شهدت الكاتدرائية المرقسية الكبرى بالقاهرة أمس احتفالاً كبيراً بالعيد ال40 لجلوس البابا شنودة الثالث - بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية - على الكرسي المرقسي، حضره لفيف من الأساقفة وأعضاء المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذوكسية ورؤساء الطوائف الإنجيلية والأسقفية والكاثوليكية فى مصر والشرق الأوسط . حضر الاحتفال كبار بطاركة الشرق الأوسط ، مارأغناطيوس زكا الأول عيواص بطريرك أنطاكيا للسريان الأرثوذوكس، والكاثوليكوس أرام الأول بطريرك الأرمن الأرثوذوكس فى لبنان، والأب باولوص بطريرك إثيوبيا، والذين قاموا بإلقاء كلمات الحُب والتهنئة بعيد جلوس البابا شنودة الأربعين، كما شارك في الحفل عدداً من سفراء وقناصل الدول الأوروبية والعربية والإفريقية إلى جانب أعضاء المجلس الملى العام وعدد من الشخصيات العامة والحزبية. وفي هذه المناسبة قلد بطريرك أنطاكيا للسريان الأرثوذوكس مارأغناطيوس زكا الأول عيواص البابا شنودة "الصليب الأكبر النوراني"، كما قدم بطريرك الأرمن الأرثوذوكس فى لبنان الكاثوليكوس أرام الأول "مخطوط لأحد كبار قديسي الكنيسة في لبنان" من القرن العاشر الميلادي تعبيراً عن عظيم امتنانهم وتهنئتهم بالعيد، كما قدم المجمع المقدس هدية للبابا شنودة عبارة عن "أيقونة القديس مارمرقس الرسول" البطريرك الأول للكنيسة القبطية في مصر. تخلل الحفل الترانيم والكورالات الدينية إلى جانب كلمات عدد كبير من ضيوف الحفل من رجال الدين وغيرهم، وقام قداسة البابا شنودة باطلاق الحمام الأبيض أثناء الاحتفال رمزاً للسلام. وبهذه المناسبة وقع كل من البطاركة الحاضرين على البيان المشترك للكنيسة الأرثوذكسية الشرقية المشتركة "السريانية والأرمينية الأرثوذكسية" والذي يؤكد وحدانية الإيمان والتعاليم الروحية فيما بينهم وتأكيداً على توطيد العلاقات الروحية الطيبة التي تربط شعوب هذه الكنائس. وبهذه المناسبة أيضاً صرح الأنبا بيشوى - سكرتير المجمع المقدس - أن الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء بعث برسالة تهنئة للبابا شنودة بعيد جلوسه، مُتمنياً له موفور الصحة وطول العُمر. كما ألقت السيدة تهاني الجبالي نائب رئيس المحكمة الدستورية كلمة رقيقة قالت فيها "قداسة الأب والمُعلم بابا العرب بمسلميه ومسيحييه ربما وبضمير القاضي وفي عيد جلوسك سنبقى حُراس على قيمة العدل والمواطنة وحق كل مصري في المواطنة على أرض مصر، ونتوسل إليك في هذه المناسبة أن تصلي من أجل مصر لكي يسود العدل والمساواة والحرية وكل عام وأنتم بخير .. أبقاك الله لمصر ولشعب مصر". وفي نهاية وقائع الاحتفال قدم البابا شنودة الشكر للحضور والكلمات الطيبة التى أهدوها لقداسته، بل رفع صلاة شكر لله الذي منحه لأن يكون "سابع بطريرك" من بين الذين أمضوا نحو 40 عاماً في خدمتهم البطريركية ضمن ال 117 بطريركاً، ومُشيراً إلى أن هناك بطريركاً واحداً هو الذي أمضى أكثر من 40 عاماً وهو الأنبا كيرلس الخامس - البابا رقم 112 - والذي أمضى نحو 52 عاماً و 8 شهور وعدة أيام على الكرسي المرقسي. وأكد البابا شنودة في كلمته أنه من الخطأ الشديد أن ننسب كل الإنجازات إلى عمل البشر، بينما هي تمت من قبل الله نفسه ولأنه لولا يد الله العاملة ما كنا نستطيع عمل شئ على الإطلاق، مُشيراً في ذلك للآية التي تقول "إن لم يبن الرب البيت فباطلاً تعب البناءون". وأضاف البابا شنودة "نشكر ربنا في بناء ما هو أهم وهو بناء المحبة، فالأهم بالنسبة لنا كرجال دين هو بناء جسور المحبة بين جميع الناس بعضهم البعض، ونحن بطبيعتنا نحب جميع الناس أيا كان نوعهم .. نحب جميع الناس ونعلم الناس أن يحبوا بعضهم البعض فهذه وظيفتنا، مؤكداً على أن القلب الذي فيه الحُب الصحيح لا يمكن أن توجد فيه كراهية لأن الحُب والكراهية لا يجتمعا مع بعضهما .. وكذلك النور والظلمة لم يجتمعا مع بعضهما، ونحن نود أن يسود بلادنا الحُب أيضاً، ليس الحُب فقط في وقت الهدوء والسلام، وإنما في وقت الضيقات والمصاعب، مُشيراً إلى قول الشاعر "غير دين الحب لا دين لنا .. نحن في البؤس سواء والنعيم". وفي سياق الإنجازات التي قامت بها الكنيسة الأرثوذكسية على مستوى مصر وخارجها قال البابا شنودة "على الرغم من أن عدد الكنائس التي تم بناؤها ورسامة أكثر من 120 أسقفاً داخل وخارج مصر خاصة في إريتيريا وكينيا وزامبيا وزيمبابوي وجوهانسبرج، إلا أنه مازال يوجد الكثير والكثير، خاصة في كندا، مُشيراً إلى أنها تحتاج لرسامة بعض الأساقفة، بالإضافة إلى حاجة بعض الدول التي تتحدث الإنجليزية والفرنسية إلى رسامة بعض الأساقفة، وأيضاً سويسرا وبولندا". يذكر أن البابا شنودة تولى مهام منصبه فى 14 نوفمبر عام 1971 بعد رحيل البابا كيرلس السادس ليكون البابا رقم 117 فى تاريخ الكنيسة القبطية وقد شغل قبل توليه البابوية منصب الأسقف العام للتعليم والمعاهد الدينية، وتم ترشيحه للمنصب وتم انتخابه ليحصل على أعلى الأصوات مع ثلاثة من الأساقفة الآخرين إلا أن القرعة الهيكلية حسمت المنصب لصالحه. وشهدت السنوات الأربعون الماضية نشاطًا كبيرًا له فى مجال الرعاية الدينية وتواجدًا كبيرًا للكنيسة القبطية فى بلاد المهجر، كما أعطى اهتمامًا خاصًا للوَحدة الوطنية والتقارب الإسلامى المسيحى وهو ما انعكس على تعاون وثيق مع شيخ الأزهر والقيادات الإسلامية فى كافة القضايا الوطنية.