انتقل سجال الحرب على ما يسمي ب"الإرهاب" من الكهوف والأدغال إلي صفحات الإنترنت، وذلك لما لعبته هذه الشبكة العنكبوتيه من دور محوري في نقل المعلومات والبيانات وإتاحتها للجميع بكل سهولة ويسر ودون مجهود يذكر.
وفي خطورة اعتبرها البعض نوع من تضييق الخناق، وفرض المزيد من السيطرة والرقابة عل محتويات الإنترنت، أجمع وزراء العدل والداخلية بدول الاتحاد الاوروبي على ضرورة بذل المزيد من الجهد لمواجهة استخدام الانترنت من جانب المتشددين، لكنهم في الوقت نفسه لم يتمكنوا من الاتفاق على ما اذا كانوا سيعطلون مواقع المتشددين على الانترنت وطريقة عمل ذلك.
وقدم فرانكو فراتيني مفوض الاتحاد الاوروبي لشؤون العدالة والامن إلى الوزراء إطار لمقترحات لمناهضة الارهاب سينشرها الذراع التنفيذي للاتحاد الاوروبي في اوائل نوفمبر، ومن بينها خطط لاعاقة مواقع على الانترنت تقدم معلومات عن القنابل.
وقال ري بيريرا وزير الداخلية البرتغالي الذي رأس المحادثات، وفقا لموقع "ميدل إيست أون لاين" إن كل الدول اتفقت على أن المتشددين المتطرفين يجب أن يمنعوا من تجنيد اتباع لهم عبر الشبكة العالمية.
من جهتهم، تشكك خبراء الانترنت في الامكانية الفنية لخطة المفوضية الاوروبية لمنع بعض مواقع الانترنت التي من المؤكد ايضا ان تثير جدلا عنيفا بشأن حرية التعبير.
وركزت ميشيل اليو ماري وزيرة الداخلية الفرنسية على حساسية مثل هذه الخطوة، وقالت "على اسس قانونية سأكون شخصيا مؤيدة لذلك لكن ليس كل الدول لديها نفس وجهات النظر".
من جهة أخرى، قال لوك فريدن وزير العدل في لوكسمبورج إنه لا يوافق على منع مواقع على الانترنت لكنه دفع بأن مراقبتها سيكون اكثر نفعا، وقال "من الاكثر اهمية ان نكتشف طريقة اتصال الارهابيين ونراقب اتصالاتهم".
وفي مسألة امنية اخرى قال دبلوماسيون ان الوزراء رحبوا بمبدأ اقامة نظام على نطاق الاتحاد الاوروبي لفحص البيانات الخاصة بركاب الطائرات المسافرين الى الاتحاد المؤلف من 27 دولة لكنهم لم يناقشوا الخطة بالتفصيل، وسيكون ذلك في اطار حزمة مقترحات من شأنها تهيئة معركة الاتحاد الاوروبي ضد الارهاب ينتظر ان يكشف عنها في اوائل نوفمبر المقبل.
الانترنت.. سلاح أمريكا الجديد
بعد أن فشل الرصاص في حسم المعارك الدائرة بين الإسلاميين والغرب، لجأت الولاياتالمتحدة مؤخرا إلى فكرة جديدة تتمثل في تطويع شبكة المعلومات الدولية "الإنترنت" كوسيلة مختلفة للحرب،وذلك ردا على استخدام الأسلاميين لتلك الشبكة العنكبوتية في بث بياناتهم ومعلوماتهم بكل حرية .
وقال "ريموند كيلي" رئيس شرطة نيويورك: "إن شبكة المعلومات الدولية "الانترنت" هي ميدان المعركة الجديد ضد الإسلاميين لأنها تقدم الأيديولوجيا التي يمكن أن تحول الغربيين إلى الفكر المعادي لسياسات الغرب الإمبريالية".
