الارتفاعات المتلاحقة التى شهدتها بورصة وول ستريت على مدى خمس سنوات، قد تواجه انتكاسة فى ظل التنامى السريع لعائدات السندات الأمريكية التى وصلت فى الفترة الأخيرة إلى أعلى مستويات منذ عام 2002. غير أن هناك من يقلل من مخاطر الأداء الراهن لسوق السندات الأمريكى على مكاسب بورصة وول ستريت، بل تشير بعض الأراء إلى أنه فى ظل الظروف الراهنة الخاصة بالاقتصاد الأمريكى فإن ارتفاعات عوائد سندات الخزانة يمكن أن تمثل عامل دعم ل "وول ستريت". وكما ذكرت شبكة بلومبيرج الاخبارية تشير فى ذلك الصدد أراء الخبراء فى كل من " بنك اوف أمريكا" و" ال بى ال فاينانشيال سيرفيسز" و"بلاك روك اينسكورب " إلى أن الارتفاعات الأخيرة لعائدات سندات الخزانة الأمريكية ترجع لإقدام المستثمرين على تقليص مراكزهم الاستثمارية فى السندات على أساس التوقعات المتفائلة بشأن تسارع وتيرة النمو الاقتصادى فى أمريكا. وبمعنى آخر فإن تصفية الاستثمارات فى السندات ليس نتيجة مخاوف المستثمرين من مخاطر الضغوط التضخمية بالنسبة للاقتصاد الأمريكى. ويرى أحد المحللين أن ارتفاع عوائد السندات إذا كان مرتبط بتنامى الضغوط التضخمية فإن ذلك سيكون له آثارة السلبية على أداء سوق الأسهم. وكما تشير أغلب الأراء فإن الاتجاه الصعودى الراهن لعائدات سندات الخزانة الأمريكية جاء متزامناً مع وجود مؤشرات إيجابية لنمو الاقتصادى. ومن هنا فإن ذلك المناخ سيوفر قاعدة جيدة لأداء بعض القطاعات على مستوى البورصة الأمريكية وتحديداً قطاع "الاقتصاد الجديد" حيث تعتبر أسهم شركات التكنولوجيا أكثر القطاعات استفادة من تزايد معدلات النمو الاقتصادى. وبجانب أسهم الشركات المرتبط نشاطها بتكنولوجيا الكمبيوتر فإن أسهم أيضاً الشركات الصناعية وشركات المنتجات الاستهلاكية، تعتبر من أفضل القطاعات أداء وذلك خلال الفترات التى يتجاوز فيها مستويات العائد على السندات طويلة الأجل ذلك المستوى الخاص بالسندات والأوراق المالية قصير الأجل. وكانت عائدات سندات الخزانة الأمريكية عن فترة عشر سنوات قد قفزت بنحو 0.64% مقارنة بالمستوى المتدنى المسجل فى 7 مارس الماضى حينما بلغ العائد 4.49%. وقد أدى ذلك الارتفاع فى مستويات عائد السندات إلى دفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 فى بورصة وول ستريت للتراجع ب 2.4% مقارنة بالمستوى القياسى المسجل فى الرابع من شهر يونيو. وقد أدى ذلك الارتفاع فى عائد السندات إلى ظهور مخاوف فى الأسواق من تراجع حجم الطلب على الائتمان المصرفى نتيجة الارتفاع فى تكاليف الاقتراض إلى جانب انكماش أعداد صفقات الاندماج والاستحواذ التى كانت قد شهدت مؤخراً تزايداً بمعدلات قياسية. ومن المقرر أن يجتمع بنك الاحتياط الفيدرالى خلال أيام لمناقشة السياسة النقدية الخاصة بالبنك. وقد أبقى البنك أسعار الفائدة على الاقراض عند مستوى 5.25% دون تغيير منذ يونيو من العام الماضى وذلك بعد سلسلة من عمليات الرفع المتتالية والتى وصلت بسعر الفائدة ليتجاوز ال 5% مقارنة بمستوى ال 1% المسجل فى يونيو من عام 2004. وكان الاحتياط الفيدرالى قد أشار فى وقت سابق من الشهر الحالى إلى تزايد وتيرة النمو الاقتصادى الأمريكى دون إثارة ضغوط تضخمية ويرى أحد الخبراء لدى مجموعة الاستثمارات الاستراتيجية التابعة لبنك أوف أمريكا أن التراجع الذى شهدته وول ستريت ما هو إلا رد فعل للارتفاع فى عائدات السندات والذى جاء متزامناً مع تنامى التوقعات التى تستبعد حدوث أى عملية خفض لأسعار الفائدة حتى نهاية العام. غير أن الأرقام الايجابية الخاصة بأداء الاقتصاد الأمريكى تمثل عاملاً جيداً لبورصة وول ستريت كما أن الشركات الأمريكية ستستفيد من التنامى المضطرد فى حجم التجارة العالمية وهو ما سينعكس بصورة إيجابية على أداء الاقتصاد الأمريكى. وبشكل عام ستسهم سرعة معدلات نمو الاقتصاد العالمى فى تزايد الطلب على أسواق الأسهم بعيداً عن سوق السندات الأمريكى ذو العائد الثابت.