ملف يلا كورة.. التحقيق مع 4 اتحادات لمخالفات مالية.. إصابة داري.. وفوز تاريخي لسيدات الزمالك    نقل أتوبيس «حادث الجلالة» إلى منطقة خالية من المركبات    حبس المتهمين بسرقة العقارات تحت الإنشاء بمدينة 15 مايو    حبس عاطل لسرقته سيارة بالتجمع الأول    مدير التأمين الصحي بالغربية يتفقد مستشفى المجمع الطبي بطنطا    ترامب: بايدن ونائبته كامالا هاريس هما الأسوأ فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية    سعر الذهب اليوم.. عيار 21 ينخفض بالمصنعية والسبائك تتراجع لأدنى مستوياتها بالصاغة    متحدث الحكومة: الإعلان عن أخبار إيجابية قريبا بشأن طروحات المطارات    ارتفاع حصيلة شهداء الغارة الجوية الإسرائيلية على شمال لبنان إلى 21    صفارات الإنذار تدوي في بلدة مرغليوت في إصبع الجليل شمال إسرائيل    «أصغرهم 17 عاما».. القائمة الكاملة لأسماء مصابي وضحايا حادث الجلالة    مصرع شاب في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بترعة بالبياضية شرق الأقصر    عاجل - مباشر الآن رابط تحميل الواجبات المنزلية PDF من موقع وزارة التربية والتعليم    مروة صبري ل شوق الموسوي: "انتي نجمة والناس كلها بتحبك.. ومفيش ست تقدر تتحمل اللي حصلك"    شقيق شيرين يوجه لها رسالة    3 غارات اسرائيلية على محيط مدينة بعلبك وبلدة في البقاع شرق لبنان    البنتاجون: المناورات الصينية قرب تايوان تزعزع الاستقرار    سفير مصر في موريتانيا: الجماهير الموريتانية كانت تتمنى حضور محمد صلاح    نصر أبو الحسن يكشف سبب غيابه عن اجتماع مجلس الإسماعيلي.. وموقف حمدي النقاز    الزمالك يُعلن غياب "أحد نجوم السوبر الأفريقي" عن افتتاح السوبر المصري    حدادًا على أرواح طلاب جامعة الجلالة، قرار عاجل من جامعة المنيا    أعلى حصيلة يومية منذ انطلاق الطوفان .. إصابة 125 صهيوني غالبيتهم في لبنان ومقتل جندي بغزة    «بوابة أخبار اليوم» داخل قرية كاباجو في الصين| صور    انطلاق ندوات توعية لطلاب المدارس بالإسماعيلية    بدءًا من اليوم.. فتح الحسابات وإصدار البطاقات مجانًا في البنوك    حكاية «صفاء» المرأة الأسوانية.. وسر تسميتها ب«أميرة البخور»    "كايسيد" يعقد اجتماعا للجنة التوجيهية لمنصة الحوار في تونس    سويلم يستعرض أهم محاور الجيل الثانى لمنظومة الرى خلال أسبوع القاهرة السابع للمياه    «زي النهارده».. انتحار القيادى النازى هيرمان جورينج 15 أكتوبر 1945    بالصور.. حلمي عبد الباقي يتألق في حفله بمهرجان الموسيقى العربية    قرارات محمد رمضان تثير غضب لاعبي الأهلي.. مدحت شلبي يكشف التفاصيل    وزير التعليم العالي يوجه بتنسيق الرعاية الصحية لطلاب جامعة الجلالة المصابين    وكيل الصحة بالسويس يطمئن على مصابي حادث أتوبيس الجلالة    محمد رزق: شركة ERG تتوسع في مشروعاتها وlinwood نقلة ذكية في التطوير العمرانى    البنك المركزي: تراجع الدين الخارجي لمصر 7.7 مليارات دولار خلال 3 أشهر    مصرع طفل غرقًا داخل مصرف ماكينة ري بقنا    «بداية الإنفراجة».. بيان مهم بشان حالة الطقس اليوم الثلاثاء 15 أكتوبر 2024    إبراهيم عيسى: أولويات الدولة تستهدف بناء المشروعات العملاقة من أجل الأجيال القادمة    شريف الخشاب: زيزو الأنسب لتعويض محمد صلاح أمام موريتانيا    الزمالك: لم نتلق أي خطاب بخصوص القيد    إخفاقات باريس| تحويل بعض رؤساء الاتحادات الرياضية إلى جهات التحقيق    بوريل يطالب دول الاتحاد الأوروبي بتشديد العقوبات ضد النفط الروسي    حفظ القرآن الكريم وإمام مسجد لمدة عشر سنوات..