أدانت منظمات حقوق الإنسان والنشطاء الموريتانيين العبودية التي يقولون إنها لا تزال تنخر جسم المجتمع الموريتاني، وذلك خلال المنتدى الذي انعقد في تونس العاصمة بعنوان "التمييز في الإرث". ونقلت صحيفة "العرب" اللندنية عن بيرم ولد مسعود، رئيس منظمة نجدة العبيد لمغاربية قوله أن العبودية واقع أليم في موريتانيا، فبعض الأسر لا تزال تملك العبيد وتستقلهم في البيوت والمزارع هنا في نواكشوط دون أي تدخل من الحكومة. وطالبت الناشطات أيضا من القيادات النسوية المشاركة في المنتدى الوقوف إلى جانب موريتانيا للتخلص من هذه الآفة الاجتماعية، وخاصة في الضواحي الشرقية والجنوبية. ورغم كون الحكومة الموريتانية حرمت العبودية سنة 1984، يقول ولد مسعود "إن قانون العبودية الصادر مؤخرا تم إجهاضه من طرف القوى التقليدية النافذة وبالتالي لم يطبق على أرض الواقع، فهناك أغلال فكرية، دينية، مادية، تربط العبيد بأسيادهم مالم يكن هنالك إنعتاق إقتصادي للعبيد فستبقى العبودية هي سيدة الموقف. وفي سنة 2006 اعتمدت الحكومة قانونا جديدا يفرض غرامة مالية ما بين 200 ألف ومليون أوقية موريتانية في حق كل من تثبت إدانته في الانخراط في عمليات الاتجار بالبشر. لكن حتى هذا القانون لا يجد طريقه للتنفيذ حسب الموريتانية أميناتو بنت مختار، رئيسة جمعية النساء معيلات الأسر. وأضافت أن السلطات لا تفعل شيئا لإنهاء معاناة الكثير من الفتيات اللواتي يتعرضن لشتى صنوف الاستغلال بما في ذلك الاستغلال الجنسي. وحسب المناضلة النسوية الموريتانية سارة الصادق، فإن تجار البنات يجدون ضالتهم في المناطق الفقيرة أو في أوساط الفلاحين النازحين إلى العاصمة بسبب سنوات الجفاف الطويلة. وتقول سارة إن من بين المشاكل التي يعاني منها النشطاء والمنظمات هو غياب إحصاءات دقيقة يعتد بها حول مدى انتشار المعضلة. وتقدر الأممالمتحدة أن هناك 1.2 مليون طفل يجرى تهريبهم عبر العالم كل عام، وأن هناك حوالي 246 مليون طفل في العالم مرتبطين بعمالة الأطفال. كما تدر تجارة الرقيق نحو 31 مليار دولار سنويا على مهربي البشر. وحتى عندما يُطلق سراحهم، فإن انعدام التعليم والمعرفة المناسبة بمحيطهم عادة ما يحد من حرية ضحايا الرق. وتقول الصحفية مريم منت محمد لغظف، أن المتحررين من العبودية لم يستطيعوا الإستقلال إجتماعيا لأنهم فشلوا في ذلك إقتصاديا. الواقع أن العبودية الحقيقية هي تلك المادية وليست العرقية كما يتصور البعض... كثير من الأسياد أعطوا الحرية لعبيدهم منذ زمن طويل لكن هؤلاء العبيد وجدوا أنفسهم في وضعيات إقتصادية صعبة جعلتهم يتمنون العودة إلى أكناف أسيادهم. وتقترح أنه من واجب الحكومة تقديم المساعدة المالية والتربوية لصالح من عانوا الرق من أجل دمجهم إجتماعيا. ومن جهة أخرى، لا تزال الحكومة الموريتانية تصر أن زمن العبودية قد ولى وما بقي لا يعدوا كونه رواسب آخذة في الإندثار، فيقول مفوض حقوق الإنسان، محمد لمين ولد إداد "الدولة ماضية في محاربة مخلفات العبودية وبالتالي فتح فرص المساواة أمام كافة الشرائح الإجتماعية". وأضاف "أن الميزانية التي يخصصها قطاعه لهذا المشروع يبلغ مليار وأربعمائة مليون أوقية". وقال إداد إنه التقى مجموعات من الأشخاص المستعبدين لسماع تجاربهم. وقال "بعض ضحايا الرق يحكون قصص مزرية عن واقع أليم إكتحلت أعينهم به دون أن يملكوا عصى سحرية للخروج منه". بلال لمغاربية 50 عاما، أحد هؤلاء الضحايا، يقول "كان والدي يرعى الإبل طيلة اليوم بينما أمي كانت تسوس الخيول... شربت كأس الذل والهوان طيلة طفولتي المسروقة وشبابي المقيد وأحلامي المفجوعة، كل ذلك بسبب سواد البشرة الذي خرجت به إلى هذا الوجود الظالم".