خطورة الكيان الكردي عبد الزهرة الركابي اتهم الجيش التركي أكراد العراق بمساعدة المتمردين من حزب العمال الكردي التركي الذين يتخذون من شمال العراق ملاذاً لهم، وقال الجنرال حسن ايغزيس نائب قائد الجيش: “إننا لا نتلقى أي تعاون من حكومة شمال العراق ضد المتمردين، ناهيك عن الدعم الذي يقدمونه للمتمردين كالقدرات المتعلقة بالهياكل الأساسية كالمستشفيات والطرق وغيرهما". ويأتي الاتهام التركي الأخير إثر هجوم عناصر حزب العمال على الجيش التركي الذي أسفر عن مقتل 15 جندياً. وعليه، يخطئ من يعتقد أن خطورة الكيان الكردي في شمال العراق تقتصر على هذا البلد المحتل وحسب، وإنما الخطورة تشمل بشكل أوسع الدول الإقليمية وخصوصاً تركيا وإيران وسوريا، كما أنها تعطي مساحة أوسع للكيان الصهيوني كي يطبق كماشته على الأمن القومي العربي نظراً للعلاقة القائمة بين الأكراد وهذا الكيان منذ حقبة الستينات من القرن الفائت، وبعبارة أوضح إن خطورة الكيان الكردي تطال الدول الإقليمية على صعيدي الأمن الداخلي والأمن القومي، وإن تداعيات انفصال الأكراد غير المعلن عن العراق، سوف تُحدث خللاً استراتيجياً في وحدة واستقرار الدول الإقليمية ذات الامتداد الديمغرافي الكردي مستقبلاً، من واقع أن الأكراد عموماً تحدوهم نزعات قومية انفصالية، وهي نزعات تقف حائلاً بوجه تماهيهم مع الأطياف والمكونات المجتمعية في هذه البلدان، مع التنويه بأن بعض هذه البلدان ارتكبت أخطاء استراتيجية مقابل تحقيق مصالح مرحلية، وتحديداً فإن تركيا مارست سياسة مزدوجة حيال أكراد العراق، عندما سمحت للشركات التركية ببناء معظم الهياكل الأساسية للكيان الكردي. لذا، فخطورة الكيان الكردي إذا قام تتمحور في أبعاد عدة، أنها ستؤدي الى تقسيم للعراق، وإلى اضطرابات وربما تقسيم في أكثر من دولة مجاورة، وكذلك اندلاع حرب عرقية في أكثر من بلد في المنطقة، وخصوصاً العراق وتركيا، وما ينجم عن ذلك من تغيير في الخريطة الإقليمية، وأكثر المستفيدين منه هم أمريكا و"إسرائيل"، بينما أكثر المتضررين منه هم العرب الذين سيفقدون العمق العراقي في معادلة الصراع المركزي بينهم وبين العدو “الإسرائيلي" الذي سيجد نفسه أكثر حرية ومناورة في الالتفاف على دول الطوق العربي من خلال الكيان الكردي في شمال العراق. في تقرير تحت عنوان “الحكم السيئ للبارزاني" نشرته مجلة “وورلد بوليتكس ريفيو" يعتبر (سام بارنين) الزميل في برنامج الأمن العالمي بمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية في واشنطن، واحة الاستقرار في شمال العراق كما يسمّيها بأنها تشكل مصدراً متزايداً للاضطراب بسبب الحكم السيئ للبارزاني رئيس الحكومة الكردية في شمال العراق. ومسعود البارزاني هو نجل الملا مصطفى البارزاني عراب العلاقات الكردية “الإسرائيلية"، كما كان وزير الدفاع في حكومة مهاباد الكردية الإيرانية التي أعلنت انفصالها في أربعينات القرن العشرين، لكن حكم الشاه استطاع القضاء على هذا الانفصال وإعدام زعماء هذه الحكومة الانفصالية بمن فيهم رئيس (جمهورية مهاباد) القاضي محمد، في حين أن مصطفى البارزاني تمكن من الهرب الى الاتحاد السوفييتي، إلى أن حثه عبدالكريم قاسم على العودة للعراق، وهو ما تحقق في مطلع الستينات، وبعد ذلك قام البارزاني بالعصيان والتمرد المسلح في شمال العراق ومن ثم توثقت علاقاته المعروفة ب"إسرائيل". وبعد أن آلت الوراثة الى ابنه مسعود في هذا المضمار، أمضى السنوات الخمس الفائتة في تركيز السلطة في أربيل ومحاولة فرض نفوذها، ودفعه باتجاه المزيد من الانفصال عن العراق، وفيها قام البارزاني بالتركيز على عقد صفقات نفطية بعيداً عن سيطرة حكومة المنطقة الخضراء في العاصمة بغداد، وفي الوقت نفسه رفض التعاون مع تركيا لمنع عناصر حزب العمال الكردي التركي من الانطلاق من الأراضي العراقية الخاضعة لسيطرة جماعته، بغرض مهاجمة أهداف محددة في داخل الأراضي التركية، ومن ضمنها الهجوم الأخير. عن صحيفة الخليج الاماراتية 13/10/2008