يستعد ميدان التحرير وسط العاصمة المصرية لفعليات جمعة جديدة في مواجهة المجلس العسكري وحكومته برئاسة الدكتور عصام شرف، وبات واضحاً أن الأحزاب والقوى السياسية المشاركة سترفع شعارات تنوعت ما بين "جمعة المطلب الوحيد" و"جمعة رفض وثيقة السلمي" و"جمعة السلطة للشعب". وكان لإعلان وثيقة السلمي للمبادئ الحاكمة للدستور الأثر الأكبر في خروج جمعة الغد، فضلاً عن صمت المجلس العسكري عن قانون الغدر والعزل السياسي وعدم تحديده موعداً لانتخابات الرئاسة، دفع بما يقرب من 28 حزبا وقوى سياسية بإعلان حرصها على المشاركة إلى جانب 6 من المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية. وترفض جمعة الغد "وثيقة السلمي" حول معايير تشكيل الهيئة التأسيسية المبادئ الحاكمة للدستور، وتطالب بتسليم السلطة في موعد أقصاه أبريل من العام القادم وتفعيل قانون العزل السياسي على كل قيادات الحزب الوطني المنحل ومن تعاون معهم من الأحزاب الأخرى، ومنع القضاة المزورين من المشاركة في الإشراف على الانتخابات المقبلة وتطهير مؤسسات الدولة من كافة رموز النظام السابق. غير أن هناك من يرفض المشاركة في هذه الجمعة بحجة عدم جدوى الاحتجاجات وضعف تأثيرها على صناع القرار، ومخاوف من تكرار جمعة 29 يوليو التي وصفت ب "جمعة قندهار" بسبب مشاركة التيارات الإسلامية، وأن القوى السياسية المشاركة تسعى لاستعراض القوى والحصول على مكاسب سياسية المجلس العسكري. وبينما تستعد القاهرة لاستقبال هذه الجمعة الجديدة، صدر بيان نُسب إلى اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية، رئيس جهاز المخابرات العامة سابقاً، عبر فيه عن رفضه للمظاهرات الغاضبة التي تقوم بقطع الطرقات، وتعطيل الحياة العامة، وعدم قبوله للهجوم الذي يتعرض له المجلس الأعلى للقوات المسلحة. ونُسب إليه أنه قال: "الجيش هو الجهة الوطنية الوحيدة المؤتمنة على مصر في هذه المرحلة الصعبة حتى لو اختلفنا معه...وأن القرار السليم يحتاج لقائد ورجل دولة وليس إلى مليونية تصرخ أو حتى تقطع الطرقات على الناس". وكما أن الدكتور محمد البرادعي المرشح المحتمل لرئاسة مصر لم يكن بعيداً حيث عبر عن تفاؤله بنجاح الثورة على الرغم من سلبيات إدارة المرحلة الانتقالية، وانتقد الانفلات الأمني وقال :"الشعب المصري لم يقم بالثورة ليجد انعداما أمنيا وتدهورا اقتصاديا". وطالب البرادعي المجلس العسكري بتسليم السلطة والعودة إلى دوره في حماية الوطن، وقال "نحن نحتاجكم في حماية الوطن، سلموا السلطة وعودوا لهذا الدور". ومن جانبه، انتقد الدكتور أيمن نور، المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، أداء المجلس العسكري في إدارة الفترة الانتقالية، متهما إياه بأنه تسبب في شيطنة الثورة مما أدى إلى كراهيتها، مشيراً خلال ندوة لحزب غد الثورة في الإسكندرية، إلى أن قلة خبرة المجلس العسكري بالحياة السياسية كانت تستدعي منه أن يستعين بخبرات الآخرين، وقال: "نحن نريد جيشًا لمصر وليس مصر للجيش". يبقى القول إن المشهد العام في مصر الثورة يرفض أسلوب المجلس العسكري في إدارة البلاد، ويطالبه بسرعة العودة إلى ثكناته وممارسة دوره الأساسي وأن تختفي كل مظاهر النفاق السياسي من قيادات الأحزاب والقوى السياسية وأعضاء الحكومة المؤقتة، ونغتنم فرصة لن يعود بها الزمان مرة أخرى، ونعمل على خلق مستقبل ديمقراطي حقيقي هدفه التغيير نحو الأفضل.