إسرائيل حولت مساجد فلسطين لخمارات ومواقع تصوير للأفلام الإباحية
* عبد الرحيم ريحان
عبد الرحيم ريحان في يوليو 2007 نشرت صحيفة هآرتس تقريراً عن هدم المساجد بفلسطين جاء فيه أنه بنهاية سنة 1948 كان فى القرى العربية التى دمرت نحو مئة وستون مسجداً لم يبق منها إلا أربعون.
وأن الهدف من عمليات الهدم لم يكن إلا محو التاريخ العربى الإسلامى بفلسطين.
واقتطف التقرير عبارة جاءت ضمن تعليق ديفيد بن جوريون على هدم المساجد (نريد هدم الكل "أي المساجد"نحن نريد محو التاريخ الإسلامى) ومن هذا المنطلق كانت الدراسة العلمية المقدمة للمؤتمر الثالث عشر للاتحاد العام للآثاريين العرب الذى انعقد بليبيا الشقيقة فى الفترة من 24- 27 أكتوبر للباحث المناضل د. فرج الله يوسف تحت عنوان " صور من تهويد التراث الفلسطينى ".
ويشير الباحث إلى حجم الكارثة بمجرد قيام الكيان الصهيونى بفلسطين حيث صارت فلسطين بأوقافها وآثارها نهبًا بيد المحتلين الصهاينة وتوقف نظام الأوقاف بأكمله عن العمل بعد تشرد أهل فلسطين وفيهم القضاة وأئمة المساجد ومسئولى الأوقاف .
ودمرت مساجد وأغلقت أخرى وتشتت مسئولى المجلس الإسلامى الشرعى الأعلى المسئول عن أوقاف فلسطين وعمدت سلطات الكيان الصهيونى إلى اعتبار المجلس الشرعى الإسلامى الأعلى - الجهة المسئولة عن الأوقاف في فلسطين – غائباً.
وذلك استناداً إلى أن كبار موظفى المجلس الذين كانت أراضى الأوقاف مسجلة بأسمائهم قد طردوا من فلسطين وبذلك وضعت الحكومة الصهيونية يدها على كافة الأوقاف الإسلامية
وزارة صهيونية للأوقاف الإسلامية
تولت وزارة الشؤون الدينية فى الكيان الصهيونى المسؤولية عن الأوقاف والآثار الإسلامية بفلسطين وأنشأت قسمين هما: قسم الشؤون الإسلامية والدرزية وقسم الشؤون المسيحية وقد أنيط بالقسم الأول مسؤولية إدارة الأوقاف والآثار الإسلامية منذ سنة 1954.
وبدأ المخطط الصهيونى للهدم والتخريب والقتل لمن يدافع عن المقدسات تحت عدة مبررات حيث يذكر الأكاديمى الصهيونى أرنون سوفير أستاذ الجغرافيا فى جامعة حيفا (إذا أردنا أن نبقى أحياء علينا أن نقتل ونقتل ونقتل طوال اليوم وفى كل يوم وإذا لم نقتل سينتهى وجودنا وما يضمن السلام هو دولة صهيونية – يهودية ذات أغلبية ساحقة يهودية ) .
وفور قيام الكيان الصهيونى تم تدمير نحو 530 قرية عربية في فلسطين بمساجدها ومحوها من الوجود ولم يكن حال الآثار الإسلامية والعربية فى فلسطين أفضل من حال القرى العربية التى أزيلت عن بكرة أبيها .
بل إن كثيراً من عمليات التنقيب التى كانت تبحث عن الفترات التوراتية قد أزالت الطبقات الإسلامية والعربية المتراكمة معتبرة إياها مضايقات متأخرة يجب إزالتها بهدف الوصول إلى الفترات التوراتية
المساجد ثكنات عسكرية
أقام الكيان الصهيونى سياج حول المساجد ونصب لافتات "خطر" و"ممنوع الاقتراب والدخول" مما حول هذه المواقع إلى شبه ثكنات عسكرية مما أدى لتردى أحوالها وإهمالها ولم تسن أى قوانين للمحافظة عليها مشابهة للأنظمة القائمة للحفاظ على الأماكن التى تدعى إسرائيل أنها مواقع يهودية.
كما أن هذه الخطوة تعتبر تدنيساً للمواقع وتمس مشاعر المسلمين حيث إنها تمنعهم من الوصول إليها كما حولوا المسجد الكبير ببئر سبع لمركز للاعتقالات ولم يعد لمواطنى بئر السبع مسجد آخر يصلون فيه.
وتقدموا بالتماس إلى المحكمة لإعادة فتحه ولا تزال إسرائيل ترفض أن يستخدم كدار عبادة وقالت السلطات أنها تنوى استخدام المسجد كمتحف للآثار والتبرير الرسمى لعدم السماح باستخدام المسجد الوحيد للصلاة هو أن مئذنته تطل على موقع عسكرى صهيونى مما يشكل خطراً على أمن الدولة ويؤثر على الطابع اليهودى للمدينة .
