الأردن وحماس أحمد ذيبان سألت وزيراً مهماً في الحكومة الاردنية، في لقاء صحفي محدود، عن مستقبل العلاقة بين الاردن وحركة حماس، وأشرت الي ان الحركة ترتبط بعلاقات جيدة مع دول الجوار العربية، باستثناء الاردن حيث تتميز العلاقات بالتشنج، منذ عدة سنوات، والأحري ان تكون علاقات حماس بالاردن، هي الافضل نظرا لطبيعة العلاقات الخاصة والتاريخية الاردنية الفلسطينية، وان وجود علاقات طيبة مع حماس يسهم في دفع جهود المصالحة الفلسطينية، بعد ان شكل الانقسام الداخلي ضربة موجعة لقضية الشعب الفلسطيني! كان جواب الوزير مختصرا وقاطعا: ان من ثوابت السياسة الاردنية عدم التعامل مع منظمات، بل مع سلطات شرعية ، وبعد بضعة ايام فقط، نشرت الصحف اخبارا عن لقاء بين مدير المخابرات العامة ووفد من حركة حماس، تم خلاله بحث النقاط الخلافية بين الجانبين لجهة تجاوزها، ثم عقد لقاء آخر قبل ايام، ما يؤشر الي فتح صفحة جديدة من العلاقات الايجابية وكان لهذه الانباء وقع طيب في الاوساط السياسية والاعلامية، اذا استثنينا ثلة من المنتفعين من اي خلافات عربية!. يمكن الذهاب بعيدا في تحليل العلاقات بين الاردن وحماس وأسباب تدهورها، أمنيا وسياسيا منذ عام 1999، حيث "تدفقت مياه غزيرة تحت الجسور كما يقال! وشهدت المنطقة والعالم أحداثاً عاصفة، وقد دفع العرب ثمنا باهظا لذلك، خاصة جراء الغزو الامريكي للعراق وتداعياته الهائلة، وتصعيد اسرائيل لعدوانها العسكري واجراءاتها الاحادية ضد الشعب الفلسطيني، وانفجار الازمة اللبنانية التي كان لها تداعيات اقليمية واسعة، وكان من بين الاحداث الفارقة في الشأن الفلسطيني فوز حركة حماس، في الانتخابات التشريعية الفلسطينية أواخر عام 2005، وتشكيلها حكومة وحدة وطنية، ثم تسارع التطورات، حيث فرض حصار اسرائيلي اقليمي دولي علي قطاع غزة تحت عنوان عزل حماس المتطرفة وتطورت الاحداث باتجاه الاقتتال بين حركتي فتح وحماس وسيطرة الأخيرة علي قطاع غزة، وتعثر كل جهود الوساطة لتحقيق المصالحة. في خضم، التطورات الدولية والاقليمية والازمات التي كانت تغذيها السياسة الامريكية الرعناء، حدثت عملية فرز بين ما عرف ب معسكر المعتدلين العرب ، وكان الاردن ضمن هذا المعسكر الذي ضم امريكا ومجموعة 6 + 2 ، فيما كانت حماس ضمن ما عرف ب معسكر الممانعة ، الذي يضم سوريا وايران وحزب الله بشكل اساسي، لكن تعثر العملية السلمية وتبخر الوعود التي قطعتها ادارة بوشن بشأن تحقيق سلام قبل نهاية العام الحالي، وانشغال واشنطن بالعديد من الملفات الساخنة، مثل ورطتها في العراق والازمة النووية الايرانية، والازمة اللبنانية، واخيرا تداعيات حرب القوقاز، وعودة أجواء الحرب الباردة مع روسيا، والمراقب يلحظ فشلا كبيرا للسياسة الامريكية في هذه الملفات، كل ذلك فرض حاجة لإعادة تفكير جديدة، وان الرهان خاسر علي السياسة الامريكية، خاصة ان ادارة امريكية جديدة ستفرزها انتخابات نوفمبر، وستكون لذلك انعكاسات علي مختلف الملفات لا تزال مجهولة، وقبل هذا وذاك، فإن السياسة متحركة وتحكمها المصالح، وان المستجدات في المنطقة، تفرض علي الاردن وحماس، إعادة التوازن لعلاقاتهما، خاصة ان حماس هي نتاج لحركة الاخوان المسلمين التي ربطتها بالحكم في الاردن علاقات تاريخية طيبة منذ عشرات السنين، وانا كنت ممن يقولون إن الاردن مؤهل اكثر من غيره، بحكم خصوصية العلاقة مع الشعب الفلسطيني للقيام بوساطة ناجحة بين حركتي فتح وحماس، وذلك يتطلب قيام علاقة متوازنة مع الطرفين. عن صحيفة الراية القطرية 19/8/2008