وقد أقدمت شرطة نيويورك على هذه الخطوة اقتداء بالحرب الدائرة على شبكة الإنترنت بين الإسلاميين وأجهزة المخابرات الغربية، حيث تستخدم فصائل المقاومة – خاصة في العراق وأفغانستان – مواقع الإنترنت لبث عملياتها الجهادية وبياناتها التي يصعب نشرها عن طريق وسائل الإعلام التقليدية.
وهذه ليست المرة الأولى التي تستنجد فيها أمريكا بخدمات الإنترنت، فقد استعان مكتب التحقيقات الأمريكى ال"إف بي آي" بقراصنة الكمبيوتر لمساعدتهم في مكافحة الجريمة والإرهاب من خلال الدخول على أجهزة المستخدمين ومراقبتهم على الشبكة الدولية وهو ما يعتبره بعض الخبراء نوعاً من أنواع قمع للحريات.
ويؤكد عملاء فيدراليون أن المرحلة المقبلة من مكافحة الإرهاب والجريمة ستتطلب الاستعانة بأذكى العقول التقنية لخوضها، وأن هذه العقول ستوفر مبالغ ضخمة تضطر الحكومة لدفعها إلى القطاع الخاص.
ويسعى العملاء الفيدراليون بالوصول إلى تكنولوجيا تتيح لهم أن يتعرفوا إلى هويات مستخدمي الانترنت ومعرفة ما يفعلونه،وهو ما دفع مكتب التحقيقات الامريكى فى استغلال المؤتمر الدولى "ديفكون" للقراصنة المنعقد في لاس فيجاس للبحث عن كوادر من القراصنة تساعدهم على اختراق أجهزة الكمبيوتر والدخول على المواقع وغيرها من عمليات القرصنة التى قد تفيدهم فى الحد من عمليات الإرهاب.
يأتى ذلك وسط الدعاوى المطالبة بتخفيف المراقبة التى تقوم بها الأجهزة الأمنية فى أمريكا بعد تفجيرات 11 سبتمبر وتصاعد القلق من انتهاك الخصوصية الشخصية والسلامة العامة الالكترونيتين.
الإنترنت مسرح لارتكاب الجريمة
في ظل التطورات الهائلة لتكنولوجيا المعلومات، ونظراً للعدد الهائل من الأفراد والمؤسسات الذين يرتادون هذه الشبكة، فقد أصبح من السهل ارتكاب أبشع الجرائم بحق مرتاديها سواء كانوا أفراداً أم مؤسسات أم مجتمعات محافظة بأكملها.
وهو مادفع العديد من المنظمات والهيئات إلى إطلاق الدعوات والتحذيرات من خطورة هذه الظاهرة التى تهدد كل مستخدمى الإنترنت حيث أصبحت أسهل الوسائل أمام مرتكبي الجريمة، فراح المجرمون ينتهكون الأعراض، ويغررون بالأطفال، إضافةً إلى اقترافهم لجرائم التشهير وتشويه السمعة عبر مواقع إلكترونية مخصصة لهذا الهدف.
وفى أحدث تقرير حول هذا الموضوع كشفت دراسة بريطانية أن المملكة المتحدة وحدها تشهد جريمة إلكترونية جديدة كل عشر ثوان حيث شهدت البلاد ارتكاب أكثر من ثلاثة ملايين جريمة إلكترونية خلال العام الماضي.
وتوصل التقرير إلى أن جرائم الإنترنت التي تتراوح بين الحصول على معلومات شخصية حول مستخدمي الإنترنت، والتحرش الجنسي بهم، وممارسة الاحتيال عبر شبكة المعلومات الدولية يتم ارتكابها في بريطانيا بمعدل جريمة واحدة كل عشر ثوان.
وأشار إلى أن زيادة عدد تلك الجرائم جاء نتيجة للفرص الذهبية التي يتيحها الإنترنت من تسهيل لارتكاب الجرائم التقليدية من ناحية، ولمساعدته على ابتكار جرائم أخرى لا يمكن حدوثها إلا عن طريق الإنترنت من ناحية أخرى.