بتوقيع "النبطي" .. زيدان: شعوب المنطقة ضحية عيزرا يوسف زيدان ومسئول مكتبة ألف محيط - السيد حامد القاهرة : أكد الدكتور يوسف زيدان أن قضيته الأساسية التي يسعي إلي تحقيقها هي: كيف يضيع الإنسان في زمن الصراع باسم الإله, فالشيخ والقسيس والحاخام يزعم كل منهم أنه المتحدث باسم الرب . وانتقد زيدان خلال حفل توقيع روايته الجديدة في مكتبة "أ" مؤخرا ، التعصب الديني الذي أدى إلى موت آلاف الأبرياء, فقد استصدر قساوسة الشام مثلا في عام 630 ميلاديا مرسوما من هرقل بإعدام كل اليهود الذين يرفضون الدخول في المسيحية, وذهب ضحية ذلك الآلاف من اليهود؛ رجال ونساء وأطفال, بسبب رفضهم الدخول في دين الدولة. وقال أن المشكلة ليست في التفاصيل ولكن في المجملات؛ مثلا في التوراة يعطي الله إبراهيم عليه السلام الأرض من النيل إلي الفرات, رغم أن هذه الأرض يعيش عليها شعوب من قبل اليهود, ومن هنا يتعارك الفريقان؛ الموعود والمتوعد, الموعود يستقر في ذهنه أن هذه أرضه؛ إسرائيل الكبرى, والمتوعد يحاول أن يدافع عن أرضه. يتابع : الفريقان في النهاية ضحية "عيزرا" الذي كتب التوراة في القرن الخامس قبل الميلاد, وحاول فيها أن ينال من حضارة مصر القديمة وحضارة بابل, من خلال اللغة والقصة والصورة. وبين زيدان أن رواية "النبطي" جاءت على لسان الفتاة/ المرأة مارية بعدما لاحظ أن التراث العربي يخلو - على امتداده - من الصوت الأنثوي. ونجد أن شعراء المعلقات من الرجال, واستمرت سيطرة الشعراء الرجال في العصر النبوي, والأموي, والعباسي, وحتى الشاعرات اللاتي قلن شعرا, تم جمع أشعارهن المتناثرة في كتاب أطُلق عليه اسم "الشواعر من النساء" وليس الشاعرات. واستمر الأمر على هذا المنوال حتى ظهرت في القرن الثامن الهجري الشاعرة عائشة الباعونية ( توفيت 922 ه), لكنها تخصصت فقط في المديح النبوي وكتبت قصيدة مشهورة مطلعها: في حسن مطلع أقمار بذي سلمِ ... أصبحت في زمرة العشّاق كالعلمِ. وفي أواخر القرن 19 بدأت النساء يكتبن ويدخلن مجال الأدب, فظهرت عائشة التيمورية, وفي القرن 20 ظهرت حركة نسائية كبيرة لكن شابها العديد من الأخطاء. وقال زيدان الحائز على جائزة البوكر العربية لعام 2009, أنه بعد كتابه "اللاهوت العربي" كتب روايته "النبطي" ليبرز كيف ستحكي المرأة العربية, واختار لذلك فترة زمنية عربية معتمة, وجماعة عربية منسية, ومنطقة عربية مهجورة هي الأنباط. كما أشار زيدان إلي أنه رغم اختفاء الأنباط إلا أن الذي يعمل في التراث لا يشعر بذلك الاختفاء, فالكتابين الوحيدين في مجال الزراعة وهما "الفلاحة النبطية" و"الفلاحة الرومية", لمؤلف نبطي اسمه "ابن وحشية النبطي", في القرن الثالث الهجري- التاسع الميلادي. كما أن آثار الأنباط مازالت حاضرة, كالبيضاء, والبتراء, وما فيهما من آثار رائعة . وحتى تخرج الرواية بشكل يحظي على رضا الجمهور, قال زيدان أنه قام بالسفر في نفس مسار بطلة الرواية مارية, فقد ذهب إلي الشرقية, وتحرك ببطء شديد إلي سيناء, ورأى ايلات من الجانب المصري والأردني. وفى الأردن سار في طريق القوافل, متفرغا تماما لتلك الرحلة لكي يصل إلي مرحلة التوحد مع الشخصية التي يقدمها. كما جلس فترات طويلة في نفس أماكن أحداث الرواية, فالفصل المعنون باسم "عزيف الجن" كتبه في نفس المكان الذي جلست فيه مارية. وانتقد زيدان الطريقة التي تعامل بها البعض مع روايته "عزازيل", ومحاولة إخراجها من سياق فكرتها الأساسية والاهتمام فقط بالتفاصيل, فالبعض مثلا حاولوا إثبات أن "هيباتيا" كانت تعمل في السحر, وهو قول غير صحيح بالمرة: إذ كيف تعمل عالمة في مجال الرياضيات والفلك ثم تستعين بالسحر؟!!. وأضاف أن قلقه من إجهاض الرؤية التي يسعي إلي إثباتها هو الذي دعاه إلي إخراج اللاهوت العربي بالشكل الذي خرج به, وإلي اليوم لم يرد عليه أحد سواء؛ كتابة أو شفاهة, في حين أن "عزازيل" كُتب عنها أكثر من 4000 صفحة وهذه حالة غير صحية للأدب. أشار زيدان إلى نقص الوعي التاريخي لدينا، فحينما يكتب ابن الحكم " أن عمرو بن العاص تحدث مع الخليفة عمر في الخروج إلي مصر, ومازال به حتى وافق, فخرج في 3 آلاف وقيل 4 آلاف فنقض الصلح وفتحها", لا يعرف الكثيرون أي صلح يتحدث النص عنه مثلا . وقال زيدان أن معضلة الناحية الأدبية في رواية "النبطي" كانت لأنه يريد التعبير على لسان أنثى ، مشيرا إلى أن اللغة العربية حاليا في خطر خاصة مع الأغاني الجديدة التي تساهم في إفسادها. وأشار زيدان إلى أن روايته الجديدة ستدور حول شخصية الحاكم بأمر الله الفاطمي, محاولا أن يقدم تصور إنساني لشخصية الحاكم في إطار تاريخي . يذكر أن رواية "النبطي" صدرت منها الطبعة الرابعة عن دار "الشروق" وتنتظر الترجمة لعدد من اللغات الاوروبية من بينها التركية والإيطالية والإنجليزية .