أسباب غياب حسن فؤاد عن الساحة الفنية    وسط حضور جماهيري كبير.. 20 صورة من حفل نسمة محجوب بمهرجان الموسيقى العربية    تكريمًا لذكراهم.. إسعاد يونس وأبطال "تيتا زوزو" يقفون دقيقة حداد على أرواح المنتجين الأربعة    داعية إسلامية: "مش بحب الأكل ده" يعتبر كفران بالنعم    رئيس جامعة أسيوط ينعي ضحايا حادث الجلالة    مفاجآت الشؤون المعنوية    بعد قرار البنك المركزي.. حدود السحب من تطبيق إنستا باي Instapay (تفاصيل)    نشرة التوك شو| الإعلان عن برنامج الطروحات الحكومية وكواليس حادث أتوبيس الجلالة    اشرب شاي..قد يؤخر الشيخوخة    اقرأ غدًا في «البوابة».. الرئيس يكرم عددًا من أبطال الحرب المجيدة    عضو الفتوى العالمي: التفاخر بالماركات من الرياء    دكتور ب"اقتصاد المنوفية" يصفع طالبًا.. والجامعة تُحيل الواقعة للتحقيق    مصر تشارك في اجتماع الجمعية العمومية للاتحاد العربي للرياضة الجامعية بدبي    محمد علي: بعض الدعاة "المايعين" جاملوا عمر كمال على حساب دينهم.. وأمواله حرام!!    عالم بالأوقاف: عمر الإنسان له طول وعرض وعمق    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 14-10-2024 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفيتو الأمريكي والعلاقات المصرية والعربية / صلاح الدين حافظ
نشر في محيط يوم 16 - 07 - 2008


الفيتو الأمريكي والعلاقات المصرية والعربية
صلاح الدين حافظ
لا يكاد يمر يوم أو يقع حدث أو تقع تطورات في مسار العلاقات المصرية العربية، أو العربية العربية، أو العلاقات العربية الإقليمية، خصوصاً مع دول الجوار مثل إيران وتركيا، إلا ويكثر الحديث عن الفيتو الأمريكي في هذا الاتجاه أو ذاك.
بعض المعلومات المتداولة في الأوساط السياسية والإعلامية، تتحدث بصراحة عن مدى قوة تأثير هذا الفيتو الأمريكي، في صياغة العلاقات المذكورة، وفي فرض توجهات معينة تخدم أول ما تخدم المصالح والسياسات الأمريكية، حتى لو تصادمت مع المصالح والسياسات العربية.
البعض الآخر ينفي من الأساس وجود هذا الفيتو، وعلى طريقة أحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري، الذي أكد منذ أسبوع أنه لا وجود مطلقا لما يقال عن وضع أمريكا فيتو على السياسات المصرية والعربية.
وبين النفي والتأكيد لا يمكن لمتابع أو محلل لمجمل الأوضاع العربية خلال السنوات الأخيرة، أن يتجاهل الضغط الأمريكي الصريح، خصوصاً على الدول الحليفة للولايات المتحدة، التي تسمى دول محور الاعتدال، وبالتالي لا يمكن إنكار أن دول الاعتدال هذه المرتبطة بمصالح وتحالفات ومعاهدات مع الجانب الأمريكي، تراعي بكل وضوح قواعد الصداقة والتحالف وتبعاتها وتتحمل أعباءها وتسعى لكسب ود ورضا أمريكا والتنسيق معها في معظم الأمور.
وقد نستطيع أن نفهم أن من بين قواعد الصداقة والتحالف بين دولتين أو أكثر، مراعاة مصالح كل طرف في إطار من التوازن والتكافؤ، غير أن السياسة الهجومية الشرسة لإدارة الرئيس الأمريكي بوش، خصوصاً في السنوات الأخيرة، قد كشفت عن وجهها القبيح حين طبقت مبدأها الشهير “من ليس معنا فهو ضدنا".
وبالتالي فإنها مارست ضغوطا عنيفة ليس فقط على أعدائها من محور الشر، بل وعلى حلفائها من محور الاعتدال لتضمن الولاء الكامل من دون أي تردد أو تكاسل وإلا.
وعلى هذا الأساس أصبحت مقولة وجود فيتو أمريكي على صياغة العلاقات العربية مقولة قابلة للتصديق، تسندها وقائع حية ودلائل قائمة أمام نظر الجميع، حين نمعن النظر في تطور الأمور، حتى لو لم يصدق بعضنا وجود هذا الفيتو، أو ينفيه مسؤول هنا أو هناك.
