الهيئة الوطنية للصحافة تواصل اختبارات المؤقتين للأسبوع الثالث    عمداء الكليات بجامعة القاهرة يواصلون استقبالهم للطلاب الجدد    تكريم 50 من أوائل الشهادات الأزهرية ومعاهد القراءات في أسوان    رئيس الوزراء يتابع ترتيبات استضافة الدورة الثانية عشرة للمنتدى الحضري العالمي    البنك الأهلي المصري يكرم هشام عكاشه وأعضاء مجلس الإدارة بعد انتهاء مدتهم    خالد عبد الغفار يستعرض إنجازات الدولة المصرية في القطاع الصحي    وزيرة التخطيط والتعاون الدولي: مناقشة قانون لنقل تبعية الصندوق السيادي لمجلس الوزراء    محافظ الغربية يبحث سبل التعاون للاستفادة من الأصول المملوكة للرى    سلسلة غارات إسرائيلية جديدة على الضاحية الجنوبية لبيروت    الصحة العالمية: تسجيل 35 هجمة إسرائيلية ضد المراكز الصحية فى لبنان    مصر وموريتانيا: حريصون على وحدة وسيادة ليبيا واستعادة الأمن والاستقرار بها    روسيا تجلى 60 شخصا من رعاياها فى لبنان    الأهلي يبحث مع فيفا ترتيبات مباراة العين عبر "الفيديو كونفرانس"    بيراميدز يتلقى إخطارات استعداء لاعبيه الدوليين لمنتخبات بلادهم    الزمالك يفوز على توباتي البرازيلي ويحتل المركز السادس بمونديال اليد    وزارة التعليم: التقييمات الأسبوعية والواجبات المنزلية للطلاب مستمرة    إصابة 6 أشخاص في حادث تصادم بمحافظة البحيرة    الأرصاد: انخفاضات في درجات الحرارة بداية من الأسبوع الحالي    حرصًا على راحة الركاب.. السكة الحديد تُعلن تعديل تركيب بعض قطارات الوجه البحري (تفاصيل)    آية سماحة ضيفة الإعلامية إنجي علي في برنامج "أسرار النجوم" الليلة    تقاضى عنه "20 الف جنيه"..لطفي لبيب يروي تأثير فيلم السفارة في العمارة في مسيرته الفنية    لطفي لبيب: تكريمي في مهرجان الإسكندرية السينمائي تتويج لمسيرتي الفنية    وزيرا الرياضة والثقافة يشهدان انطلاق فعاليات مهرجان الفنون الشعبية بالإسماعيلية    العرض العالمي الأول لفيلم "تهليلة" في مهرجان أميتي الدولي للأفلام القصيرة    التضامن تشارك في ملتقى 57357 للسياحة والمسئولية المجتمعية    اتفاق بين منتخب فرنسا والريال يُبعد مبابي عن معسكر الديوك في أكتوبر    فروع "خريجي الأزهر" بالمحافظات تشارك بمبادرة "بداية جديدة لبناء الإنسان"    علي فرج يواصل الدفاع عن اللقب ويتأهل لنصف نهائي قطر كلاسيك للاسكواش    يوفنتوس يحقق رقما تاريخيا فى دورى أبطال أوروبا    بدلاً من العزلة.. 3 أبراج تعالج قلوبها المحطمة بمساعدة الآخرين    جوميز يخطر الزمالك برحيل رباعي الفريق    افتتاح وحدة جديدة للعناية المركزة بمستشفى رأس التين بالإسكندرية    وزير الخارجية يستقبل رئيس وزراء ولاية بافاريا الألمانية    لطفي لبيب يكشف عن سبب رفضه إجراء جلسات علاج طبيعي    محافظ الفيوم يهنئ ضباط القوات المسلحة بذكرى نصر أكتوبر    السيسي يؤكد دعم مصر لرئاسة موريتانيا الحالية للاتحاد الأفريقي    «مش بس أكل وشرب».. جهود مكثفة من التحالف الوطني لتقديم الرعاية الصحية للأكثر احتياجا    مجلس الشيوخ.. رصيد ضخم من الإنجازات ومستودع حكمة في معالجة القضايا    سر مثير عن القنابل الإسرائيلية في حرب أكتوبر    وزير الخارجية السعودي: لا علاقات مع إسرائيل قبل قيام دولة فلسطينية مستقلة    ضبط 17 مليون جنيه حصيلة قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    الأمن يكشف لغز العثور على جثة حارس ورشة إصلاح سيارات مكبل في البحيرة    بعد إعلان اعتزالها.. محطات في حياة بطلة «الحفيد» منى جبر    موعد امتحانات نصف