صدر عن دار قدمس ببيروت كتاب "تاريخ نصارى العراق" لمؤلفه رفائيل بابو إسحق وتحديث المطران غريغوريوس صليبا شمعون وبتقديم خاص من المطران يوحنا إبراهيم. وجاء بمقدمة الكتاب حسبما أورد موقع "ميدل ايست": "ثمة سؤال يطرحه الكثيرون حول جذور المسيحيين في هذا الشرق، هل هم دخلاء أو غرباء أم قادمون من خارج المنطقة؟ هل جذورهم ممتدة في أعماق الأرض، ولهم حقوق بعد تأدية الواجب على أكمل وجه؟ والسؤال الأهم هل تاريخهم يبدأ من حيث تسميتهم الجديدة ب المسيحيين، أسوة بالتلاميذ الذين عُرفوا بالمسيحيين في أنطاكية أولاً (أعمال الرسل 11: 26). كل هذه الأسئلة تُطرح من وقت إلى آخر، ويبقى الجواب، أن التاريخ يشهد على أن المسيحيين في هذه البلاد كانوا مواطنين أصيلين، وجذورهم تمتد إلى الشعوب التي ساهمت في بناء الحضارة في هذه المنطقة، وبنت مجداً مكللاً للصرح الثقافي الذي نتغنى به حتى يومنا هذا. وبقيت عطاءاتهم متواصلة عبر الدهور والأجيال، ولا يحتاج العالم إلى شهادة جديدة تُعطى لهم، لتؤكد أصالتهم وعراقتهم. فالمنطقة بأوابدها، وآثارها، ولغاتها القديمة، وشواهدها التاريخية، ومصادر التاريخ عندها، تثبت أنهم جزء من هذا النسيج الوطني الذي يمثل الفسيفساء الجميلة التي ترصع به جبين هذا الوطن. ونصارى العراق مثل المسيحيين في بلاد الشام والجزيرة العربية، كلهم نشأوا وترعرعوا في هذه الأرض الطيبة. وعند ذكر العراق لا ننسى بلاد ما بين النهرين مهد الحضارة البشرية، هذه البقعة من الأرض الواقعة بين النهرين العظيمين دجلة والفرات، والممتدة من سلاسل جبال طوروس إلى شواطئ الخليج العربي، عرفت أقدم حضارة للبشرية فيها. وكما قال المستشرق الأميركي صاموئيل غرامر: بدأ التاريخ من سومر. وسومر منبت السومريين عرفت أقدم نصوص مسمارية وأنشأت آكاد وبابل قبل أن تظهر جيوش الآشوريين. وفي العراق وبعد هذه المرحلة نقرأ عن بلاد آشور في الشمال، وبلاد بابل في الجنوب، والحدود بينهما كانت تمر عبر مدينتي هيت على الفرات، وسامراء على دجلة، هذه الأرض كانت مصدر الخصب لفترة طويلة من الزمن، وعرف البابليون والآشوريون كيف يستثمرون تلك الأرض، وساعدتهم وسائل كثيرة منها الجدية في العمل، والإخلاص في العطاء، والشجاعة في الحروب، والوفاء في كل مجالات الحضارة. وبعد أن احتلت اللغة الآرامية مكانة اللغة الأكادية أدركوا مدى أهمية تصدير اللغة إلى كل شعوب المنطقة!. وإعادة طباعة هذا الكتاب في هذه الظروف الصعبة التي تمر على العراق بخاصة، والأمة العربية بشكل عام، هو دعوة موجهة إلى كل العراقيين رغم انتماءاتهم المتنوعة ودياناتهم المتعددة ومذاهبهم الكثيرة، ليدركوا أنهم في الأصل يعودون إلى أُرومة واحدة، وكلهم يتوجهون إلى الله الواحد الأحد خالق السموات والأرض في عبادتهم. عسى أن يكون هذا الكتاب باباً جديداً لإعادة النظر في علاقاتنا مع بعضنا بعضاً".