.. وفى كتابه الأقدس يقول البهاء: (لا تحسبن أنا نزلنا لكما الأحكام، بل فتحنا ختم الرحيق المختوم، بأصابع القدرة والاقتدار، يشهد بذلك ما نزل من قلم بالوحى، تفكروا يا أولى الأفكار). وليس المجال هنا هو الحديث عن هذه اللغة المتهافتة، ولكن الحديث عن الأحكام التى يقول البهاء إنها نزلت من قلم بالوحى، وهذه عينة من أقواله التى هى أحكامه والتى ينكرها المدافعون عن البهائية: - فى الصلاة يقول: "وإذا أردتم الصلاة ولوا وجوهكم شطر (الأقدس) المقام المقدس الذى جعله الله مطاف الملأ الأعلى، ومقبل أهل من مدائن البقاء ومصدر الأمر لمن فى الأرض والسماوات وعند غروب شمس الحقيقة والتبيان، المقر الذى قدرنا لكم بأنه لهو العزيز العلام ". هو إذا حوّل القبلة نحو الأقدس. ويقول أيضا: "قد نزلنا فى صلاة الميت ست تكبيرات من الله منزل الآيات، والذى عنده علم القراءة له أن يقرأ ما نزل قبلها وإلا عفى الله عنه إنه العزيز الغفار". وقال أيضا فى الصلاة: "لا يبطل السفر صلواتكم ولا ما منع عن الروح مثل العظام وغيرها". وفى الطهارة: وإن من لم يجد الماء يذكر خمس مرات: بسم الله الأزهر الأطهر. وفى الصلاة أيضا: "الأيام التى طالت فيها الليالى والأيام يصلون فيها الساعات". وقال أيضا: "قد عفا البهاء عن الناس صلاة الآيات إذا ظهرت" (يقصد البهاء صلاة الخسوف والكسوف وانقطاع المطر إلى آخره)، لكن لماذا السيد البهاء عفا عنها؟.. وهل العفو أو النسخ يكون من البهاء أم من رب البهاء؟. - ورفع البهاء صلاة الجماعة وجعلها صلاة فردية إلا الصلاة على الميت، ورفع أيضا الصوم والصلاة عن المرأة الخائض "ولهن أين يتوضأن (الحائضات) ويسبحن خمسا وتسعين مرة من الزوال إلى الزوال". - وفى السفر يقضى المسافر كل صلاة سجدة واحدة والعاجز عن ذلك يقول سبحان الله. - والصوم يكون 19 يوما، وفيه يتم الامتناع عن الطعام والشراب مثل صوم المسلمين، لكنه (البهاء) يريد أن يختلف لذلك جعله 19 يوما فقط . - والزكاة استٌبدلت بما يشبه الضريبة ومقدارها 19% تؤدى سنويا من رأس المال . - والحج للرجال دون النساء! ويتوجه فيه الرجال لقبر البهاء بقصر البهجة فى عكا الذى أسماه "دار السلام" وفى الألواح ( لوح أعمال حج بيت أعظم). - ولمن أراد أن يتوجه إلى شطر القدس .. بأن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله إلى أن يدخل فى المدينة التى سميت ب "دار السلام" وفى فقرة تالية يضيف: " ثم يبهى الله ويشرع فى الطواف ويطوفن حول البيت "سبعة مرات". - وفى حد الزنا ورد فى الأقدس: " قد حكم الله لكل زان وزانية دية مسلمة إلى بيت العدل، وهى تسعة مثاقيل من الذهب". فهل هذا نهى أم رخصة مثمنة على أثرها يزنى الزانى وهو يعرف السعر مقدما فيسدده لبيت العدل؟. وهناك كثير من الأحكام العجيبة فى البهائية لا تتسع هذه الدراسة لمناقشتها. لكن أخطر ما دعا إليه البهاء هو تحريم الجهاد؟.. هذا على الرغم من أن دعوة البهاء ومن قبله الباب أعلنت على أجساد ورقاب ضحاياه فهل أصدر البهاء هذا الحكم خوفا من انقلاب أتباعه عليه، أم ليسكت به أتباع أخيه يحيى صبح الأزل؟ الذين اشتهروا بالأزليين وظلوا يحاربونه ويسعون فى قتله حتى قيل إنه مات مقتولا بأيديهم وهى رواية لا نكذبها، ولا نصدقها، بل نرجح أن نفرا من هؤلاء قد حاول اغتياله ولم تنجح المحاولة فى القضاء الفورى عليه، ولكنه أصيب وعلى إثر هذه الإصابة دخل فى حالة من المرض استدعت حجبه عن الناس وإعلان إصابته بالحمى والهذيان، حتى تواتر أنه أصيب بالجنون، لكنه فى كل الأحوال ذهب وبقيت دعوته موضع ضعف ينفذ منه أعداء الدين والوطن. ويبقى فى قصة البهائية سؤال مهم: إذا كانت البهائية بعقيدتها وأحكامها قد ابتعدت كل هذه المسافة عن الإسلام، فلماذا يشاع أو يقال إنها فرقة من فرق الإسلام؟ والإجابة تتخلص فى أنها خرجت أولا من أوساط الشيعة وهى فرقة إسلامية، والبهائية فى تكوينها أقرب إلى الشيعة الإسماعيلية التى اشتهرت بفرقة الحشاشين الباطنية، واستغل البهاء - ومن قبله الباب - الفضاء الرحب لتأويل النص الدينى فى تلك المذاهب والفرق، فابتدع ما ابتدع من عقائد وأحكام وكتب قال إنها مقدسة، استمدت مادتها الأولية من النص العظيم القرآن كلام الله فحرفه وأنزله فى غير منزله، ولفق الألفاظ لتبدو شبيهة بالنص المقدس ولكن فى نسق مضطرب ومع حشر كلماته التى حاول أن يميز بها نصوصه عن النص القرآنى، خرجت النتيجة شائهة، ولكم أن تتخيلوا مدعيا لمهنة الجراحة يأتى بجنين من خلق الله فيقطع أنفه ويلصقه فى القفا، ويفصل أذنيه ويثبتها فى جبهته، ويفقأ له عينا ويخبط له نصف فمه، فماذا عساه أن يكون شكله؟.. والأدهى أن يدعى بعد ذلك أنه من خلق الله، وفى السطور التالية عينات من جنين البهاء المشوه الذى حاول أن يسوقه للدهماء، فقال فيه : "قل تالله لا تغنيكم اليوم كتب العالم وما فيه من الصحف إلا بهذا الكتاب.. فماذا قال البهاء فى هذا الكتاب؟.. قال الآتى : "ينبغى اليوم لمن شرب رحيق الحيوان من يد الطاف ربه الرحمن أن يكون فياضا كالشريان فى جسد الأمكان". وسوف أقاوم ما استطعت الرغبة فى السخرية، لكن ألستم معى فى أن البهاء كان رجلا مهزارا أم ترى أن الشيطان أعماه عن مدى الخطأ والضلال فى كلامه ؟! فما هو رحيق الحيوان ؟.. وما هو جسد الأمكان ؟.. وحين يقول : "تالله انكشف الحجاب إنكم تنصعقون، وهذه اللفظة الأخيرة "تنصعقون" تكررت كثيرا فى كلام البهاء وهى ليست إلا دليلا على فساد ذوقه اللغوى وسوء بيانه. وللأستاذين د. محمد عبد المنعم خفاجى ود. عبد العزيز شرف دراسة رائعة فى الرد على البهائيين فى ضوء المنهج اللغوى، تكشف زيف ما أتى به البابيون والبهائيون، وتكشف أمراض لغتهم التى تتمثل فى أربعة أمراض، هى كما وردت فى كتاب بعنوان (الرد على البهائيين فى ضوء المنهج اللغوى). 1- الحبسة اللفظية: حيث يصعب استدعاء الكلمات سواء فى القول أو الكتابة، فتكون النتيجة أن يخرج تركيب اللفظ مختلا. 2- الحبسة الإسمية : ويسىء فيها (المريض) استخدام الأسماء ويعجز عن فهم معنى الكلمات والرموز. 3- الحبسة النحوية : ويعجز فيها مريض اللغة عن ترتيب الكلمات حسب نغمة اللغة وقواعد النحو. 