العام الدراسي الجديد 2024 - 2025    "الإسكان" يُصدر قراراً بحركة تكليفات وتنقلات بعددٍ من أجهزة المدن الجديدة    نائب وزير الصحة يترأس ورشة عمل «تحسين الآداء بمنشآت الرعاية الأولية»    الصحة: تطعيم الأطفال إجباريا ضد 10 أمراض وجميع التطعيمات آمنة    نائب وزير الصحة يوصي بسرعة تطوير 252 وحدة رعاية أولية قبل نهاية أكتوبر    مركز الأزهر للفتوى يوضح أنواع صدقة التطوع    ب367 عبوة ل21 صنف.. ضبط أدوية بيطرية منتهية الصلاحية في حملات تفتيشية بالشرقية    بالفيديو.. استمرار القصف الإسرائيلي ومحاولات التسلل بلبنان    4 أزمات تهدد استقرار الإسماعيلي قبل بداية الموسم    مدبولي يُهنئ الرئيس السيسي بالذكرى ال51 لانتصارات أكتوبر المجيدة    حكم الشرع في أخذ مال الزوج دون علمه.. الإفتاء توضح    كيفية إخراج زكاة التجارة.. على المال كله أم الأرباح فقط؟    هانئ مباشر يكتب: غربان الحروب    تعدد الزوجات حرام.. أزهري يفجر مفاجأة    فوز مثير ل يوفنتوس على لايبزيج في دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا يحدث في سوريا؟
نشر في مصر الجديدة يوم 22 - 03 - 2012

في مقال منشور في جريدة "التحرير" المصرية بعنوان "سوريا.. نصف ثورة لا تكفي" يوم الأربعاء 14 آذار، وردت العديد من المغالطات التي تبين ان كاتبي المقال قد أسسوا رؤيتهم على ما هو متداول في الإعلان الرسمي السوري وما يصل من فتات إلى الإعلام المصري.
يتبادر إلى الذهن عند قراءة العنوان بأن الثورة السورية قد توقفت ويتوجب على الثوار أن يعودوا إلى الشارع حتى يكملوا ثورتهم. غير أن المقصود غير ذلك تماما ويستند إلى أن نصف الشعب لا يشارك الثوار وبالتالي نحن أمام نصف ثورة. هذه الرؤية يكتنفها الخلل لأنها تستند إلى جهل مزدوج.
الجهل الأول يتمثل في عدم معرفة طبيعة الثورات. إن نسبة قليلة في المجتمع مسؤولة علن التغيير ولم يحدث في يوم أن مجتمعا كاملا قام بثورة. الثورة الفرنسية مثلا تعد ثورة كاملة مع العلم بأن واحدا في المائة فقط من المجتمع الفرنسي قد شارك فيها فعليا. كذلك الثورة الروسية شارك فيها ستة في المائة من المجتمع الروسي، في الثورة الإيرانية ثمانية في المائة من المجتمع، اثنا عشر في المائة من المجتمع التونسي، خمس عشر من المجتمع المصري. من السذاجة أن نقول بأن الثورة المصرية مثلا ربع ثورة لأن ثلاثة أرباع الشعب لم يشاركوا فيها! الثورة باستمراريتها وثوار سوريا لم يعودوا بعد لا إلى البيت ولا إلى المقاهي، لا زالوا يصارعون ليبقوا في الشارع. أما نجاح الثورة وكمالها فرهين باستمرارها ونتائجها وتحقيق أهدافها.
الجهل الثاني يتعلق بعدم معرفة ما يجري على الأرض. ورد في التقرير تحت تصنيف "مدن لم تطرق الثورة أبوابها" ذكر ست مدن وهي طرطوس والقنيطرة والسويداء والرقة ودمشق وحلب والغريب في الأمر أن هذه المدن شاركت وتشارك بالثورة وإن بدرجات مختلفة وبصورة أقل من المدن المشتعلة كحمص ودرعا وإدلب. يكفي متابعة الأخبار على أي قناة يتوفر لديها الحد الأدنى من المصداقية حتى نرى ذلك واضحا. على كل حال، سجلت أول مظاهرة في الثورة في دمشق ووصلت إلى كل معظم أجزائها وفيها أكثر من ثمانية أحياء مشتعلة والتي تتظاهر يوميا وهنالك أحياء تشارك بمظاهرات أقل وليس في العاصمة من الأحياء الهادئة إلا عدة أحياء. كذلك حلب تشهد مظاهرات بصورة متواصلة في معظم أحيائها. لا ننس الرقة التي صنفت في الأسبوع الماضي واحدة من المدن المشتعلة. وكانت حركات الاحتجاج قليلة نسبيا في السويداء وطرطوس ولكنها لم تتوقف منذ البدايات.
