كما أكدت "مصر الجديدة" فى تقريرا سابق أن المواجهة بين المجلس العسكرى والإسلاميين قادمة، ظهرت الخميس بوادر مواجهة بين المجلس العسكري وجماعة الاخوان المسلمين، اكثر القوى السياسية تنظيما والرابح الاكبر في المرحلة الاولى للانتخابات التشريعية المصرية، حول الدستور الجديد للبلاد وصلاحيات البرلمان المقبل. وجاء ذلك بعد ساعات من نشر تصريحات لاحد اعضاء المجلس العسكري، الممسك بالسلطة منذ شباط الماضي، يؤكد فيها ان البرلمان لن تكون له الكلمة العليا في اختيار اعضاء اللجنة التي ستكلف اعداد دستور جديد للبلاد. فبعد هذه التصريحات، قال حزب الحرية والعدالة انه قرر الانسحاب من الاجتماعات المستمرة منذ قرابة اسبوعين مع اعضاء من المجلس العسكري بغرض تشكيل مجلس استشاري للاخير يكون بمثابة مجموعة اتصال بين الجيش والقوى السياسية للتشاور والاتفاق على الخطوات المقبلة للمرحلة الانتقالية وخصوصا وضع دستور جديد والانتخابات الرئاسية قبل نهاية حزيران المقبل. وبدأت هذه الاجتماعات بعد التظاهرات التي اندلعت في ميدان التحرير بالقاهرة وعدة محافظات اخرى في 19 تشرين الاول الماضي لمطالبة المجلس العسكري بتسليم السلطة فورا الى حكومة مدنية والتي تخللتها اشتباكات اوقعت 43 قتيلا. وشارك في هذه الاجتماعات، وفق وسائل الاعلام المصرية، شخصيات سياسية من بينها المرشح المحتمل للرئاسة عمرو موسى وممثلين لاحزاب من بينها حزب الحرية والعدالة من اجل تشكيل مجلس استشاري يكون بمثابة محموعة اتصال بين الجيش ومختلف القوى السياسية من اجل التشاور والاتفاق على الخطوات المقبلة خلال المرحلة الانتقالية. وقال القيادي في حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الاخوان المسلمين، محمد البلتاجي ان الحزب قرر الانسحاب من المجلس الاستشاري "بعد تصريحات اللواء مختار الملا" عضو المجلس العسكري. واكد اللواء مختار الملا لمجموعة من ممثلي الصحافة الغربية ان الدستور الجديد للبلاد يجب ان يقر من قبل الحكومة ومن قبل المجلس الاستشاري للمجلس العسكري "رأينا ان هناك محاولة لتهميش البرلمان او تقليص صلاحياته لصالح كيانات غير منتخبة". واكد اللواء الملا في تصريحاته التي نشرتها عدة صحف غربية من بينها الغارديان البريطانية ان "البرلمان المقبل لن يكون ممثلا لكل الشعب المصري، ومن سيتم اختيارهم (من قبل البرلمان لعضوية لجنة) كتابة الدستور الجديد يجب ان تتم الموافقة عليهم من قبل الحكومة الانتقالية والمجلس الاستشاري الذي سيتم تشكيله من مثقفين وشخصيات سياسية مدنية وممثلين لوسائل الاعلام". ولفت المُلا إلى أنه تم وضع الجدول الزمني بطريقة تمنع "جماعات معينة" من الانفراد بتحديد المستقبل السياسي للبلاد لعقود قادمة، مستبعدا ما يقال عن احتمال وجود ردود فعل عنيفة من قبل الإخوان المسلمين ضد الجيش، أو غيرهم من أصحاب التوجهات السياسية. وقال المُلا: "إذا راجعتم تاريخ مصر سترون أن البريطانيين والفرنسيين والعثمانيين احتلونا، ولم ينجح أي منهم في تغيير الشعب المصري، وأيا كان من سيشكل الأغلبية في البرلمان فإنه لن يستطيع تغيير طبيعة الشعب، المصريون لن يسمحوا بذلك". وأصر المُلا على بقاء ميزانية الجيش بمنأى عن الرقابة الديمقراطية، قائلاً: "إن ميزانية الجيش يجب أن تبقى بعيدة حتى بعد عودة الجنرالات إلى ثكناتهم". وأعلن المُلا أن عملية صياغة الدستور الجديد ستبدأ في شهر أبريل/نيسان المقبل 2012، ثم تتم عملية الاستفتاء على الدستور والاستعداد للانتخابات الرئاسية، آخر الشهر نفسه. وأكد المُلا أن الجيش لا يزال يسيطر على الشؤون الأمنية في مصر حتى هذه اللحظة، مؤكداً أن القوات المسلحة لن ترتكب أي عنف ضد الشعب المصري. ووفقا للاعلان الدستوري ، فان الاعضاء المنتخبين لمجلسي الشعب والشورى سيختارون لجنة من مئة عضو لكتابة الدستور. واعلن الموقع الرسمي لحزب الحرية والعدالة الخميس انه "اعتذر عن عدم المشاركة في المجلس الاستشاري وقرر سحب ممثليه في المجلس" وهما رئيسه محمد مرسي والامين