مطالب أميركية من روسيا د. وليد محمد السعدي حث وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس مؤخرا الدول الأوروبية على زيادة نفقات التسلح فيها غداة التوتر الحاصل بين روسيا والدول الغربية الناتج عن أزمة جورجيا، والمقصود هنا تضخيم الخلاف مع موسكو والبناء عليه بأشكال مختلفة منها طبعا زيادة النفقات العسكرية لدى المعسكر الغربي، في حين أن القيادة الروسية دأبت في الآونة الأخيرة بالكف عن التصعيد السياسي والعسكري مع دول حلف الناتو والتأكيد أن لا عودة إلى أجواء الحرب الباردة التي سادت المعسكرين الشرقي والغربي لعقود طويلة، والتي شهدها العالم أبان الحكم الشيوعي في روسيا، لا بل قال رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين مؤخرا بأنه يتطلع إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية على أنها دولة صديقة ومؤكدا أن لا عودة لأجواء الحرب الباردة التي ألقت بظلالها على العلاقات الدولية حتى زوال الدولة السوفيتية مؤخرا في عام 1990. لكن التهم المتبادلة بين البلدين العملاقين مستمرة حتما، ففي حديث جديد لوزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس، قالت أن روسيا اليوم هي غير روسيا التي عهدها العالم في التسعينيات، متهمة موسكو بأنها أصبحت أكثر شراسة وعدوانية مع الدول الغربية وخاصة الولاياتالمتحدة، وأنها تلجأ إلى استعمال البترول والغاز كأسلحة ضد جيرانها من الدول الغربية، في الوقت الذي تتهم موسكوواشنطن بأنها هي التي افتعلت أزمة جورجيا. قد يفسر المرء التصعيد الأمريكي الجديد ضد روسيا بأنها أداة سياسية مفتعلة تخدم مصالح الحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة المقبلة والتي يخوضها جون ماكين عن الجمهوريين وباراك اوباما عن الحزب الديمقراطي، لكن هذا الرأي لا يفسر التصعيد من جانب روسيا ضد الدول الغربية وخاصة الولاياتالمتحدة، والذي جاء غداة توسع حلف الناتو ليصل إلى دول مجاورة أو حتى متلاحمة ومتلاصقة حدوديا مع روسيا، والتي كانت سابقا تشكل جزءا يتجزأ مما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي، وعلى سبيل المثال انضمام أوكرانيا وجورجيا لحلف الناتو يشكل خطرا مباشرا على روسيا، مثل إنشاء قواعد عسكرية روسية على مقربة من الحدود الأمريكية خاصة إذا انتقلت لهذه القواعد أسلحة استراتيجية وأسلحة نووية متطورة. وبناء عليه يكون توسع حلف الناتو إلى دول مجاورة لروسيا هو السبب الرئيسي لتدهور العلاقات بين موسكووواشنطن بالذات، علما بان عزل الدول المجاورة لكلا البلدين العظميين عن أية تحالفات عسكرية لأي جهة ما قد يخدم الاستقرار والأمن الدولي أكثر من دمجها في مصادمات إقليمية أو دولية. عن صحيفة الرأي الاردنية 30/9/2008