دفعت أزمة الغاز بين روسيا وأوكرانيا حول رسوم النقل والتي حرمت الأوروبيين من القسم الأكبر من الغاز الروسي طوال أسبوعين في يناير الماضي إلى عقد مؤتمرا يجمع بين قادة الاتحاد الأوروبي وقادة أوكرانيا ورموز الصناعة وكبرى هيئات التمويل الدولية لمناقشة كيفية إصلاح أوكرانيا لنظامها لتشجيع هذا الاستثمار. وتعهد الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا في المؤتمر الذي عقد في بروكسل بالعمل معاً على تحديث شبكة نقل الغاز الأوكرانية العملاقة التي تمد دول الاتحاد بالغاز الروسي،فيما اتهمت روسيا الجانبين بتجاهلها مما قد يؤدي في نظرها إلى الإخلال بأمن الطاقة في الاتحاد الأوروبي. ونقل موقع التلفزيون الألماني على شبكة الانترنت عن الرئيس الأوكراني فيكتور يوشينكو قوله أمام المؤتمر " إنه عزم راسخ بالنسبة لنا لتحديث نظامنا لنقل الغاز، للتأكد أنه يتماشى مع كافة المعايير الأوروبية، نريد أن يعلم المستهلكون أين توجد الإمدادات في كل الأوقات وكيف يتم توزيعها". جاء هذا التصريح رداً على المطالبات الأوروبية بتوفير المزيد من الشفافية، حيث طالب المؤتمر، الذي استضافته الحكومة الأوكرانية والمفوضية الأوروبية، بتمهيد الطريق لهذا الاستثمار من خلال وضع سلسلة من الإصلاحات تهدف إلى جلب مزيد من الشفافية والكفاءة لشبكة الغاز الأوكرانية. ومن جانبه، قال رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو، الذي يشارك يوشينكو في استضافة المؤتمر، إن الشبكة الأوكرانية " واحدة من شرايين الطاقة الحيوية التي تجعل الجسد الأوروبي يعمل وستظل تتمتع بأهمية إستراتيجية لعقود مقبلة." وقالت رئيسة الوزراء الأوكرانية يوليا تيموشينكو إن أوكرانيا تحتاج إلى نحو 5.5 مليارات يورو لتحديث شبكة النقل الخاصة بها ولزيادة قدرتها، مضيفة ، أن هذا الاستثمار يتطلب ضمانا من الاتحاد الأوروبي وبيلاروسيا(روسيا البيضاء) الجارة المشتركة للطرفين، إذا ما قدر للنظام الأوكراني أن يعمل بكامل طاقته. و قال رئيس بنك الاستثمار الأوروبي، فيليب مايشتات، إن البنك ليس لديه " أي اعتراض من حيث المبدأ" للمشاركة في تمويل عملية التحديث، لكنه شدد على أن " شرط هذا البرنامج يجب أن ينفذه كيان مستقل يملك الخبرة والموقف المالي القوى للتمكن من إدارة النظام بأسلوب تجاري وبصورة شفافة". من جانبه قال مارتن رايزر، مدير مكتب البنك الدولي في أوكرانيا، إن البنك الدولي مستعد للاستثمار حالما يصبح النظام الأوكراني أكثر شفافية. وتمخض المؤتمر عن توقيع إعلان مشترك يطالب أوكرانيا بتنفيذ إصلاح كامل لقطاع الغاز بنهاية عام 2011 ،يطالب بإنشاء شركة مستقلة تماما لإدارة نظام نقل الغاز، يمولها عائد النظام وتفوض بالعمل على أساس تجاري، يشمل وضع رسوم "شفافة و موضوعية وغير تمييزية". وشدد مسئولو الاتحاد الأوروبي على أن الاتفاق المبرم لا يرمي إلى تقليل أهمية روسيا كأهم مزود لإمدادات الغاز للكتلة الأوروبية وعلى الجانب الأخر اتهم وزير الطاقة الروسي الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا بتجاهل بلاده عندما صاغا الإعلان، وقال سيرجي شماتكو أمام المؤتمر: "سوف تؤدي طريقة أحادية، لا ترعى مصالح المزودين الكبرى، إلى نظام مائل، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى ضرر كبير لأمن الطاقة بالاتحاد الأوروبي" ،محذرا من أن: "الطبيعة الأحادية لمشروع الإعلان تعطينا روسيا سببا للقلق والحيرة". كما حذر شماتكو من أن قرار عدم تضمين بلاده مصدر الأغلبية العظمى من الغاز الذي يمر إلى أوروبا عبر أوكرانيا في صياغة الإعلان المشترك سوف يخلق سلسلة من الصعوبات القانونية والفنية،وعلى وجه الخصوص، قال إن أي أعمال فنية في خطوط الأنابيب الأوكرانية يجب أن يصاحبها أعمال فنية في روسيا. يذكر أن نحو خمس الغاز الطبيعي المستهلك في الاتحاد الأوروبي يمر عبر شبكة خطوط أنابيب الغاز الأوكرانية الممتدة على طول 13500 كيلومتر، والتي تعد الأطول في العالم، وتعمل منذ 40 عاماً. ويتوقع الخبراء أن تتكلف الشبكة استثمارات تقدر بنحو 2.5 مليار يورو على مدار السنوات الست المقبلة فقط للإبقاء على الأنابيب ومحطات الضخ تعمل.