هل الأسد على حق؟ سعد محيو هل كان الرئيس السوري بشار الأسد دقيقاً حين قال قبل أيام إن “الأشهر القليلة المقبلة ستحدد مصير المنطقة بل والعالم"؟ الأرجح أن الأمر كذلك. لكن، لماذا قال ذلك؟ في الغالب لأن لديه معلومات تحليلية، أو تحليل معلوماتي، يشير إلى أن الشرق الأوسط مقبل على انفجار كبير، أو حرب واسعة، سيتحدد فيها ليس فقط مستقبله إلى أجيال عدة أخرى، بل كذلك مستقبل الزعامة الأمريكية في العالم: إذا ما انتصرت أمريكا دانت لها كل دول العالم وتأكد بقاء القرن الحادي والعشرين أمريكياً. أما إذا ما تعثرت أو فشلت، فستنقض عليها كل دول الأرض وتحيل امبراطوريتها الرومانية الحديثة إلى ركام. أي الخيارين الأقرب إلى التحقق؟ هذا السؤال يذكرنا بايمانويل تود الفيلسوف وعالم الاجتماع والأنثروبولوجيا الفرنسي، الذي كان أول من تنبأ بانهيار الاتحاد السوفييتي في وقت مبكر من حقبة السبعينات. وهو استند في ذلك إلى معطيات ديموغرافية أهمها ملاحظة التزايد النسبي لوفيات الأطفال في الاتحاد السوفييتي، الأمر الذي دفعه إلى مراكمة سلسلة ملاحظات أخرى حول مناحي الضعف في الاقتصاد والمجتمع السوفييتي. في كتابه الأخير، الذي بات مرجعاً “ما بعد الامبراطورية: انهيار النظام الأمريكي"، يتقدم تود بنبوءة أخرى، لكنها تتعلق هذه المرة بالولاياتالمتحدة وبدورها كقوة عظمى وحيدة في العالم. 1- فهو يرى أن الولاياتالمتحدة تحولت منذ ثمانينات القرن العشرين، ثم بالتحديد في الفترة بين 1990 و،2000 من دولة منتجة وصناعية ومكتفية ذاتياً، إلى دولة مستهلكة غير منتجة ومعتمدة على العالم صناعياً ومالياً. 2- وهو يفسر المحاولات الأمريكية لإقامة امبراطورية عسكرية وسياسية، على أنها دليل ضعف لا قوة. انحدار لا صعود. فأمريكا تحاول عبر سلسلة الحروب التي تشنها ضد الأطراف الضعيفة في العالم (أفغانستان، العراق، تنظيم “القاعدة") إرهاب القوى الكبرى الرئيسية في العالم (أوروبا، اليابان، روسيا والصين)، والإثبات لها بأنه لا غنى عن دورها للحفاظ على أمن النظام الاقتصادي العالمي. 3- وهو يقول إن أمريكا لن تنجح في النهاية في إقامة هذه الامبراطورية، لأنها تفتقر إلى أهم عناصر بناء الامبراطوريات: القدرات المالية والاقتصادية الكافية لتمويل التوسع الامبراطوري؛ الأيديولوجيا العالمية القادرة على استيعاب كل دول العالم الأخرى بوصفها قوى متساوية الحقوق، كما فعلت الامبراطورية الرومانية؛ وأخيراً العجز عن إرضاء القوى الكبرى الأخرى. وتبعاً لذلك، يتوقع تود انهيار النظام العالمي الأمريكي عبر أحد طريقين: انفصال محور فرنساألمانياواليابانوروسيا والصين (أي القوى الرئيسية في قارة أوراسيا) عن الزعامة الأمريكية وتشكيل تحالف مستقل ضدها. أو كساد كبير في البورصة المالية الأمريكية سيكون أضخم بكثير من انهيار العام 1929. هل تنبؤات هذا الفيلسوف في محلها هذه المرة؟ اسألوا الرئيس بشار! عن صحيفة الخليج الاماراتية 22/ 7 / 2007