بعد وصول أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية خلال الأيام الأخيرة لمستويات قياسية غير مسبوقة، أقدمت العديد من المؤسسات الإقتصادية علي تعديل رؤيتها بشأن وتيرة الإرتفاعات المنتظرة في السوق البترولي خلال العام الحالي خاصة وأن هناك عدة عوامل مجتمعة تسهم في دعم اتجاهات ارتفاع الأسعار من بينها العامل الجيوسياسي وبالتزامن مع استمرار ضعف سعر الدولار أمام العملات الرئيسية. فقد أقدم بنك "باركليز كابيتال" علي رفع توقعاته الخاصة بأسعار النفط الخام الأمريكي بنحو 16 % ليكون متوسط السعر الحالي في حدود 116.9 دولار مقارنة بالتوقعات السابقة التي حددت متوسط السعر بحوالي 100.8 دولار. وقد حذرت مؤسسة "جولد مان ساش" في تقرير لها من أن أي تراجع في حجم المعروض النفطي بالسوق العالمي سيدفع الأسعار لمستويات جديدة تتراوح ما بين 150 و 200 دولار للبرميل وذلك في غضون عامين. وقد علل البنك في تقرير له أوردته شبكة " بلومبرج " الأخبارية تعديل توقعاته المتعلقة بالأسعار وذلك في ضوء استمرار تنامي الطلب علي موارد الطاقة وفي مقدمتها النفط من جانب الصين التي تعد ثاني أكبر مستهلك للطاقة علي مستوي العالم إلي جانب ارتفاع الطلب أيضا علي مستوي دول الشرق الأوسط. وتشير الإحصائيات إلي أن الاقتصاد الصيني الذي يحظي بأسرع معدلات نمو علي مستوي العالم قد تضاعف حجم استهلاكه من النفط وذلك خلال الفترة منذ مرحلة الهبوط التي شهدها سعر الخام ببورصة نيويورك حينما بلغ أدني مستوياته للعقد الحالي مسجلا 16.7 دولار للبرميل. وأظهر تقرير لبنك التنمية الآسيوي أن النمو الاقتصادي الصيني سيبلغ 10% خلال العام الجاري بعد أن وصل إلى 11.4% في عام 2007 وهي أعلى نسبة مسجلة خلال 13 عاما كما توقع البنك الدولى أن ترتفع نسبة النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى 5.4% مع نهاية العام الحالي مقارنة 4.9% في 2007. ولم تمنع الارتفاعات المتتالية لأسعار النفط من وقف التنامي السريع في حجم الإستهلاك العالمي لموارد الطاقة وفي مقابل تنامي مستويات الطلب علي النفط من جانب الاقتصادات الناشئة، يشهد الإنتاج من خارج "أوبك" تراجعا وبصورة تجاوزت التوقعات السابقة حيث انضمت روسيا إلي قائمة الدول التي أظهرت مؤشرات ضعف في حجم انتاجها البترولي. ويضيف تقرير بنك "باركليز" إن انخفاضات حجم الطلب علي النفط من قبل الدول الثلاثين المتقدمة بما فيها الولاياتالمتحدة واليابان وألمانيا لم تكن كبيرة بالقدر الذي يؤثر في نمو مستويات الطلب العالمي ويدفعها لأقل من المليون برميل يوميا. وكانت أسعار النفط الخام قد أحرزت على مدى أيام الأسبوع مستويات قياسية في الوقت الذي مازال يُظهر فيه السوق البترولي بعض بوادر الانكماش في حجم المعروض العالمي حيث أشارت صحيفة "فاينانشيال تايمز" عبر موقعها الإلكتروني إلى أن إنتاج "أوبك" في الشهر الماضي قد سجل تراجعا بنحو 320 ألف برميل يوميا ليبلغ في المتوسط 32.05 مليون برميل وتصدر إنتاج كل من نيجيريا والعراق قائمة الانخفاضات المسجلة. وتوقعت إدارة معلومات الطاقة بوزارة الطاقة الأمريكية أن تظل أسواق البترول تعانى من النقص، وأن يتجاوز متوسط سعر البترول الخام خلال عام 2008 بكثير متوسط السعر الذى شهده عام 2007.