يبدو أن دول الاتحاد الأوروبي باتت على وشك الخروج من الركود الاقتصادي الذي ألم بها جراء الأزمة المالية العالمية ،مدفوعة بسلسلة الإجراءات الطموحة التي اتخذتها الحكومات والبنوك المركزية الأوروبية والاتحاد الأوروبي نفسه ، والتى لم تمنع فقط من حدوث انهيار شامل للنظام ولكنها ايضا بدأت عملية التعافى.
وفي هذا الصدد ذكر التقرير الخريفي للمفوضية الأوروبية أن اقتصاديات الاتحاد الأوروبى ال27 ومنطقة اليورو التى تتكون من 16 دولة على "طريق التعافى التدريجى" و"ستخرج من الركود فى النصف الثانى من هذا العام، بالرغم من ان اجمالى الناتج المحلى لعام 2009 ككل مهيأ للهبوط بنسبة تصل الى حوالى 4%.
واعترف تقرير المفوضية الذي أوردته وكالة الأنباء الصينية "شينخوا" أن أوروبا شهدت أعمق وأطول وأوسع فترة ركود اقتصادى فى التاريخ خلال النصف الأول من عام 2009 نتيجة الأزمة المالية العالمية.
وأشار إلى أنه "يتوقع حدوث انخفاض فى معدلات التوظيف هذا العام بنسبة تصل الى حوالى 2.25%، مع توقع زيادة الانخفاض بنسبة تصل الى حوالى 1.25% فى عام 2010، ومن المتوقع ان تصل معدلات البطالة فى الاتحاد الاوروبى الى 10.25%."
واضاف التقرير "انه من المحتمل حدوث استقرار تدريجى فى معدلات التوظيف بحلول نهاية عام 2010 وحتى عام 2011 مع استمرار التعافى الاقتصادى".
وذكر التقرير انه كان من المتوقع ان يتضاعف العجز الحكومى ثلاث مرات فى الاتحاد خلال هذا العام، ليصل إلى ما يقرب من 7% من اجمالى الناتج المحلى، مقارنة بنسبة 2.25% فى عام 2008، وسوف يرتفع العجز بشكل اكبر فى 2010 ليصل الى حوالى 7.5% من اجمالى الناتج المحلى.
ومن المتوقع حدوث تحسن طفيف فى نسبة العجز، لتصل إلى أقل من 7% من اجمالى الناتج المحلى بقليل خلال عام 2011 مع زيادة النشاط وانتهاء العمل بالاجراءات المؤقتة . بيد ان نسبة الدين تظل فى طريقها نحو الزيادة."
غير ان الشهور الاخيرة شهدت تحسنا ملحوظا فى الوضع الاقتصادى والاحوال المالية فى العالم، وفقا لما ذكره التقرير، مستشهدا بالعديد من المؤشرات المالية والتي عادت الان الى مستويات ما قبل الازمة.
وذكر التقرير أنه "بناء على هذه التطورات ومع تعديل مناسب للمخزون، سيبدأ اجمالى الناتج المحلى فى الاتحاد الاوروبى ومنطقة اليورو فى التحسن مرة اخرى خلال النصف الثانى من هذا العام."
ومن جانبه يقول يواكين المونيا، مفوض الاتحاد الاوروبى للشئون الاقتصادية والنقدية، عند اصدار التقرير، إنه "من المتوقع حدوث تحسن تدريجى مع النمو المتوقع لاجمالى الناتج المحلى بنسبة 0.75% فى عام 2010 وحوالى 1.5% فى عام 2011."
وأضاف ان الانتعاش فى النشاط الاقتصادى على المدى القريب يتبع التحسن فى البيئة الخارجية والظروف المالية وكذا من التحسنات الناتجة عن الاجراءات الهامة للسياسة المالية والنقدية، قائلا : "بيد الطريق امامنا يفرض تحديات علينا".
وأضاف انه للحفاظ على قوة دفع ودعم استمرارية الانتعاش، فإنه من الضرورى "التطبيق الكامل لجميع الاجراءات المعلن عنها واكمال اجراءات اصلاح القطاع المصرفى."
وعلى صعيد أخر توقعت المفوضية استمرار المشاكل التي تواجه دول منطقة اليورو ودول الاتحاد الأخرى خلال العامين المقبلين بسبب تداعيات الأزمة العالمية الراهنة، حيث كشف مكتب الاحصاءات الأوروبية مؤخرا عن تراجع اداء الاقتصاد في الاتحاد الأوروبي بنسبة 0.3% خلال الربع الثاني من العام الحالي ، وذكر أن إجمالي الناتج المحلي في دول منطقة اليورو ال16 تراجع أيضاً بنسبة 0.2% خلال الفترة نفسها.
وأشار التقرير إلى أن معدل النمو في الربع الأول لسنة 2009 في دول منطقة اليورو سجل تراجعا بنسبة 2.5% فيما سجل لكافة دول الاتحاد الاوروبي تراجعا بنسبة 2.4%، موضحا أنه مقارنة بالربع الثاني من سنة 2008 فان اجمالي الناتج المحلي لدول منطقة اليورو في الربع الثاني من العام الحالي تراجع بنسبة 4.8% في حين بلغ انخفاض اجمالي الناتج المحلي لدول الاتحاد الاوروبي 4.9%.