في سابقة تعد الأولى منذ بدء الأزمة المالية العالمية وافقت المفوضية الأوروبية على مشروع للحكومة الألمانية لتأميم مصرف "إتش آر إي" (هيبو ريال استات) وهو أكبر مصرف عقاري في ألمانيا والذي يواجه حتى الآن خطر الإفلاس بالرغم من الدعم الكبير الذي قدمته السلطات الفيدرالية في نطاق خطة لإنقاذ المصارف. وأعلنت المفوضية في بيان رسمي أن تَملك الحكومة الألمانية من خلال "صناديق استقرار الأسواق المالية" للمصرف العقاري الذي يتخذ من ميونيخ مقرا له "لا يعوق سير قوانين التنافس داخل الحيز الاقتصادي الأوروبي أو في جزء منه"، وتعد المبادرة التأميم الأول الذي يعرض على المفوضية في القطاع المصرفي منذ تفجر الأزمة المالية. وكانت الحكومة الألمانية أنشأت مؤسسة "صوفين" في أكتوبر 2008 من أجل تأمين انسجام عمليات تدخل القطاع العام لتقييد آثار الأزمة المالية، وهي تملك صلاحيات شراء جزء من أسهم المصارف، وتقع "صوفين" تحت مراقبة وزارة المال من خلال "صناديق استقرار الأسواق المالية". ووفقا لوكالة الأنباء السعودية (واس) لا تستبعد العديد من الحكومات الأوروبية اللجوء إلى تأميم بعض المصارف التي لا تزال تواجه عقبات هيكلية مزمنة ومستعصية على طريق إنعاشها النهائي والفعلي ،وفي هذا الصدد أعلنت الحكومة البلجيكية من ناحيتها منتصف الأسبوع تأمين بليوني يورو لإنقاذ مصرف "كاي بي سي"، الوحيد المتبقي بين أيد بلجيكية، وكانت الحكومة طلبت مشاركة المؤسسات والحكومة الفرنسية لإنقاذ كل من مصرف "فورتيس" الذي يملك مصرف "باريبا" جزءاً من أسهمه ومصرف "ديكسيا" الذي يملك مصرف "بوبيلار" حصة فيه. وبلغ إجمالي تدخل الحكومة البلجيكية لمصلحة المصارف الثلاثة 25 بليون يورو في شكل شراء أسهم وائتمانات ضد "الأسهم الفاسدة" التي يستحيل على المصارف التحكم في أخطارها، وتنقذ عمليات التدخل النظام المصرفي ومن ورائه آلاف المؤسسات وملايين المدخرين لكنها تضاعف ثقل المديونية العامة التي بلغت 100% من قيمة الناتج المحلي ونسبة العجز العام التي ستتجاوز 4.5% في 2009. وعلى صعيد متصل توقعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، "مواجهة طويلة للتغلب على الركود تتجاوز سنة 2010"، وذلك رغم اعتبارها تمثل الطرف العامل على إشاعة الأمل في قرب تجاوز الامتحان الصعب الذي تمر فيه البلاد، أوضحت أمس أنها لا تنتظر مثل البعض أن "يحقق نمو الاقتصاد الألماني نهاية السنة المقبلة معدل النمو المحقق عام 2008 ، أي 1.6%". ولفتت ميركل إلى أن "القليل من المؤشرات يدل إلى أن ذلك ممكناً"، مشيرة إلى أن التراجع السالب في النمو "سيصل قريباً إلى قعره النهائي"، مرجحة تحسن الناتج المحلي القائم "في شكل بطيء جداً على عكس هبوطه السريع". ومن جانبه لم يرَ رئيس البنك المركزي الألماني أكسل فيبر بعد، أية نهاية للأزمة الاقتصادية في بلده، كما استبعد "تسجيل معدلات نمو إيجابية قبل النصف الثاني من 2010"، وبعدما توقع عدم حصول أي تحول اقتصادي إيجابي من دون إعادة الاستقرار إلى الأسواق المالية الدولية". وأشار فيبر إلى أن "التحسن الحاصل على مستوى الإقراض المصرفي الداخلي وفي بورصات الأسهم مفرح"، لكنه "مجرد ومضات لا إشارات موثوقة على أن الاقتصاد العالمي يخرج من حفرته".