وفى قرية إبطن (قضاء حيفا) يعرف مسجدها باسم مسجد عمر بن الخطاب وشيد عام 1401ه/1981م، والمسجد معمور وتقام فيه صلاة الجمعة ويتعرض المسجد بين الحين والآخر لاعتداء من الصهاينة خاصة تلك الشرذمة من المتطرفين المقيمين في مستوطنتى"رخاسيم" و" حسيديم " .
وفى عام 1988 تم إحراق المسجد وآخر اعتداء تعرض له المسجد وقع فى منتصف ليلة الأربعاء 9 يونيو 2010 وتمثل فى قيام الصهاينة بكتابة شعارات تدعو إلى هدم المسجد وعبارات مسيئة للعرب والمسلمين
المساجد خمارات
فى قرية عين حوض (قضاء حيف) بحيفا حولوا مسجدها إلى حانة باسم "حانة بونانزا" وغيروا ملامحه المعمارية فأزيلت الواجهة الفاصلة بين المسجد والغرفة التابعة له كما أزيل المحراب لتوسعة المكان وأغلقت بعض النوافذ والأبواب وألحق بمبنى المسجد. إضافة فى الجهة الشمالية واستعملت مطبخاً ومراحيض.
وما زالت أحجار الأساس لمبنى المسجد الأصلى ظاهرة للعيان وكذلك الدرج الذى يوصل إلى السقف وبعد احتلال قيسارية (قضاء حيفا) أشرف الضابط إسحاق رابين "آنذاك" رئيس الوزراء "فيما بعد" على ترحيل أهلها وتدمير منازلها وتحويل المسجد داخل القرية إلى مكتب لإحدى الشركات الصهيونية.
وتم تحويل المصليات الصغيرة إلى مراحيض عامة أما المسجد الجامع الواقع على شاطئ البحر فقد حوّل قسم منه إلى مخزن وجزء إلى متحف وصالة عرض وافتتح فيه لبعض الوقت مطعم باسم " مطعم تشارلى" تقدم فيه الخمور .
وقبل عدة قرون وصف الرحالة "ناصر خسرو" المسجد الجامع على شاطئ قيسارية بأنه مسجد جميل يطل المصلى فى محرابه على منظر البحر الجميل .
أمّا اليوم فإن الذى يجلس هناك يحتسى كؤوس الخمور بكل أنواعها ويتراقص أمام شاطئ البحر بعد أن حوّل إلى مطعم حديث تحت اسم " مطعم هيلانة"(؟؟?) يضم مطعماً وخمارة يُعرض فيه نحو تسعين نوعاً من الخمور للبيع .
وقد أعلن عن افتتاح هذا المطعم/الخمارة فى عدد من الصحف الإسرائيلية كما تم افتتاح موقع خاص للمطعم عبر الشبكة العالمية للمعلومات "الانترنت" فيه شرح مستفيض عن المطعم والخمور التى يقدمها مع التنويه أن فى المطعم عرضاً للأنواع المفضلة من الخمور الإسرائيلية واحتواء المطعم على بار فاخر.
ويحوى موقع المطعم على جدول يبين أنه يباع فى البار أكثر من 90 نوعاً من الخمور مع لائحة أسعار بالإضافة إلى عرض صور عدة للمطعم البار تظهر منه صورة مئذنة المسجد وصورة لأصحاب المطعم وهم يمسكون بأيديهم كؤوس الخمر على خلفية المسجد .وقد برزت مئذنة المسجد واضحة للعيان.
وإمعانا فى الانتهاك الصارخ لمسجد قيسارية ولكى يقوم المطعم/الخمارة بزيادة عدد زبائنه فقد أعلن القائمون عليه أكثر من مرة استضافتهم لحفلات غنائية يُشرب خلالها الخمر ومنها احتفال عالمى يتم خلاله عرض أجود أنواع الخمور العالمية وغيرها من الاحتفالات التى تقام داخل المسجد وفى فنائه وتمتد إلى ساعات الليل المتأخرة .
وفى قرية وادى حنين (قضاء الرملة) سمحت إدارة الأراضى الصهيونية بتصوير فيلم للعراة فى الجامع الأحمرالذى شيده السلطان المملوكى الظاهر بيبرس عام 674ه/ 1275م وتوجد فوق بوابة المسجد لوحة تأسيسية نصها :
(بسم الله الرحمن الرحيم أمر بإنشاء هذا الجامع المبارك مولانا السلطان ركن الدنيا والدين سلطان الإسلام والمسلمين قاتل الكفرة والفجرة المتمردين بيبرس الصالحي قسيم أمير المؤمنين وذلك فى سنة أربع وسبعين وستمائة) .
