القاهرة: صدر مؤخرا عن منشورات مجلة الإذاعة والتليفزيون كتاب "العادات الشعبية بين السِّحر والجنّ والخرافة" للشاعرٌ المصريّ الشاب فارس خضر. يقول الباحث فارس خضر فى مقدمة الكتاب: "إن الذين يُغلّبون الجانبَ الميتافيزيقيّ على الجانب الماديّ، يقومون بتعجيز الحاضر لصالح الماضي، وتركيع اللحظة الراهنة، بثقلها، أمام لحظاتٍ منتهية؛ لحظاتٍ مشحونة بقوة وجدانية، لأن لها خفّةَ الغائب ليس إلا. هكذا يلعبُ الحنينُ دورَه، فسهّل على بعض الاتجاهات دفعَ العقليةِ الشعبية نحو ما تظنه "الخلاص"، وهو ليس أكثرَ من نوبةِ رجوعٍ وانكسارٍ وهزيمة. فما كان من هذا الدفع إلا أن أحدث خللا لآليةٍ من أهم آلياتِ العقل الجمعيّ، وهى المواءمة. المواءمة بين ما ترثُه -بحلوّه ومرّه- وبين ما يُستحدث من منجزاتٍ تُضاف إلى رصيد خبراته الإنسانية بصرف النظر عمن أبدعها. هذه المواءمةُ هى التى تجعلُ العقليةَ الشعبية توازنُ، طوال الوقت، بين الجانبيْن "الميتافيزيقيّ والماديّ"، دون أن يطغى أحدهما على الآخر. فلا عجبَ إذن أن نلمح "الدِّش" على سقف أحد بيوت الريف المصري، وفى إحدى حجراته جهاز كمبيوتر، بينما تُعدُّ الأمُّ فى الداخل "طاسة الخَضَّة" لابنها المريض!!." وتوضح فاطمة ناعوت بصحيفة "العرب" اللندنية أن الكتابًُ يتقصى بعض التفاصيل الدقيقة لأهم العادات الشعبية الذائعة الصيت فى الريف المصري. تلك التى تتعلّق باسترضاء كائنات فوق طبيعية غير منظورة من جنٍّ وعفاريت وقرائن وملائكة حارسين. ويلجأ القرويون لمثل هذه الاسترضاءات لدفع ألوان من الشر، سواء على نحو وقائيّ استباقى لدفع ضرر محتمل، أو على نحو شفائى لرفع ضرر قائم بالفعل جسدى أو نفسي. يتناول الكتابُ فى الفصل الثانى ظاهرة "المشاهرة" التى تصيب المرأةَ أو وليدها إن هى لم تلتزم بتجنب مجموعة المحظورات التى حددها السلفُ الجمعيّ. وهو ما يسبب إعاقة للمرأة ما لم تقم بممارسة طقوس "فكّ" المشاهرة. من تجليات هذه المشاهرة جفافُ اللبن لدى المرضع، او إصابة وليدها بعطب ما.. ومن الطقوس الشافية لها تخطية المرأة فوق الدم أو الذهب أو فوق أثر فرعونيّ قديم. وخصَّ الفصلُ الثالث ظاهرة الرجل "الملموس" وعلاجه بطاسة الخضة وسراج الضريح واستحضار الأرواح. فيما الفصل الرابع تناول الطفل "المبدول" وطرق رقيه من العين المعيونة بالاستحمام بدم الطيور أو إلباسه عقودا مصنوعة من حبّات البقول أو النقود. أما الفصل الخامس والأخير فجاء مثل بانوراما حكائية يطرح فيها الباحث أهم الحكايات الشعبية المتداولة فى الريف المصري، أصلها ومراسمها وظرفها وطرائق التعاطى معها. مثل الملائكة التى تأكل الأرز، والعفريتة المحروقة، والعروسة وابن ملك الجان، وشنطة الفلوس، والجمل والجمّال، والعمل البطّال، وصرخة الفراش، وحكايات الملائكة الدوارة، وغيرها.