع للإرادة الأميركية، لا يستبعد كثير من المراقبين أن تلجأ إدارة بوش إلى استخدام قنابل نووية تكتيكية لسرعة تحقيق استسلام النظام الإيراني على الطريقة اليابانية، وهذا يفسر لنا أيضا المحاولات الأميركية للتهويل من قدرات إيران العسكرية مثل حديث بوش عن أن الصواريخ الإيرانية طويلة المدى ستكون قادرة على الوصول إلى الأراضي الأميركية بحلول عام 2015، بما يوحي أن إيران أصبحت قوى عظمى خطيرة على الطريقة الهتلرية يجب وضع حد لها، ويدخل في ذلك تشبيه أحمدي نجاد بهتلر لإثارة فوبيا الرعب في الغرب لتبرير الحرب وشدة القوة التدميرية للأسلحة المستخدمة فيها.
وهذا ما يجب على القيادات في إيران الانتباه إليه، وعدم الاغترار بالقوة الإيرانية والحديث عن إطلاق 11 ألف صاروخ في دقيقة واحدة وغير ذلك، لأن موازين القوى العسكرية في نهاية المطاف ليست في صالح إيران، وأميركا لن تقبل أن تهزم عسكريا أمام إيران، حتى لو اضطرت لاستخدام الأسلحة النووية، والمؤكد أن أميركا تعرف ما لدى إيران من قدرات عسكرية جيدة، ولهذا قد تبادر إلى استخدام أسلحة فتاكة لإنهاء الحرب سريعا.. فهل القيادة الإيرانية على استعداد لتحمل مغامرات "مجانين الحرب" في واشنطون كما عبر عن ذلك ذات مرة محمد البرادعي؟
ان أخطر ما يواجه المنطقة هو استمرار القيادة الإيرانية في العناد بشأن برنامجها النووي من دون اجراء قراءة حصيفة وحكيمة لمخاطر توجهات أركان إدارة بوش بشأن الحرب المحتملة ضد إيران. وفي هذا الاطار، فان استخدام أسلحة ذرية في الحرب من جانب أميركا سيؤدي إلى كارثة نووية ستدفع كل شعوب المنطقة بما فيها روسيا ثمنا باهظا لها نتيجة التلوث النووي المرجح، ومن هنا ضرورة أن تستخدم روسيا ثقلها لمنع نشوب هذه الحرب المدمرة، التي ستضر موسكو من جوانب كثيرة.
ومن جانب آخر، وعلى الصعيد الاقتصادي، فان أي حرب ضد إيران ستؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط على نحو دراماتيكي، وتذهب أكثر التقديرات الآن الى أن سعر برميل النفط سوف يرتفع إلى 200 دولار للبرميل الواحد مرشحة للصعود إلى نحو 400 دولار إذا استمرت الحرب طويلا، وحصلت أزمة في الامدادات النفطية الدولية إذا تم اغلاق مضيق هرمز مثلا لفترة طويلة. وهو أمر سيقود إلى انهيار اقتصادي عالمي وتضخم في الأسعار لن تستطيع الاقتصادات الدولية تحمل عواقبه.
ومن هنا، ضرورة المسارعة إلى بلورة جبهة عالمية عريضة تضم كافة القوى والفعاليات الشعبية والمنظمات العالمية الداعية إلى السلام وكافة قطاعات الأعمال والأحزاب والمثقفين ورموز الفائزين بجوائز نوبل لتشكيل تكتل دولي يمثل (ضمير العالم) للتصدي لهذه الحرب المدمرة الزاحفة. فمن المشين لهذا العالم ان يستسلم لإرادة حفنة من أعداء الحضارة الإنسانية من مجانين الحرب تضم حفنة المحافظين الجدد واللوبي الصهيوني وهم الفريق الأساسي المحرض لشن الحرب ضد إيران.
ومع ان الوقت المتبقي على الموعد المحتمل لشن الحرب بات محدودا (حوالي أقل من ثلاثة أشهر)، لكن الملاحظ أن الحركة الدولية المناهضة لهذه الحرب المدمرة مازالت حركة محدودة للغاية. وإذا كانت الحركة العالمية المناهضة للحرب ضد العراق قد فشلت في وقف عجلة الحرب، فان الأوضاع الدولية الآن باتت مختلفة فإدارة بوش التي ثبت كذبها بشأن كل شيء يتعلق بالحرب ضد العراق، لم تعد تمتلك أية مصداقية، كما أن فشلها في العراق أضعف موقفها داخل أميركا، ولا يوجد الآن كونجرس مساند لإدارة بوش كما كان الحال عليه عام 2002م.
ولذلك نعتقد انه مع تكثيف الجهود الشعبية والاعلامية والسياسية لقوى السلام في العالم كله وخاصة داخل أميركا، فان هناك فرصة أكبر لمحاصرة صقور الحرب والنجاح في محاصرة دعاة شن الحرب في إدارة بوش. لكن نجاح أي جهود جماهيرية أو سياسية لمنع شن الحرب ضد إيران، يتطلب أيضا أن تظهر القيادة في ايران حكمة وعقلانية عالية ومرونة كبيرة تستجيب للجهود السلمية الدولية لنزع فتيل الأزمة والتراجع عن المواقف المتصلبة بشأن البرنامج النووي الإيراني، بما يساعد على قطع الطريق أمام دعاة الحرب، ويوفر أجواء مناسبة لجعل تنفيذ قرار الحرب صعبا، الأمر الذي سيكون انتصارا للحضارة والإنسانية ومستقبل السلام في العالم كله.
عن صحيفة الوطن العمانية
27/10/2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.