وخلال الانتخابات التى أجريت فى الكيان الصهيوني 2006 أقدم حزب كديما الصهيونى على تحويل المسجد إلى مقر انتخابى وكان هذا المسجد قد اتخذ من قبل معرضاً للصور والرسوم وملهى ومرقص ونادى للأفراح والحفلات ولا يزال حاله كذلك حتى الآن قرية وادى حنين .
المساجد معابد لليهود
فى قرية وادى حنين يقع مسجد القرية الذى شيد عام 1354ه/1934م والذى حوله الصهاينة إلى كنيس (جئولات يسرائيل) وتوجد على باب المسجد لافتة كتب عليها بالخط العبرى (تأسس كنيس جئولات يسرائيل عام 1948م) .
وفى قرية العباسية (قضاء يافا) كان بها مسجدان هدم الصهاينة أحدهما وتحول الآخر إلى كنيس "شالوم شبدي" وعلقت على جدرانه لافتة كتب عليها بالعبرية (اقتلوا العرب) وفى قرية المسعودية (قضاء يافا) تحول مسجدها إلى كنيس وفى قرية يازور (قضاء يافا) تحول مسجدها ذو القباب على الطراز المملوكى إلى كنيس "شعرى تسيون".
وقد شارك المئات من الصهاينة مساء الاثنين 15/3/2010م فى تدشين كنيس الخراب في القدسالمحتلة ويقع الكنيس على بعد ثلاثمائة متر إلى الغرب من حائط البراق وشارك رئيس الكنيست والوزراء وكبار الحاخامات في حفل التدشين.
ونشرت منظمات صهيونية تابعة للجماعات اليهودية إعلانات باللغتين العبرية والإنجليزية تدعو إلى اعتبار 16/3/2010م، وهو اليوم الأول من الشهر العبرى " نيسان " يوماً عالمياً من أجل بناء الهيكل الثالث المزعوم على حساب المسجد الأقصى المبارك .
وتخلل الإعلان نفسه دعوات لاقتحام المسجد الأقصى المبارك وبلغت تكلفة إعمار الكنيس 15 مليون يورو مولتها جهات صهيونية فى مقدمتها أسرة روتشلد .
حدائق توراتية بالأقصى
أصدرت" مؤسسة الأقصى للوقف والتراث" بياناً فى 22/4/2010حذّرت فيه من تطويق المسجد الأقصى المبارك بالحدائق التوراتية ضمن مخطط تهويد القدس ومحيط المسجد الأقصى المبارك .
وأكدت قيام الصهاينة بتنفيذ أعمال إنشائية واسعة في المنطقة الواقعة شرق المسجد الأقصى المبارك فى منحدرات وادى الجوز ووادى قدرون على امتداد مفرق الصوانة ووادي سلوان .
وأضاف البيان (أن الاحتلال عندما فشل فى إيجاد أى أثر ولو بسيط له فى القدس والمحيط القريب من المسجد الأقصى عمد إلى التزوير وفرض وقائع كاذبة على الأرض ومحاولة الحديث عن تاريخ يهودي موهوم وفى 30/6/2010م كشفت (مؤسسة الأقصى للوقف والتراث) عن توسيع دائرة الحفريات فى منطقة القصور الأموية الواقعة خلف الجدار الجنوبى للأقصى .
بالإضافة إلى إجراء عمليات بناء وتغيير للمعالم الأثرية التاريخية الإسلامية ويهدف الصهاينة إلى تحويل جنوب المسجد الأقصى إلى مسار توراتى تقام فيه مجموعة من الحدائق التوراتية تطمس أسفلها كل المعالم الأثرية الإسلامية.
ويطلق الصهاينة على هذا المسار اسم (مسار المطاهر) و"المطاهر" لفظ ومسمى لموقع دينى يهودى يتم فيه التطهر قبل دخول الهيكل المزعوم .
وحذرت المؤسسة من تقدم الدولة الصهيونية بطلب لضم المسجد الأقصى لقائمة التراث اليهودى ودعت الأمة جمعاء إلى تحمّل مسؤوليتها تجاه الأقصى المبارك وأن الخطر زاحف نحو المسجد الأقصى المبارك.
وتؤكد لسلطة الاحتلال أن المسجد الإبراهيمي ومسجد بن رباح والمسجد الأقصى والمئات من المساجد والمقابر فى فلسطين التاريخية ستظل إسلامية عربية ولن تتهود بمجرد الإعلان عنها بأنها من قائمة التراث اليهودي .
وأن المسجد الأقصى ما فوق الأرض وما تحت الأرض بمساحته 144 ألف متر مربع بكل مبانيه السور وما حوى هو حق خالص للمسلمين وللمسلمين وحدهم وليس لغيرهم فيه حق ولو بذرة تراب واحدة .
* مدير منطقة آثار نويبع أمين لجنة الإعلام بالاتحاد العام للآثاريين العرب