النظام يعلم جيدا بأنه سيسقط بمجرد نجاح اعتصام واحد. لذلك فقد ركز قبضته الأمنية على دمشق وعلى حلب، أكبر مدينتين بعدد السكان وجزأ هاتين المدينتين إلى أجزاء صغيرة واتبع خطة بحيث يحبط أي مظاهرة قبل أن تبدأ فأبقى على كثافة أمنية بصفة متواصلة في الشوارع وفي أماكن التجمع كالمقاهي وغيرها وقد تمركزت دباباته في العديد من الساحات الأساسية فصارت إمكانية تجميع عدة أشخاص للخروج في مظاهرة شبه معدومة إلا في الجوامع. لقد حاول الثوار الاعتصام في العديد من المرات في إحدى ساحات دمشق وحلب ولكنهم فشلوا حتى في الوصول إليها وقد ارتكبت قوات الأمن مجازر عديدة للحؤول دون نجاح اعتصام مثل مجزرة ساحة العباسيين في اللحظة التي كان الثوار في طريقهم إليها. في حين أن ثوار حمص قد نجحوا فعلا في التجمع في ساحة الساعة وسقط حوالي 400 شهيد في ليل 18 نيسان وحدثت مجازر شبيهة في درعا وحماه ودير الزور وغيرها وارتكب النظام مجازر لفض هذه الاعتصامات. ويمكن للقارئ الكريم أن يتخيل كم هو صعب التجول في المدينة والانتقال من حي إلى آخر. هذا ما يفسر كثرة عدد المظاهرات وانتشارها حتى في المدينة الواحدة.
أن تتظاهر في سوريا شيء وأن تتظاهر في أي مكان آخر شيء مختلف كليا. المتظاهر السوري يخرج وهو يعي تماما بوجود قناصة وإطلاق نار قد يرديه قتيلا. إنه يعلم علم اليقين أنه يواجه سلطة في غاية البشاعة والقذارة، في غاية التوحش. يكفي المواطن أن يرى ما حدث في درعا وبانياس واللاذقية وتلكلخ من قتل وتنكيل بمواطنيه حتى يخاف ويتراجع. مع ذلك، يخرج، يخرج ليعلن تضامنه مع الضحايا من أبناء وطنه ومع المدن المنكوبة.
"يا حمص نحنا معاكي للموت" المتظاهر يعي بالمطلق ما يقول وهو مستعد فعلا للتضحية بنفسه من أجل مدينة، ربما لم يزرها في حياته ولكنها جزء من وطن يولد وتعتمد هذه الولادة على تضحيته. هذا الموقف يشكل لبعض الأفراد نوعا من الحماقة، فهنالك من لا يستطيع أن يقف هذا الموقف وذلك طبيعي. لا تستطيع أن تطلب من الجميع أن يكونوا أبطالا ومن المستحيل أن يكون جميع أفراد المجتمع من الأبطال. من الخطأ أن نقول والحال هذه إن من لا يشارك في الثورة مؤيد لسلطة القتل! خطأ فادح. الخروج يحتاج إلى قرار وجودي ونهائي يحتاج إلى أكثر من بطولة وأكثر من شجاعة ولا يمكن بحال أن نلوم من لا يخرج في هذه الشروط.
مضى عام على ثورتنا. الثورة تتجدد. أعداد الثوار تتزايد وتشهد سوريا وإن ببطء دخول أحياء ومناطق جديدة في دائرة الضوء. من الصعوبة إيجاد إصرار وتصميم كهذا. لا زالت سلطة الاحتلال الأسدي تقصف مدننا وترتكب الجرائم بحقنا وتجزء وطننا وتقطع أوصالنا وتعزلنا عن بعضنا. لا زلنا عاجزين عن أن نتجمع بأعداد كبيرة في ساحة واحدة، لكننا لم نتوقف وسنواصل التفكير والتخطيط للاعتصام ولسوف نسقط النظام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.