عشق ابن الرومي المغنية "وحيد" وهي أشهر مغنيات العصر العباسي، وقد امتلكت هذه المغنية بالإضافة لجمال الصوت، جمال الوجه وفتنته، فهام بها ابن الرومي حباً، ونظم فيها واحدة من أجمل قصائده والتي تألقت فيها قدرته على التصوير والتجسيد والوصف الدقيق لمحبوبته بحركاتها وطريقة غنائها، فيكشف في قصيدته مدى حبه وتعلقه بها. ويقول ابن الرومي في قصيدته:
يا خَلِيلَيَّ تَيَّمَتْني iiوَحيدُ ففؤادي بها معنَّى iiعميدُ غادة ٌ زانها من الغصن قدٌّ ومن الظَّبي مُقلتان وجِيدُ وزهاها من فرعها ومن iiالخدين ذاك السواد iiوالتوريد أوقد الحسْنُ نارَه من iiوحيدٍ فوق خدٍّ ما شَانَهُ iiتخْدِيدُ فَهْيَ برْدٌ بخدِّها iiوسلامٌ وهي للعاشقين جُهْدٌ iiجهيدُ لم تَضِرْ قَطُّ وجهها وهْو iiماءٌ وتُذيبُ القلوبَ وهْيَ iiحديدُ ما لما تصطليه من iiوجنتَيْها غير تَرْشافِ رِيقِها iiتَبْريدُ مثْلُ ذاك الرضابِ أطفأ iiذاك الوَجد لَوْلا الإباءُ iiوالتَّصرِيدُ وغَريرٍ بحسنها قال صِفْها قلت أمْران هَيِّنٌ iiوشديدُ يسهل القول إنها iiأحسن الأشْياءِ طُرّاً ويعْسرُ iiالتحديدُ شمسُ دَجْنٍ كِلا المنيرَيْن من شمسٍ وبدْرٍ من نُورها iiيستفيدُ تتجلَّى للناظرين iiإليها فشقى ّ بحسنها iiوسعيد ظبية تسكن القلوب iiوترعاها وقُمْرِيَّة ٌ لها iiتغريدُ تتغنّى كأنها لاتغنّى من سكونِ الأوصالِ وهي تُجيدِ لا تَراها هناك تَجْحَظُ iiعينٌ لك منها ولا يَدِرُّ iiوريدُ من هُدُوٍّ وليس فيه iiانقطاع وسجوٍّ وما به تبليد مَدَّ في شأو صوتها نَفَسٌ iiكافٍ كأنفاس عاشقيها مَديدُ وأرقَّ الدلالُ والغُنْجُ iiمنه وبَراهُ الشَّجا فكاد يبيدُ فتراه يموت طَوْراً ويحيا مستلذٌّ بسيطُه والنشيد فيه وَشْيٌ وفيه حَلْيٌ من iiالنَّغْمِ مَصوغٌ يختال فيه القصيدُ طاب فُوها وما تُرَجِّعُ iiفيه كلُّ شَيْءٍ لها بذاك iiشهيدُ ثغبٌ ينقع الصدى iiوغناءٌ عنده يوجد السرورُ iiالفقيد فلها الدَّهْرَ لاثِمٌ مُسْتَزيدٌ ولها الدهر سامع مُسْتَعيدُ في هوى مثْلِها يَخفُّ حَليمٌ راجحٌ حلْمُه، ويَغْوى iiرشيدُ ماتُعاطى القلوب إلا iiأصابت بهواها منهُنَّ حيْثُ تُرِيدُ وَتَرُ العَزْفِ في يَدَيْها مُضَاهٍ وَتَرَ الزَّحْف فِيهِ سهمٌ iiشَديدُ وإذا أنْبَضَتْهُ للشَّرْبِ يوماً أيقن القومُ أنها iiستصيد مَعْبَدٌ في الغناء، وابنُ iiسُرَيْجٍ وهي في الضرب زلزلٌ iiوعقيد عَيْبُها أنَّها إذا غنَّتِ iiالأحْرَار ظلُّوا وهُمْ لديها iiعَبيدُ واستزادت قلوبَهم من iiهواها بِرُقاها، وما لَدَيْهِمْ iiمَزيدُ وحسان عرضن لي ، قلت: مهلًا عن وحيدٍ فحقُّها iiالتوحيد حسنُها في العيون حسنٌ وحيد فلها في القلوب حبٌ iiوحيد ونصيح يلومني في iiهواها ضلّ عنه التوفيق iiوالتسديد لو رأى من يلُوم فيه لأضحى وهو لي المستريثُ iiوالمستزيد ضلة للفؤاد يحنو عليها وهي تَزْهُو حَياتَه وتَكيدُ سحرته بمقلتيها iiفأضحت عنده والذميمُ منها حميد خُلِقَتْ فِتْنة ًغِناءً iiوحُسْناً مالها فيهما جميعاً نديد فَهْيَ نُعْمَى يميدُ منها iiكَبيرٌ وهيَ بلْوى يشيب منها iiوليدُ لِيَ حيْث انصرَفتُ عنها iiرفيقٌ من هواها وحيث حَلَّتْ iiقَعِيدُ عن يميني وعن شمالي iiوقُدّامي وخلفي، فأين عنه iiأحيدُ سدَّ شيطانُ حبّها كلَّ iiفجٌ إنَّ شيطان حبِّها iiلَمَرِيدُ ليت شعري إذا أدام iiإليها كَرَّة َ الطَّرْف مُبدىء ٌ ومُعِيدُ أهي شئٌ لاتسأم العين منه؟ أم لها كلَّ ساعة iiتجْديدُ بل هي العيش لا يزال متى استُعْرِض يملي غرائباً iiويُفِيدُ مَنْظَرٌ، مَسْمَعٌ، مَعانٌ، من iiالله وعتادٌ لما يُحَبّ عتيد لا يَدبُّ الملالُ فيها ولا iiيُنْقِض من عَقْد سحْرِها iiتَوْكيدُ حسنُها في العيون حسنٌ iiجديد فلها في القلوب حبٌ جديد أخذ الله يا وحيدُ لقلبي منكِ ما يأخذ المديلُ iiالمقيد حَظُّ غيري من وصلكُمْ قُرَّةُ iiالعيْن وحظيِّ البكاءُ والتَّسْهيدُ غير أني مُعَلِّلٌ منك iiنفسي بعداتٍ خَلا لهنّ وعيد ما تزالينَ نظرة ٌ منك مَوْتٌ لي مميتٌ ، ونظرة iiتخليد نتلاقى فلحْظَةٌ منك iiوعْدٌ بوصال ولحظةٌ iiتهديدُ قد تركْتِ الصِّحاح مرْضى iiيميدُون نُحولاً وأنت خُوطٌ iiيميدُ والهوى لا يزال فيه iiضعيفٌ بين ألحاظِهِ صريعٌ iiجليدُ ضافَنِي حُبُّك الغريبُ iiفألوى بالرقاد النسيب فهو طريد عجباً لي ، إنَّ الغريبَ مقيمٌ بين جنبى ّ، والنسيب iiشريد قد مللنا من ستر شيْ مليح نشتهيه، فهلْ له iiتجريدُ هو في القلب وهو أبعد من iiنجم الثريا فهو القريب iiالبعيد