يبدو أن الدولار الأمريكي وقع ضحية "التدخل" الياباني في الأسواق لإضعاف الين من جهة و"التلاعب" الصيني للمحافظة على سعر اليوان منخفضا من جهة أخرى، حيث هبط الين الياباني من أعلى مستوياته منذ 15 سنة مقابل الدولار الأميركي بعد أن تدخلت الحكومة اليابانية للمرة الأولى منذ سنة 2004 لتقليص ما حققته عملتها الوطنية من مكاسب باتت تهدد التعافي الاقتصادي الذي تعتبر الصادرات أهم مقوّماته.
وجاءت الخطوة اليابانية بعد أن انخفض سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الين الياباني الأربعاء إلى 82 يناً، ما دفع حكومة ناوتا كان إلى إصدار أوامرها للبنك الياباني المركزي للبدء ببيع الين من أجل الحد من الارتفاع الحاد في قيمة الين.
وفي هذه الأثناء، أبدت واشنطن قلقها من انخفاض سعر صرف اليوان الصيني أمام الدولار، خصوصاً بعد أن خففت بكين من القيود على عملتها أمام الدولار في يونيو/ حزيران الماضي، عن طريق السماح بتعويم اليوان، إلا أنه لم يرتفع سوى بنسبة 1%.
وهو ما أثار تساؤلا نشرته شبكة ال "سي أن أن" حول الفرق بين التدخل "في اليابان" والاتهامات الموجهة ضد الصين بشأن "التلاعب" بالعملة؛ وبحسب المصطلحات الاقتصادية يبدو مجرد الفرق بين "التدخل" و"التلاعب" لغوي فحسب، إلا أن الفرق السياسي يبدو كبيراً جداً بحيث يجعلهما على تناقض تام.
من جانبه، أكد وزير المال الياباني يوشيهيكو نودا مطلع الأسبوع الجاري إن بلاده ستبدّد الانتقادات الدولية حول تدخلها في أسواق الصرف، عن طريق بيع الين من خلال إبراز التأثير الضار لارتفاع عملتها على الاقتصاد الغارق في الانكماش.
وأضاف نودا في مؤتمر صحافي، أنه على رغم إدراكه للمخاوف من أن تحذو دول أخرى حذو بلاده لتعزيز الصادرات المتراجعة، ومن أن يقوض تقويم العملات، الانتعاش الاقتصادي العالمي البطيء، فإن طوكيو مستعدة للتحرك مرة ثانية في حال حدوث تحركات سريعة في أسواق الصرف.
وقالت صحيفة أساهي اليابانية إن الفرصة الأولى لتفسير تحركات طوكيو قد تأتي الأسبوع المقبل، عندما يلتقي رئيس الوزراء الياباني ناوتو كان الرئيس الأميركي باراك أوباما في نيويورك في 23 أيلول (سبتمبر) الجاري، على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وتشير بيانات السوق إلى أن طوكيو باعت في يوم واحد نحو 1.86 تريليون ين (21.67 بليون دولار) بعد أن قفزت عملتها إلى مستوى قياسي جديد في 15 عاماً في مقابل الدولار ما هدد انتعاش الاقتصاد الياباني متردد الخطى.
وأوضح نودا أن الارتفاع السريع للين، الذي اعتبر أنه لا ينبع من العوامل الأساسية للاقتصاد، السبب وراء تدخل طوكيو في أسواق الصرف.
الرد الصيني
وعلى الجانب الأخر، و ردا على شكوتين تقدمت بهما الولاياتالمتحدة إلى منظمة التجارة العالمية ضد الصين، أكد باحثون اقتصاديون صينيون إنه لا يجب لوم بكين بسبب الصعاب التي يمر بها الاقتصاد الأمريكي حسبما ذكرت وسائل إعلام صينية.
وتتعلق الشكوى الأولى بالقيود التي تفرضها بكين على الشركات الأمريكية العاملة في مجال بطاقات السحب البنكية والراغبة في دخول هذا المجال في الصين، فيما تتعلق الثانية بالرسوم التي تفرضها الصين على واردات الولاياتالمتحدة من الصلب.
وقال هو جيانقاو مدير الأكاديمية الصينية للتعاون الاقتصادي والتجارة الدولية، وهي مؤسسة تابعة لوزارة التجارة، لصحيفة "شاينا ديلي" "إن التصرفات والانتقادات ضد الصين لا معنى لها"، مضيفا أن الإدارة الأمريكية "جعلت الصين كبش فداء" لإسعاد الناخبين قبيل انتخابات التجديد النصفي للكونجرس المقررة في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
وأكد جيانقاو أن الحكومة الصينية لا تستطيع السماح لليوان بالارتفاع أسرع من هذه الوتيرة بسبب الوضع الاقتصادي للبلاد، أما رهان مونان الاقتصادية في مركز الدولة للمعلومات فقالت إن واشنطن حصلت على منافع أكبر من الصين بسبب العلاقة المشتركة بين الجانبين.
كما نقلت شبكة ال "بي بي سي" عن مونان أن الولاياتالمتحدة استطاعت الاستفادة من هبوط قيمة الدولار، من وضع عملتها المهيمن على المعاملات المالية العالمية.
ويذكر أن البنك المركزي الصيني اعلن في يونيو/ حزيران الماضي أنه سيدع عملة البلاد (اليوان) تتذبذب بحرية، لكنها ارتفعت منذ ذلك الوقت بحوالي 1.53% فقط، في الوقت الذي يرى فيه العديد من الاقتصاديين أن اليوان مقيم بأقل من قيمته الحقيقية بحوالي 40%.