الرئيس الامريكى باراك اوباما بعد أن صادق الكونجرس الأمريكي على الصيغة النهائية لأكبر إصلاح لنظام الضبط المالي منذ الثلاثينيات، مانحا بذلك الرئيس باراك أوباما نصرا تشريعيا مهما، أعلن البيت الأبيض أمس السبت، أن الرئيس باراك أوباما سيوقع قانون إصلاحات تنظيمية شاملة ل "وول ستريت" يوم الأربعاء المقبل، في مبنى رونالد ريجان في واشنطن.
وتأتي هذه الخطوة بعد موافقة الكونجرس يوم الخميس الماضي على هذه الإصلاحات التي تهدف إلى تشديد الإشراف على القطاع المالي ومنع عمليات الإقراض المحفوفة بالمخاطر التي تسببت في الأزمة المالية في الفترة 2007-2009.
وتتضمن الإصلاحات، التي ناقشتها إدارة أوباما والمشرعون الأمريكيون لأكثر من عام، إنشاء مكتب للحماية المالية للمستهلك، وتضع بعض القيود على إقدام البنوك على المخاطرة وتعطي المنظمين سلطات أفضل للتصفية بصورة منتظمة للمؤسسات المالية الحيوية التي تظهر فيها مشكلات.
وبين الإجراءات البارزة في نص القانون، فقرة تدعو إلى مراقبة أفضل لسوق المنتجات المشتقة الهائلة، والتي كانت صلب الأزمة المالية الأخيرة في الولاياتالمتحدة، كما يتضمن النص أيضا إجراء أطلق عليه اسم "قاعدة فولكر" تتمثل فكرته في صرف المصارف التجارية عن "إغراء" المجازفة وتركيز نشاطاتها على الإقراض، غير أنه أدخلت تعديلات تسوية على الإصلاح في اللحظة الأخيرة حيث سيسمح للمصارف التجارية مثلا بمواصلة بيع بعض منتجات الاستثمار.
المؤيدون أكد أوباما أن تطبيق الإصلاح سيضع حدا "للصفقات المريبة" التي أدت بالنظام المالي الأمريكي إلى أزمة خريف 2008 وأغرقت اقتصاد البلاد في الفوضى.
كما اعتبر أن القانون الذي سيتم إصداره الأسبوع المقبل، سيساعد على بناء اقتصاد "مبتكر وخلاق وتنافسي" يكون أقل عرضة للبلبلة، ولن يلزم دافعي الضرائب بدفع ثمن أخطاء شركات وول ستريت العملاقة.
وأشاد بعض الديمقراطيين بمشروع القانون ووصفوه بالفوز التاريخي على وول ستريت المتهورة، فيما قال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ هاري ريد "عندما وقع هذا الزلزال، لم يكن هناك ما يكفي من الرقابة أو الشفافية أو المحاسبة لحمايتنا من التداعيات... وسيعزز هذا القانون كل هذه الأمور الثلاثة."
وعلى الجانب الأخر ، يرى ساسة وإعلاميون وباحثون أن مشروع القانون ما زال معيبا ولا يوفر ضمانا لمنع وقوع أزمات أخرى، معتبرين التشريع، الذي وصفه وزير الخزانة تيموثي جيتنر بأنه "ذو انياب"، تسوية لصراع مصالح.
المعارضون
و يرى كثيرون أن الإصلاح بمثابة معركة بين بنوك كبرى وحكومة كبيرة، وتبدو "وول ستريت" كخاسر للمعركة في النهاية، لكن من الصعب أيضا اأن تعلن الإدارة الأمريكية أنها فائز مطلق.
ورأى الجمهوريون أن مشروع القانون خداع للنفس واسع النطاق على المستوى الفيدرالي و"قاتل للوظائف" لأنه قد يدفع فرص العمل في القطاع المالي إلى الخارج.
ووصف السناتور الجمهوري ريتشارد شيلبي، الذي عمل مع الديمقراطيين على الإصلاح المالي، وصف مشروع القانون بأنه "مسخ تشريعي"، ورفضه آخرون وكتفوا بوصفه ب "قانون سيء".
وقال النقاد أن التوقيت الذي طرحت فيه الإدارة التشريع "ليس جيدا" إذ جاء في وقت تتعرض لضغوط سياسية كبيرة لإيجاد فرص عمل. وهناك مخاوف أيضا من أن يضر الإصلاح بسوق الوظائف ويؤدي إلى إبطاء النمو الاقتصادي.
ومن جانبها قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" في مقال نشرته الأربعاء الماضي إن مشروع القانون انتصار للمنظمين، لكنه يترك بعض الشكوك فى المستقبل، وذكر المقال إن التشريع المكون من 390 ألف كلمة لا يقدم أى علاج سريع وبدلا من ذلك يضع وصفات للمنظمين للعمل على أساسها.
وفى رسالة مفتوحة صدرت الأسبوع الماضي ، قالت غرفة التجارة الأمريكية، "أن الشكوك عدو للنمو والاستثمار وخلق فرص العمل."، كما انتقدت الكونجرس والحكومة لما وصفته بحقن " شكوك هائلة في صنع القرار الاقتصادي والتخطيط للأعمال التجارية."
ويقول راغورام راجان، وهو كبير الاقتصاديين السابق في صندوق النقد الدولي والأستاذ بجامعة شيكاغو، لوكالة الأنباء الصينية "شينخوا" انه (مشروع القانون) لن يمنع وقوع أزمات في المستقبل، مطلقا"، مضيفا ان تكرار الخطأ من "الطبيعة البشرية".
أوباما ينتقد الجمهوريين
من جهة أخرى، صعد الرئيس الأمريكي انتقاداته للجمهوريين أمس لأنهم عرقلوا مساعدات البطالة ووصف الحزب المعارض بأنه حزب الأغنياء، قائلا "في معظم الأحوال تختار قيادة الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ الأمريكي تعطيل تعافينا وعرقلة تقدمنا، ولهذا السلوك عواقب حقيقية للغاية".
واتهم أوباما في حديثه الإذاعي الأسبوعي الجمهوريين باستخدام تكتيكات إجرائية لمنع الكونجرس من التصويت على تمديد مساعدات البطالة للعمال الذين تركوا وظائفهم منذ أكثر من عام ونصف العام، وكانت صلاحية التمديد السابق قد انتهت في نهاية شهر مايو الماضي ما أسفر عن أكثر من 2.5 مليون شخص من دون وظائف أو مساعدات.
ووفقا لما أوردته وكالة الأنباء الكويتية "كونا" عرقل الجمهوريون في مجلس الشيوخ ثلاث مبادرات على الأقل للديمقراطيين لتمديد تأمين البطالة متذرعين بالحاجة إلى خفض الإنفاق الحكومي وسط عجز قياسي للميزانية.
وقال أوباما أن تمديد تأمين البطالة احد أكثر الطرق المكلفة لمساعدة الاقتصاد لكن بعض قادة الجمهوريين يقولون ان هذه المساعدات تثبط الناس عن البحث عن فرص عمل.