11 ألف صاروخ في الدقيقة عبد الرحمن الراشد صحيح انه لم يتردد صدى قوي لتهديد احد جنرالات الحرس الثوري الإيراني، عندما حدد انه سيضرب قواعد العدو بأحد عشر ألف صاروخ في الدقيقة، في حال هوجمت بلاده. لم ترمش له عين لأن المنطقة معتادة على التهديدات والصواريخ والدعاية العسكرية الصاخبة، لكنها أكملت الصورة. فالرئيس الاميركي حذر من أن تمكين إيران من السلاح النووي سيوصل العالم إلى الحرب العالمية الثالثة. هي جملة قيلت بعناية ولم تكن فلتة من زلات بوش الشهيرة. إن من سوء حظ إيران أن تدفع بالأمور نحو إطلاق الصواريخ لأنها، ولو افترضنا أنها قادرة على هذا السيل الهائل من الصواريخ، تكون قد غيرت سياستها وقررت خوض الحرب بنفسها، لتدخل المرحلة الأخيرة من النزاع الذي بدأ منذ بداية الثورة. سر نجاة النظام، رغم معاداة القوى الكبرى، أن الحكومات الإيرانية السابقة رغم الدعاية العدائية دائما كانت تتجنب المواجهة. حتى في حربها مع العراق لم توسع رقعة المعارك مع أنها كانت تتهم دول الجوار العربي بتمويل العراق. وسكتت على أذى حكومة طالبان في أفغانستان، كما تجاهلت ثلاثين سنة من مضايقات أساطيل الولاياتالمتحدة لها في مياه الخليج. حرصت كل الحكومات الإيرانية الماضية على عدم التورط في مواجهات عسكرية، وفضلت عليها ممارسة الحرب بالوكالة، من خلال حزب الله اللبناني وحماس الفلسطينية. وفي اليوم الذي تقرر فيه القيادة الإيرانية إيصال الأمور إلى الحرب لن يكفيها احد عشر ألف صاروخ في الدقيقة للانتصار لأن الآلة العسكرية الاميركية قادرة على دك إيران، حتى وان لم تكسب الحرب. فمعظم القوة العسكرية الاميركية عمليا بعيدة عن دائرة صواريخها، وتملك من القدرة التدميرية ما يكفي لتخريب إيران. الجنرال محمد شهر باقي، قائد منظومة الصواريخ قال ما قاله الرئيس العراقي السابق حرفيا. قال بان إيران ستمرغ انف الاميركيين في التراب، وان الحرب ستكون قصيرة، بالفعل كانت الحرب قصيرة حيث دمر نظام صدام في أسبوعين. ولو افترضنا أن الجنرال شهر باقي قادر على ذلك، فان الاميركيين يكونون قد ادموا انفه بما فيه الكفاية وإعادة إيران مائة سنة إلى الوراء. فما الفائدة من تمريغ أنوفهم في التراب إذا كان الثمن بلدا مدمرا؟ عهدنا الحكمة الإيرانية تقول بتجنيب البلاد أي مواجهة منذ حربها مع العراق، وتمكين إيران من التأثير على المنطقة من خلال الدعاية والسياسة والأحزاب التابعة، دون الحاجة إلى إطلاق صاروخ واحد في الهواء مباشرة من داخل الأراضي الإيرانية. لقد مرت على هذه السياسة نحو عشرين عاما، افلحت في فرض الكثير من الاملاءات الإيرانية على المنطقة. أما في عهد الرئيس أحمدي نجاد فقد أقنعت دعايته الكثيرين بخطورة نوايا طهران، بمن فيهم من لا حدود له مع الإيرانيين. حتى أوروبا التي كانت دائمة تعارض أميركا في توجهاتها حيال إيران، صارت تقتنع بان منع تسلحها النووي قضية مهمة لأمن أوروبا، أيضا. عن صحيفة الشرق الاوسط 23/10/2007