العام المساعد للحزب أسامة ياسين". واكد البلتاجي لوكالة فرانس برس ان "اي محاولة لتهميش البرلمان او لتقليص صلاحياته لصالح اي كيان آخر غير منتخب نعتبرها التفاف على الارادة الشعبية ومحاولة للوصاية عليها". واضاف "رأينا بعد تصريحات اللواء الملا والحديث عن ان البرلمان غير متوازن وبعد ان تبين ان من ضمن اختصاصات المجلس الاستشاري المزمع تشكيله وضع معايير لاختيار اعضاء لجنة اعداد الدستور ووضع المبادئ الاساسية للدستور، ان هناك محاولة لفرض وصاية على الشعب وهيئاته المنتخبة". وتابع "لا بأس ان يكون هناك مجلس استشاري للتشاور ولكن ان يناقش قضايا هي من صلب اختصاص البرلمان فهذا تهميش غير مقبول له". وتاتي بوادر المواجهة بين الجيش والاخوان المسلمين فيما اكدت النتائج الرسمية للجولة الثانية من اول انتخابات تشريعية بعد اسقاط مبارك فوزهم بأكثر من 45% من مقاعد البرلمان في المرحلة الاولى التي شملت ثلث البلاد. وحصدت الاحزاب الاسلامية المختلفة 67% تقريبا من مقاعد المرحلة الاولى البالغة في الاجمالي 168 مقعدا، اي اكثر من الثلثين وفقا للصحف المصرية. وفاز الاخوان المسلمون بقرابة 47% من مقاعد المرحلة الاولى وجاء حزب النور السلفي في المرتبة الثانية بحصوله على 19% تقريبا من المقاعد. الا انه لا يزال من الصعب تحديد عدد المقاعد الاجمالية التي حصل عليها كل حزب في المرحلة الاولى اذ ستعاد الانتخابات في احدى دوائر القاهرة في كانون الثاني المقبل، كما ان عدد المقاعد التي حصلت عليها كل قائمة لا يمكن احتسابه بدقة الا على المستوى الوطني اي بعد انتهاء المرحلتين الثانية والثالثة من الانتخابات. وحصلت الاحزاب والتحالفات الليبرالية المختلفة على 19% من مقاعد المرحلة الاولى كذلك اما بقية الاصوات فذهبت الى مستقلين او احزاب صغيرة. وشملت المرحلة الاولى للانتخابات تسع من محافظات مصر ال 27 بما في ذلك اكبر مدينتين في البلاد، القاهرة والاسكندرية. وستبدأ المرحلة الثانية في 14 تشرين الثاني نوفمبر الجاري وتليها المرحلة الثالثة في الاول من كانون الثاني وتنتهي في الحادي عشر من الشهر نفسه. وأكد الحزب سحب ممثليه في المجلس، وهما الدكتور محمد مرسي، رئيس الحزب، والدكتور أسامة ياسين، الأمين العام المساعد للحزب. وقال الدكتورمحمد البلتاجي أمين عام حزب الحرية والعدالة للعربية نت "إن الحزب لن يدخل في أي صدام مع أي طرف أو فصيل سياسي أو مؤسسة ، بل سيكون حريصا على التوافق مع جميع الأطراف سواء المؤسسة العسكرية أو التيارات السياسية الأخرى". وتعليقا على أسباب مقاطعة الحرية والعدالة لاجتماع المجلس العسكري لتشكيل المجلس الاستشاري وهل يعتبر ذلك بوادرا للصدام مع المؤسسة العسكرية، قال البلتاجي" نحن أكدنا مراراعلى ضرورة أن يكون هناك توافق بين المجلس العسكري والبرلمان القادم والحكومة ، لكننا في نفس الوقت نحن ضد أي محاولة لتقليص سلطات البرلمان في التشريع أو تأسيس أي شكل موازي يمارس دورالتشريع ويأخذ صلاحيات البرلمان". وأضاف البلتاجي"أن المهمة الأساسية لمجلس الشعب القادم هي تشكيل لجنة اعداد الدستورونحن نرفض أي وصاية على هذه اللجنة لأنها ستأتي باختيار أعضاء المجلس الذين اختارهم الشعب المصري في انتخابات حرة ونزيهة ". وتعليقا على تصريح اللواء الملا بأن"انتخابات مجلس الشعب الحالية لن تعبرعن المجتمع والشعب المصري في اشارة الى حصول التيارالاسلامي خاصة "الاخوان المسلمين"على الأغلبية-،وهل يعبرهذا التصريح عن مخاوف المجلس العسكري من سيطرة التيارالاسلامي على البرلمان، قال البلتاجي "من الطبيعي أن أي برلمان في العالم ليس بالضرورة أن يكون معبرا عن توزان بين التيارات السياسية فأ ي برلمان به أقلية وأغلبية وهذا يأتي وفق ارادة الشعب ، أما عن المخاوف فنحن نقول أننا لن ندخل في صدام مع أي مؤسسة أو تيار ، بل سنكون دائما جزءا من حل الأزمات لكن في نفس الوقت لن نساهم في محاولات انتاج الماضي من تقليص لصلاحيات البرلمان أو اعادة الماضي بالصمت على الرأي الواحد ".