"في سوسيولوجيا الثقافة والمثقفين" كتاب جديد صدر لمؤلفه عبد السلام حيمر، ويتضمن نقاشاً واسعاً لمفهوم الثقافة، من خلال علاقته بالحداثة والإسلام والغرب والأيديولوجيا والهوية والنخب الثقافية. يجد المؤلف في تحليله للثقافة في المجال الإسلامي أننا نعاني من ازدواجية ثقافية، فنحن منذ عدة قرون نحيا في ظل ثقافة دنيوية تاريخية عن طريق العقل، كما أننا نحيا وفق ثقافة دينية لاهوتية مقدسة عن طريق الشرع والنقل، بنفس الوقت؛ ولذلك فإن المؤلف يدعونا إلى نقد جذري، ليس لمضامين تفكيرنا في قضايانا وحسب، بل لأسس ذلك التفكير، ولأدوات إنتاجه أيضاً " ، بحسب د. رشيد الحاج بصحيفة " البيان" الإماراتية . أما في المجال الغربي، فإن ظهور كلمة ثقافة، ارتبط بظهور النزعة الإنسانية والتصور العقلاني العلمي للكون، أي أرتبط بما يسمى ب "الحداثة "، بحيث أصبحت كل من ألفاظ : الثقافة، الايديولوجيا، الحداثة، تشير إلى الحياة وفق العقل الذي يسِّير الوقائع والأحداث، كما تدل على ضرورة تحرر ذلك العقل من الأفكار الغيبية الخاطئة. وبحيث أصبح علم الأفكار، أو الايديولوجيا، تركز على كيفية نشوء الأفكار والوظائف التي تقوم بها، وكيفية عملها ضمن المجتمع. وفي دراسته لمفهوم "المثقف" في الفكر الغربي، يجد المؤلف، أن أول من اهتم بتصعيد دور المثقف وإعطائه مسؤوليات اجتماعية وسياسية هو ماركس، الذي أكد على دور المثقف الفاعل في تغيير الواقع، وتعديل وتثوير بنياته، بغية الكشف عما يسمى ب "الوعي الزائف"، وذلك من خلال تفسير الواقع بطرق مادية جديدة. ويذهب بورديو إلى أن عالم المثقفين عالم نفعي مغرض، عالم صراع لا هوادة فيه، من أجل الربح والمصلحة والمنفعة. وهذا ما تؤكده سلوكياتهم ومواقفهم، لدرجة أن بورديو يكشف عن أن الأعمال الثقافية الرابحة تجارياً، والمشهورة اجتماعياً، أعمالاً مبتذلة، أوصلتها إلى الشهرة فساد المثقفين.