ارتفاع حاد للأسعار في السودان قبل استفتاء تقريرالمصير الخرطوم: شهدت أسعار مختلف السلع الاستهلاكية ارتفاعا حادا في الأسواق السودانية قبل أيام من إجراء استفتاء تقرير المصير لسكان الجنوب المقرر في التاسع من الشهر المقبل. وقد وصلت الزيادة في سعر السكر لأكثر من 40 % والدقيق إلى 36 % والزيوت بنحو 28 % والصابون 20 % وتفاوتت الزيادة في أسعار الخضروات واللحوم ما بين 15 و30 % . وارجع خبراء اقتصاد محليون في مقابلة مع وكالة الأنباء الكويتية "كونا" ارتفاع الأسعار إلى تباطؤ عجلة الاقتصاد الكلي علاوة على المؤثرات السياسية السالبة التي ألقت بظلالها على الاقتصاد جراء احتمالات تناقص الموارد العامة بسبب فقدان جزء من الموارد التي تأتي من النفط وخاصة بالنسبة للشمال . وسادت مخاوف في أوساط العائلات السودانية من استمرار موجة الغلاء خلال فترة الاستفتاء والأسابيع التي تعقبها جراء ما هو متوقع من انعكاسات سلبية لنتائج الاستفتاء على الاقتصاد خاصة في حال الانفصال الذي سيؤدي إلى نقص في موارد الدولة وخاصة في قطاع النفط. وقال الخبير الاقتصادي عصام الدين إبراهيم إن تذبذب أسعار الصرف وارتفاع معدلات التضخم التي قابلها انخفاض في معدل النمو فضلا عن المخاوف بشان مصير البلاد أسهمت في ازدياد الأسعار الذي يصعب إيقاف موجتها التصاعدية في هذه الفترة دون تدخل حكومي مباشر. ورأي ان الحل الممكن هو ان تسعي الحكومة للحصول علي قروض من الدول الصديقة والشقيقة التي تتوافر لديها فوائض نقدية من العملات الأجنبية ومنها الصين أو دول مجلس التعاون الخليجي . من جهته قال الخبير الاقتصادي إبراهيم الدسوقي ان ارتفاع سعر الدولار مقابل العملة الوطنية هو السبب الحقيقي وراء الارتفاع مشيرا إلى ان "البنك المركزي انتهج بعض السياسات غير الموفقة لكبح ارتفاع أسعار الدولار في السوق الموازي بجانب عدم ضخه للعملات الأجنبية إلا وفق حسابات محددة الأمر الذي دفع المستوردين للجوء للسوق الموازي أو الشراء عن طريق الحافز . وفي المقابل عزا التجار زيادة الأسعار إلى انخفاض سعر صرف الجنيه السوداني وزيادة رسوم الجمارك على الواردات. وقال التاجر إسماعيل الياس ان حركة البيع والشراء بالسوق باتت ضعيفة جدا بسبب زيادة الأسعار التي طالت كل السلع وقلة السيولة في أيدي المواطنين مشيرا إلى ان المخرج يكمن في تخفيض قيمة الجمارك وفتح باب الاستيراد لكل من يستطيع دون احتكار لجهة معينة . ومن جهتها بدأت الحكومة السودانية في الإعلان عن حزمة من التدابير لكبح الارتفاع المستمر في الأسعار حيث قال وزير المالية علي محمود ان وزاراته تسعى إلى توفير موارد خارجية لاستيراد السلع الأساسية من أجل تخفيف الضغط على الدولار وتحقيق الاستقرار في الأسعار بجانب الاستمرار في سياسية ترشيد الاستيراد وخفض الإنفاق الحكومي. وعزا ارتفاع الأسعار إلى زيادة الأسعار عالميا والتوسع في الاستهلاك وتراجع العملة المحلية أمام العملات الأجنبية ،مشيرا إلى وجود عمليات غير سليمة في الاستيراد واستخدام النقد الأجنبي الذي توفره الدولة للمصارف لمقابلة استيراد السلع الأساسية . وتشير التقديرات إلي أن شمال السودان سيفقد نحو 70 % من عائدات النفط التي تعتمد عليه ميزانية السودان بشكل رئيسي في حال انفصال الجنوب بموجب الاستفتاء الذي نص عليه اتفاق السلام بين شمال السودان وجنوبه في عام 2005.