صدر مؤخرا عن دار فارار، شتراوس وجيروكس كتاب "اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأمريكية" تأليف جون ميرشماير وستيفين والت يحاول هذا الكتاب تفسير ما يسميه مؤلفاه "سر التابو المقدس في أمريكا" المتمثل في إسرائيل، وكيف أصبحت الدولة اليهودية من ثوابت السياسة الخارجية الأمريكية ، كما أنه محاولة لرصد ظاهرة جديدة هي تصاعد مشاعر الكراهية لإسرائيل بين أوساط الأمريكيين لتوصلهم بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، وما تبعها من تورط أمريكي في مناطق عدة من العالم، لحقيقة مفادها أن معظم المصائب التي حلت بهم كانت بسبب الانحياز الأعمى لإسرائيل على حساب المسلمين والعرب. تكمن أهمية الكتاب في أنه يقدم صورة لأمريكا مغايرة لما هو شائع ومعروف، هذه الصورة لا تضع إدارة بوش والشعب الأمريكي في مركب واحد، فيما يتعلق بإسرائيل، بل تفرق بين السياسات الرسمية والتوجهات الشعبية. ونقلت جريدة "الوطن" السعودية قول المؤلفان في كتابهما: إن إسرائيل التي استطاعت، من خلال اللوبي الأمريكي المتهود، الذي يسهر على راحتها في أمريكا، الحفاظ على موقف النخب السياسية الأمريكية الحاكمة لصالح سياساتها، باتت تواجه مشكلة في التواصل مع الشعب الأمريكي. وتوصل المؤلفان إلى أن هذا اللوبي يجد الآن صعوبة في التعامل مع الغضب الشعبي الأمريكي المتصاعد ضد إسرائيل وخاصة بالجامعات الأمريكية، ويؤكدان أن صورة إسرائيل تعاني بشدة في أوساط ثلاث فئات أمريكية أساسية، وهي الجامعات، والأفارقة الأمريكيون، والأمريكيون أصحاب التوجه السياسي الليبرالي. ويقول المؤلفان إن هذه العلاقة الاستثنائية تعود في أساسها إلى التأثير السياسي الرهيب لائتلاف يضم شخصيات ومنظمات استطاعت اختطاف السياسة الخارجية الأمريكية كرهينة، ومن ثم تحريك هذه السياسة حسبما تريد إسرائيل. ويتساءل المؤلفان في كتابهما: ماذا فعل بوش؟ ويردان: سمح للوبي الإسرائيلي وزعمائه الذين يضعون المصالح الإسرائيلية فوق المصالح الأمريكية العليا أن يجروه لمواجهة غير مبررة مع العرب والمسلمين انتهت بتصاعد حدة العداء لأمريكا في العالم، ومواجهات أكثر كلفة مع دول وشعوب صديقة في أوروبا والشرق الأوسط أيضاً دون طائل، ثم لحرب لا مبرر لها، ولا أمل يرجى منها في العراق، ثم دق ناقوس الحرب ضد إيران دون حساب العواقب، وقبل أن تجف دماء الأمريكيين في أفغانستان والعراق". ويتهم المؤلفان اللوبي الإسرائيلي في أمريكا ب"تصعيد الإرهاب حول العالم لدفعه إدارة بوش لحرب غير مبررة على الإسلام والمسلمين، واشتراكها مع المتطرفين الإسلاميين في اختطاف مفهوم الجهاد في الإسلام، لكي تستعدي عليها أصحاب ديانة كبرى بأكملها، كانت علاقاتها بهم أفضل بكثير قبل مجيء بوش، حيث كانت الغلبة للمعتدلين، الذين لم تساعدهم واشنطن بسياساتها على احتواء ظاهرة التطرف والإرهاب"!.