على الرغم من إلغاء تجارة الرقيق فى كل دول العالم لاعتبارها مظهرا من مظاهر العبودية إلا أن هذه التجارة قد عادت للظهور مرة أخرى وبصورة أخرى . فى معظم الدول العربية وخاصة فى مصر فى صورة ) زواج القاصرات ( وهو يعنى زواج الفتيات الصغيرات من رجال كبار السن فى أعمار أجدادهم سعياً وراء حفنة من الدراهم أو الدنانير يلقيها التاجر ... "عفواً الزوج المسن" فى حجر والد الضحية والذى يغريه بريق الذهب ويطربه رنين صوتها ... ولكن سرعان ما تعود الضحية تجر أذيال الخيبة والحسرة ولكن ... بعد فوات الأوان حينما تحمل على يديها أو بين أحشائها جنينا يتيم فى ظل حياة والده وذلك عندما تفاجأ تلك "الطفلة" أو الزوجة القاصر بأنها كانت مجرد خادمة أو ممرضة أو مجرد شهوة عابرة أو متعة مؤقتة وزائلة لهذا التاجر ... ولكن ما أثلج الصدور فى الأونة الأخيرة هوقيام النائب العام بإحالة 5 متهمين الى محكمة الجنايات بتهمة تزويج القاصرات والذى يعد ضربة قاصمة لسماسرة هذا النوع من الزواج وهو الاتجار الفتيات وبيعهن لمن يدفع أكثر ومن خلال الندوة التى نظمها المركز المصرى لحقوق المرأة حول زواج القاصرات كشفت نهاد أبو القمصان رئيس المركز المصرى لحقوق المرأة عن دراسة حديثة صادرة من وزارة الأسرة والسكان تؤكد أن نسبة زواج القاصرات فى بعض المحافظات وصلت الى 74% وكذلك دراسة أعدت بالتعاون بين وزارة التضامن ومنظمة اليونسيف أشارت الى أن حالات زواج القاصرات فى مصر تزيد عن 40ألف فتاة وأن مواليد هذه الزيجات وصلت الى150 ألف بينما تبلغ نسبة زواج القاصرات فى مصر حوالى 11%. وأضافت أن الأخطر من ذلك أن مصر تحولت الى محطة انتقال ) ترانزيت ( للاتجار بالبنات أو زواج القاصرات أو ما يسمى بالزواج السياحى وذلك طبقا لتقارير الأممالمتحدة حول الإتجار بالبشر وطالبت نهاد بضرورة إجراء مراجعة تشريعية لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة بالتعاون بين جمعيات المجتمع المدنى والمواطنين وأوضحت أنه رغم أن وزير العدل وضع شروطا لزواج الفتيات من الأجانب والعرب إلا أنها غير كافية كما أن طرق التحايل كثيرة ومنها الزواج العرفى مشيرة الى أن من بين هذه الشروط ضرورة توثيقه وحضور الزوج الأجنبى عند إجراءات التوثيق وألا يزيد فرق السن عن 25 سنة وإلزام الأجنبى بحسن معاملة الزوجة المصرية . ويشير الدكتور نصر عيد سليمان رئيس حزب صوت مصر الى أن الفتيات فى هذه السن الصغيرة يكون نموهن الجسمانى لم يكن قد اكتمل بعد ولذلك يؤدى الحمل والرضاعة الى استنزاف غذائى للأمهات وضعف وهزال للأطفال الأمر الذى يتسبب فى زيادة حالات الوفاة بين الأمهات والأطفال الى حوالى 50 % إضافة الى ضعف التكوين الذهنى لتلك الفتاة وعدم القدرة على تربية الطفل تربية سليمة وصحيحة لأنها لا تعرف ماذا يعنى الزواج وإنجاب الأطفال . ويقول الشيخ خيرى الدرينى مدير منطقة طنطا الأزهرية : أنه رغم أن الإسلام دعا المسلمين الى الأخذ دائما بأسباب القوة فى أمور دينهم ودنياهم لقول النبى صلى الله عليه وسلم )المؤمن القوى خير وأحب الى الله من المؤمن الضعيف ( فإننا نرى فى كثير من المجتمعات الإسلامية انتشارا واضحا لظاهرة الزواج المبكر للإناث وخاصة فى المجتمعات الفقيرة التى تعانى من قلة الموارد وضعف الوعى الصحى والخدمات الصحية وزواج القاصرات يعد بحق جريمة بشعة فى حق الفتيات المصريات وأن المسئولية الأولى يتحملها كل من الأب والأم واللذان إن فعلا ذلك ببيع بناتهم يستحقان أقصى عقوبة ممكنة كما أكد فضيلته الى أن الزواج حياة مشتركة والقصد منه الاستمرار والدوام وليس لقاءا عابرا أو نزوة طارئة . ويستطرد محمد عطية رئيس مجلس الأمناء بمدرسة طنطا التجريبية الفنية التجارية المتقدمة أن جميع الشرائع السماوية أولت العناية بتنظيم العلاقة الزوجية بما يصون قدسيتها ويحفظ بقائها مشيرا الى ضرورة أن يتم الزواج على أساس حكيم وعلى نحو يجنب الأسرة والمجتمع الكثير من المآسى كما أشار الى أن الفتاة المصرية تتعرض لمشاكل كثيرة فى حالة زواجها بالفتيات من أجنبى الجنسية بسبب عدم التكافؤ بينهما سواء فى السن أو المادة موضحا أن فتيات صغيرات فى السن يتزوجن من أجانب عرب تصل أعمارهم الى السبعين والثمانين عاما ويرجع السبب فى ذلك الى الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها هذه الفتيات وارتفاع الأسعار وانتشار ظاهرة البطالة التى تقف حائلا أمام الشباب للزواج وأكد على ضرورة تعديل نص القانون الخاص بشروط توثيق عقود زواج المصريات بالأجانب . ويشير الدكتور حسام بندق أستاذ علم النفس والاجتماع الى أن زواج القاصرات له علاقة وثيقة بالأمية مؤكداً أن واقع الطفولة فى العالم العربى وخاصة الفتيات فى غاية القسوة وأن نسبة الأمية بينهن تصل الى النصف كما أوضح إلى أنه إذا كانت الفتاة القاصرة قد نالت قسطا من التعليم فإنها سترفض هذا الزواج وستقف أمام والديها معترضة على بيعها بهذه الطريقة اللانسانية.