وعلى سبيل المثال فإن مصر والسعودية أهم أركان محور الاعتدال من أصدقاء أمريكا، تتعرضان دوما لضغوط أمريكية تصل إلى درجة ممارسة حق النقض أو الفيتو، عند صياغة سياسات تتعلق بعلاقاتهما العربية والإقليمية، مما حد ويحد من قدراتهما على الحركة النشطة والإيجابية.. ولعل أبرز ما يقال هو ذلك المتعلق بالفيتو المفروض على دور مصري أكثر نشاطا وإيجابية في لمِّ الشمل الفلسطيني، وتنظيم حوار جامع للقوى والفصائل الفلسطينية كلها لإنهاء حالة الانقسام والانفصال.
فقد سبق أن قدمت مصر مبادرة جيدة لجمع هذه الفصائل الفلسطينية على مائدة حوار في القاهرة، لكن الحماس للمبادرة سرعان ما تخافت، وكان التفسير الأساسي هو الفيتو الأمريكي المعارض لجمع وتوحيد الفصائل المختلفة والمتناحرة، لأن أمريكا و"إسرائيل" تريان أن حالة الانقسام والخصام الحالية تمثل الوضع المثالي لهما، وأن الوحدة والتضامن ضد مصالحهما، وبالتالي فإعاقة الحوار هو الأسلوب النموذجي.
والأمر نفسه ينطبق على الجهود السعودية التي سبق أن نجحت في اتفاق مكة بين حركتي فتح والسلطة الوطنية الفلسطينية من ناحية وحماس من ناحية أخرى، التي تكاد تكون قد استقلت بقطاع غزة، لكن الفيتو الأمريكي تدخل أيضا، مثلما تدخَّل ويتدخل لعرقلة أي جهود جدية لتفعيل المبادرة اليمنية، أو مبادرة الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأخيرة للحوار مع حماس، في الوقت الذي تشجع أمريكا وترعى الحوار بين عباس و"إسرائيل"، وإبعاده عن كل المؤثرات العربية.
أما المثال الآخر فهو المتمثل في العلاقات المصرية الإيرانية المتعثرة بل المنقطعة منذ قيام الثورة الإسلامية بقيادة الإمام آية الله الخميني عام ،1979 إثر استضافة الرئيس الراحل السادات لشاه إيران المخلوع.. ومنذ ذلك التاريخ مرت هذه العلاقات بتذبذبات حادة، ما بين العداوة الشاملة والقطيعة الكاملة، وبين التهدئة والسعي للإصلاح، وصولاً للقاء القمة بين الرئيس حسني مبارك والرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي في سابقة لم تتكرر، مثلما لم تسفر عن تحسن حقيقي في العلاقات فيما بعد لأسباب مختلفة.
صحيح أن الأسباب المعيقة الرئيسية تكمن في سياسات البلدين وتوجهاتهما واختلافاتهما، باعتبارهما أهم قوتين إقليميتين في المنطقة، ولكنني أعتقد أن الفيتو الأمريكي لعب ويلعب دور البطولة، سواء في توتير العلاقات بين البلدين، أو في عرقلة أي بادرة لإصلاحها وتحسينها، وهو ما يلتقطه بسرعة التيار اليميني المحافظ في إيران، المعادي للتقارب مع مصر بأي شكل، باعتبارها القوة الرئيسية المناوئة للسياسات الإيرانية في الإقليم عموما، وفي منطقة الخليج العربي خصوصا، وهو تيار احترف إرسال إشارات استفزازية، تعرقل أي تقارب، وربما أحدثها الفيلم السينمائي “إعدام فرعون" الذي يسيء للرئيس السادات.
ومثلما يلعب هذا التيار الإيراني المحافظ دوره في عرقلة إصلاح العلاقات المصرية الإيرانية، ويفرض فيتو علنيًا عليه، يرد تيار مصري وعربي محافظ أيضاً برفض أي تقارب مع إيران، ويفرض هو الآخر فيتو مقابلا، الأول يبرر موقفه بتوقيع مصر اتفاقية السلام مع “إسرائيل" عام ،1979 وانحيازها لأمريكا “الشيطان الأكبر"، والثاني يبرر موقفه بأن إيران تريد ابتلاع منطقة الخليج الغنية بالنفط، وفرض الهيمنة عليها بقوة السلاح وتصدير “الثورة الإسلامية" مثلما تسعى لمد نفوذها “الفارسي الإمبراطوري" حتى شواطئ البحر المتوسط، عبر تحالفها مع سوريا وحزب الله في لبنان وحماس في غزة، وهو ما يتناقض مع السياسات والمصالح القومية لمصر ويهدد أمنها القومي.
