32 دولة تعلن حالة طوارئ وانعدام الأمن الغذائي الفقرء أكثر المتضررين محيط – زينب مكي في الوقت الذي يرى فيه العديد من الخبراء أن الجانب المشرق الوحيد في الأزمة المالية العالمية التي يمر بها الاقتصاد العالمي ربما يكون هو الانخفاض الحاد في أسعار السلع العالمية مما يتيح للفقراء الفرصة في الحصول على هذه السلع بأسعار رخيصة نسبيا إلا أن تقريرا حديث كشف أن أسعار المواد الغذائية لم ينخفض في البلدان النامية على رغم وفرة إمدادات الحبوب بالمقياس العالمي والتراجع الحادّ في الأسعار. ولم يستبعد التقرير الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة ( فاو ) تحت عنوان "توقعات المحاصيل وحال الأغذية"، أن "يترتّب على الارتفاع المتواصل في أسعار المواد الغذائية لدى البلدان النامية، مزيدٌ من الصعوبات لملايين السكان الفقراء الذين يعانون بالفعل من وطأة الجوع وسوء التغذية". ووفقا للتقرير الذي أوردت صحيفة "الحياة" اللندنية أجزاء من توقعت المنظمة أن تتواصل حالات طوارئ الغذاء لدى 32 بلداً حول العالم ، على رغم المستوى الجيد لإنتاج محاصيل الحبوب العام الماضي لدى البلدان الأكثر تعرُّضاً لخطر غياب الأمن الغذائي. ولفت تقرير المنظمة إلى أن أسعار الحبوب "لا تزال مرتفعة جداً في البلدان النامية عموماً، وفي بعض الحالات بلغ الارتفاع مستوياتٍ قياسية"، وأوضح أن "أسوأ المتضررين من هذا الوضع هم فقراء المدن، والمزارعون في المناطق الريفية ممَن يعانون فعلياً من غياب الأمن الغذائي، لاعتمادهم على الأسواق كمصدر وحيد للغذاء". ورأى أن الكساد الاقتصادي العالمي "يكاد يجمِّد حركة الحِوالات المالية من العاملين في الخارج، الذين يعيلون أسرهم الفقيرة في البلدان النامية ويمثلون سنداً اقتصادياً مباشراً لاستهلاكها الغذائي". وكشف تحليل أسعار المواد الغذائية المحلية لدى 58 بلداً، أن أسعار الأغذية في نحو 80% من الحالات أعلى من مستوياتها قبل 12 شهراً، وفي نحو 40% أعلى مما كانت عليه قبل ثلاثة شهور، وفاقت في 17% تقديرات الأسعار السائدة فعلياً. وتبدو الحال في إقليم إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى "خطيرة جداً"، إذ ظهرت الأسعار المحلية للأرز كمحصولٍ أساس أعلى بكثير مما كانت عليه قبل 12 شهراً في البلدان التي شملها المسح. كما وجِدَت أسعار الذرة والذرة الرفيعة كمحاصيلٍ رئيسة أعلى من ذي قَبل لدى 89% من البُلدان المشمولة بالمسح، قياساً إلى المستويات السائدة قبل سنةٍ واحدة. وظلّت أسعار المواد الغذائية على ارتفاعها في الأقاليم الأخرى، خصوصاً في قارة آسيا في حال الأرز، وفي أميركا الوسطى والجنوبية بالنسبة إلى محصولين أساسيين هما الذرة والقمح. ولم يستبعد التقرير أن "تنخفض فواتير استيراد الحبوب في بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المتدني بين العامين 2008 و2009، إلى 28مليار دولار، أي بنسبة 27% مقارنةً بالمستوى القياسي الذي فاق أي وقتٍ مضى للموسم السابق، نظراً إلى تراجُع الأسعار الدولية للسلع ذات الشأن مقرونةً بانخفاض أسعار الشحن". لكن المنظمة أشارت إلى أن "تباطؤ معدلات الواردات التجارية من الحبوب والمعونات الغذائية المقدَّمة، تشكَّل سبباً لاستمرار ارتفاع أسعارها لدى البلدان الفقيرة. إذ مع حلول نهاية مارس الماضي، لم يُورَّد أكثر من 45% من احتياجات استيراد الحبوب لدى بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض، لتغطية متطلّبات السنة التسويقية التي تُختتم نهاية هذا العام". تراجع انتاج القمع عالميا ولفتت إلى أن انعدام الأمن الغذائي "يتفشى في بعض أجزاء آسيا، خصوصاً في بقاعٍ ساخنة مثل أفغانستان وسريلانكا وميانمار وكوريا الشمالية، حيث تسود حال مزمنة من غياب الأمن الغذائي، وخُفّضت حصص توزيع الغذاء إلى النصف"، ويواجه أكثر من 17 مليون نسمة في شرق أفريقيا حالات حادة من انعدام الأمن الغذائي، بسبب رداءة الحصاد أو الصراعات أو كلاهما . وفي أفريقيا الجنوبية، لاحظت المنظمة "انعكاس ارتفاع الأسعار المحلية مقروناً بتباطؤ معدلات الواردات وارتفاع الطلب في ذروة شهور الجوع الأخيرة، سلباً على وضعية الأمن الغذائي لما لا يقل عن 8.7 ملايين شخص". وكانت المنظمة قد أعلنت في أول تقديراتها لمحاصيل 2009 أنه من المتوقع تراجع إنتاج القمح العالمي 4.9% إلى 655 مليون طن في 2009 ليظل رغم ذلك فوق متوسط السنوات الخمس الأخيرة. ومن المتوقع تراجع إجمالي إنتاج الحبوب 3.1% إلى 2.217 مليار طن في 2009، ورفعت المنظمة تقديراتها لحجم إنتاج الحبوب في 2008 مليوني طن إلى مستوى قياسي بلغ 2.289 مليار طن. وتتوقع الفاو تحسنا قويا في ميزان العرض والطلب العالمي للحبوب في 2008-2009 بفضل ضخامة محاصيل 2008 إلى جانب تراجع بنحو 50% للأسعار العالمية من ذروتها في النصف الأول من 2008.