تداعيات حرب القوقاز ! أحمد ذيبان كانت مغامرة طائشة، تلك التي قام بها الرئيس الجورجي ميخائيل ساكشفيلي، قائد الثورة البرتقالية، باشعال فتيل الحرب في اوسيتيا الجنوبية، ما ادى الى استفزاز الدب الروسي وانتفاضه، والتدخل العسكري بشكل حاسم، ووصول النار الى العاصمة الجورجية تبليسي، ذلك ان جورجيا من وجهة نظر موسكو اصبحت تحسب سياسيا وأمنيا على الغرب بقيادة الولاياتالمتحدة، وهي موعودة بالانضمام الى حلف شمال الاطلسي، وفي ظل توسع الاطلسي واصرار واشنطن على نشر درعها الصاروخي في بعض دول اوروبا الشرقية سابقا، جعل موسكو تشعر ان المغامرة الجورجية تعني الطرق على ابواب موسكو، واتهمت بشكل علني واشنطن بدفع جورجيا الى هذه المغامرة!. أزمة اوسيتيا الجنوبية، هي جزء من مخلفات الامبراطورية السوفييتية السابقة، التي تفككت بصورة فوضوية، على اسس عرقية، وانتجت العديد من البؤر الساخنة، بدعم اميركي غربي ومن بين ذلك انفصال العديد من جمهوريات القوقاز وبضمنها جورجيا نفسها، التي كان الزعيم السوفييتي الشهير ستالين من مواليدها، وكذلك وزير الخارجية في اواخر عهد الاتحاد السوفييتي ادوارد شيفارنادزة،الذي كان اليد اليمنى لغورباتشوف في تنفيذ البريسترويكا، التي كانت المسمار الاخير في نعش الامبراطورية السوفييتية!. ربما يكون مفيدا احيانا التفكير بنظرية المؤامرة،وبهذا الصدد لا يغيب عن الذهن ان منطقة القوقاز غنية بالنفط والغاز، وثمة سيناريو اميركي افتراضي، تمت مناقشته العام الماضي خلال ندوة بحثية تتعلق بالنفظ، وحسب السيناريو تبدأ الازمة،بتاريخ 4 ايار 2009، بعد اعتداء في اذربيجان على انبوب ينقل نفط قزوين الى الاسواق العالمية، ويمتد من باكو عاصمة اذربيجان الى تبليسي عاصمة جورجيا، وينتهي بميناء جيهان التركي ، وهذا الاعتداء المفترض يثير التوترات في المنطقة، ويؤدي الى ارتفاع اسعار النفط الى 115 دولارا، ثم تتفاعل الازمة ويصل سعر النفط الى 150 دولارا،فيما يتم رصد مصنع لتخصيب اليورانيوم في ايران، ومن اجل معاقبة الغرب، لانه قرر فرض عقوبات على طهران، تقوم ايران وفنزويلا بخفض صادرات النفط بمعدل 700 الف برميل يوميا،الامر الذي يضع واشنطن امام أزمة مغلقة !. واستمرارا للسيناريو الخيالي فان تسارع التخبط في سوق النفط، يبدو انه عجل ايضا باشعال ازمة القوقاز المفترضة ، اما ازمة الملف النووي الايراني فهي في تصاعد، وتقترب من مرحلة حاسمة بعد رفض طهران وقف انشطتها النووية مقابل سلة حوافز الدول الست الكبرى وبضمنها روسيا، واتفاق 5+1على بحث فرض عقوبات جديدة على طهران من خلال مجلس الامن، وأظن ان ايران كانت مبتهجة بما فعلته روسيا، بتوجيه صفعة سياسية لواشنطن،ذلك انه من المنطقي افتراض ان دعم واشنطن سياسيا لجورجيا في أزمة اوسيتيا الجنوبية سيلقي بظلاله على موقف موسكو في مجلس الامن عند طرح مشروع العقوبات الجديدة، فضلا ان روسيا مترددة اصلا في مواصلة السير مع واشنطن لممارسة الضغوط على طهران !. لكن ذلك ليس نهاية المطاف،فالخيارات مفتوحة، ولا يستبعد ان يكون الانتصار الروسي على جورجيا ذريعة لواشنطن واسرائيل للتصعيد باتجاه طهران، وتفجير الوضع الاقليمي بتوجيه ضربة عسكرية، ستدخل المنطقة والعلاقات الدولية في نفق مجهول !. لعل اهم تداعيات حرب القوقاز، انها وفرت لروسيا فرصة لاستعادة هيبتها العسكرية والسياسية، بعد ان تراجع دور موسكو الى مستويات متدنية منذ انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991، وخاصة في عهد يلتسين، وبدت أشبه بالتابع لواشنطن قبل ان يبدأ بوتين باعادة ترميم هيبة الدب الروسي،وانعكسات ذلك على السياسة الدولية !. عن صحيفة الرأي الاردنية 13/8/2008