أوباما وفكرة ضرب باكستان عبد الرحمن الراشد أكثر من مرة تحدث مرشح الرئاسة الأميركية باراك اوباما، الأكثر حظا بالفوز حتى الآن، بأنه لن يتردد في استهداف باكستان، لأنها حسب تقديره مثل افغانستان ملجأ للإرهابيين، ومصدر التهديد الأمني لبلاده، ومفرخة للارهاب، وغيرها من المبررات التي أيضا رددها نائبه الرئاسي جوزيف بايدن. نعلم أن اوباما صاحب خبرة محدودة في الشؤون الخارجية انما بايدن متخصص، والشؤون الخارجية مهنته الاساسية في مجلس الشيوخ، ومع هذا طرح فكرة ان باكستان، لا ايران او العراق، هي مكمن الخطر! لا اريد ان أقلل من حجم الأزمة الأمنية التي تعصف بباكستان لكن هذا البلد ليس مصدر خطر، ففيه سلطة مركزية قوية مسنودة بالجيش، ولا توجد مبررات لاختراعه هدفا لمعركة مقبلة. بل إن الحديث عن باكستان كحليف قاصر سيدفع القيادة في اسلام اباد الى التقوقع واتخاذ موقف المدافع عن وجودها، مما قد يعني كسر التحالف القديم الدائم بين باكستان والولايات المتحدة منذ اعلان استقلالها عن الهند. واذا كان انصار هذا الرأي الغريب يهولون من الوضع الداخلي ويهونون من باكستان كدولة، فان عليهم ان ينتبهوا الى ان العراق مجرد نزهة مقارنة بباكستان ذات المائة وسبعين مليون نسمة، ثماني مرات حجم سكان العراق. عدا ان باكستان دائما دولة حليفة، لا صديقة فقط. ومن المفهوم ان هناك قلقا حول تنامي الارهاب في هذه الدولة النووية التي ينظر اليها كبوابة الشرق الاوسط، وخوف من اضطراب الوضع السياسي الذي اقصى حتى الآن أهم زعيمين في هذا العام لوحده، بنازير بوتو قتلت وبرويز مشرف أقيل من الرئاسة. لكن هذا كله لا يبرر اعتبار باكستان خطرا يجب ردعه. يفترض اوباما انه اذا ثبت وجود زعيم القاعدة في باكستان وان الحكومة هناك عاجزة او رافضة ملاحقته فانه سيأمر بالهجوم على اراضيها، رغما عنها، وسيسعى لقتل ابن لادن. طبعا، هذا حديث افتراضي ربما يهدف الى إقناع الناخبين بان اوباما زعيم مقدام وليس كما يشاع عنه انه متخاذل في مصالح بلاده. لكن ترديد كلمة باكستان في المناظرات والخطب والاحاديث يجعل المرء يخاف انها سياسة لا دعاية انتخابية. والتناقض ان اوباما الذي اشتكى من سياسة الرئيس جورج بوش، موضحا ان أميركا تنفق في ثلاثة اسابيع في العراق اكثر مما تنفقه في خمس سنوات في افغانستان، مطالبا برفع الاهتمام عسكريا وسياسيا واقتصاديا. نسي ان باكستان جزء اساسي من القصة الافغانية، ويستحيل هزيمة الارهاب هناك بدون دعم باكستان. كما ان باكستان هي ضحية العجز الاميركي في محاربة الارهاب في افغانستان حيث تسللت القاعدة الى المناطق الباكستانية وركزت عملياتها الاخيرة عليها. فهل يعقل ان تعاقب باكستان على كل ذلك؟ باكستان مفتاح مهم لقضايا عديدة في المنطقة، من بينها محاربة الارهاب، واستهدافها اليوم بالنقد والاستعراض الانتخابي المسرحي سيضعف قدراتها في وقت الجميع في حاجة الى نهاية سعيدة للأزمات القائمة لا خلق واحدة أعظم. عن صحيفة الشرق الاوسط 11/10/2008