وفوق الفيتو الإيراني المحافظ والفيتو المصري المقابل، يركب الفيتو الأمريكي مستغلا التناقض، فارضا إرادته، مستفيداً من القطيعة بين أهم قوتين إقليميتين في المنطقة كلها لاستمرار هيمنته، لأن اتفاقهما خطر على هذه الهيمنة.
ولعل حديث الأجندة المتعارضة، يكشف لنا إلى أي مدى تمارس هذه الأنواع من الفيتو تأثيراتها في الاتجاهات المختلفة، فنحن أمام خمس أجندات واضحة هي باختصار شديد:
أجندة إيران، التي تسعى لاستعادة نفوذها الإمبراطوري القديم وهيمنتها على المنطقة، سواء عبر الأساليب السياسية أو عبر الأساليب الأيديولوجية “الشيعية" في مجال حيوي معظمه من المسلمين السنة، وبالتالي ترى أن من حقها أن يكون لها دور إقليمي معترف به من الكافة، وفي سبيل ذلك لجأت إيران إلى اقتناء وبناء المشروع النووي، الذي رأت فيه أمريكا والغرب خطرًا داهمًا على السلم الدولي ورأت فيه الدول العربية خطراً على أمنها القومي.
أجندة مصر، التي ترى في التمدد السياسي والطائفي المذهبي الإيراني الشيعي خطراً على الأمن القومي العربي وتهديدا لأمنها الوطني ودورها الإقليمي، وبالتالي فهي تعارضه وتسعى لتحجيمه، متعاونة في ذلك مع كل من يعارضه، وتعارض بالتالي مشروعها النووي كما تفعل أمريكا ولكن بشكل أقل حدة لأنها ترى أن الخطر النووي “الإسرائيلي" عليها أقرب.
أجندة دول الخليج العربية، التي تجاور إيران وبالتالي هي الأكثر حساسية وإحساساً بخطرها، سواء في عهد الشاه أو في عهد الجمهورية الإسلامية، وبالتالي فقد صاغت معظم سياساتها على أساس أولاً إدراكها لخلل توازن القوى البشرية والتسليحية بينها وبين إيران، وإدراكها ثانيا أن إيران دولة جوار لها مطامع سياسية وطائفية تخترقها، لكن من الأفضل التعايش معها حتى لو استمرت تغتصب جزر دولة الإمارات وحتى ولو بنت مشروعها النووي، بشرط سلامة الأمن الخليجي وضمانه.
أجندة أمريكا، وهي الأكثر وضوحا، حيث تعادي إيران وسياساتها ومشروعها النووي، لأن إيران أثبتت أنها لاعب رئيسي في العراق ضد الاحتلال الأمريكي، وأنها مصدر خطر حقيقي ومباشر على مخزون النفط الخليجي، وأنها العضو الرئيسي في “محور الشر" راعي التطرف والإرهاب في المنطقة كما يقول المحافظون الجدد في واشنطن.
يبقى المحور “الإسرائيلي"، وهو متسق تمام الاتساق مع الأجندة الأمريكية متطابق معها في الأهداف والوسائل، لكنه يزيد بل يزايد عليه الآن، بخطة “إسرائيل" لمهاجمة المشروع النووي الإيراني وتدميره باعتباره الخطر الساحق الماحق ضدها.
وفي ظل هذه الأجندات المختلفة تبدو سيناريوهات المستقبل القريب واضحة، فإما تصعيد غربي عربي ضد إيران وصولا للحرب، وإما تهدئة تتم بصفقة إيرانية أمريكية غربية، لن يجد العرب لأنفسهم مكانا فيها، وبينما تربح “إسرائيل" على طول الخط وفي الحالتين، صفقة الحرب أو صفقة التهدئة، فإننا قد نخسر في الحالتين، إذا استمرت سياساتنا الراهنة على جمود رؤيتها، وعدم قدرتها على اقتحام الأزمات بروح جريئة ومبادرة شجاعة.
وأظن أن مصر مدعوة أكثر من غيرها، لقيادة توجه عربي جديد، يعيد تقييم وتقويم العلاقات مع إيران كقوة إقليمية لها مصالحها التي تواجه مصالحنا، بعيداً عن كل أنواع الفيتو، ودفاعا عن المصالح الوطنية والأمن القومي، وإجهاضا للصراعات المسلحة أو الطائفية المهددة لأمن المنطقة كلها.
آخر الكلام: يقول الجواهري:
أفأمة تلك التي هزلتْ
وتناثرت وكأنها أممُ
عن صحيفة الخليج الاماراتية
16/7/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.