4- الحبسة الدلالية : حيث تغيب دلالات النص عندما تغيب فكرته ومعناه، ويضطرب مضمونه. ويورد أصحاب الدراسة عشرات الأمثلة نورد منها مثالا واحدا، فقد ورد فى كتاب الأقدس: "إن أول ما كتب الله على العباد عرفان مشرق وحيه، ومطلع أمره، الذى كان مقام نفسه فى عالم الأمر والخلق، من فاز به فقد فاز بكل الخير، والذى منع إنه من أهل الضلال ولو يأتى بكل الأعمال". والنص السابق هو ما افتتح به كتاب البهاء، والكتب تعرف دائما باستهلالها الذى يدل على مظهر بلاغتها وتصوير لانتماءاتها، كما يقول صاحبا البحث ويضيفان متسائلين: ماذا فى هذه الافتتاحية؟. ويجيبان: هنا فقرتان الأولى منهما يحوطها الغموض من كل جانب، ماذا يريد أن يقول (النص)؟.. إنه لا مضمون ولا فكرة ولا معنى بدون صياغة واضحة قوية بليغة تؤيدها. والبهائيون دائما يلجئون إلى الغموض والرمز، فتجئ لغتهم ضبابية الصياغة غائمة الأفكار، ومن هنا أدعوا التأويل فرارا من الوضوح وادعو فلسفة التأويل للخروج من دلالة النص. ويتساءل الباحثان: لماذا جعل صاحب الأقدس المعرفة وحدها سببا فى الفوز بالخير؟ ذلك هو قصور العقل وضلال التفكير والبعد عن النهج السليم.. فما جدوى المعرفة بلا عمل. أما قول البهاء : "والذى منع إنه من أهل الضلال ولو يأتى بكل الأعمال". وفى القواعد النحوية الذى اسم موصول يحتاج إلى صلة، وهى هذا الفعل (منع) ويحتاج إلى عائد وليس العائد موجودا فى الكلام، فيكون التركيب ناقصا، وصحة الأسلوب هنا أن يقول القائل "والذى منع منه (أى من العرفان) إنه من أهل الضلال". وحتى لو قالها البهاء، فهذا أسلوب ردئ غاية الرداءة سقيم غاية السقم، أين البلاغة والفصاحة والبيان فيه؟. وماذا هذا السجع الردئ: إنه من أهل الضلال ولو يأتى بكل الأعمال إنه العيب الأكبر والعجز الفاضح عن الإتيان بأسلوب بليغ. وفى الفقرة الثالثة من الأقدس يقول البهاء: "إنا أمرناكم حدودات النفس". ويسأل الباحثان: "لماذا جمع جمعا مؤنثا مع أنه جمع تكسير" هذا خطأ فى العربية التى لا تقبل أن تكون الكلمة جمعا وهى فى الأصل جمع، أى (حدود) ثم ما هى حدودات النفس؟.. الإجابة هى أخطاء فى اللغة والتعبير! ونكتفى من دراسة د.محمد عبد المنعم خفاجى ود. عبد العزيز شرف بهذا القدر البسيط، ونحيل من يريد الاستزادة إلى الأصل لكن وقبل أن نغادر محطة الحديث عن لغة البهاء وتراثه التلفيقى الذى تركه لضلال البسطاء والعوام والدهماء والذين فى قلوبهم مرض والذين أرادوا لأنفسهم الضلال فزين الله لهم ما أرادوا، نثبت بعضا مما أتى فى كتب البهاء المختلفة وما أكثرها ومنها على سبيل المثال ما أتى فى أحد الألواح (لوح ششم) يقول البهاء: "أى رب أسألك بنفسك العلى الأعلى ثم يطهروك كرة أخرى الذى به انقلب ملكوت الأسماء وجبروت الصفات وأخذ السكر سكان الأرضين والسماوات والزلزال من فى ملكوت الأمر والخلق، إلا من صام عن كل ما يكرهه رضاك، وأمسك نفسه عن التوجه إلى ما سواك، بأن تجعلنا منهم وتكتب أسماءنا فى لوح الذى كتبت أسماءهم، وإنك يا إلهى ببدايع قدرتك وسلطنتك اتشعبت أسمائهم من..." وفى الألواح أيضا يقول" قد نزلت النقطة مرتين كما نزل المثانى كرتين والحمد لله الذى أظهر النقطة وفصل منها علم ما كان وما يكون وجعلها منادية باسمه ومبشرة بظهوره الأعظم الذى به ارتعدت فرائص الأمم... إلى آخره". ويقول أيضا :"يا أيها السائل الناظر والذى اجتذب الملأ الأعلى بكلمته العليا أن الطيور ممالك ملكوتى وحمامات رياضى حكمتى تغردات ونغمات ما اطلع عليها إلا الله مالك الملك والجبروت ولو يظهر أقل من سم الإبرة ليقول الظالمون ما لا قاله الأولون". ويقول أيضا: "ويرتكبون ما لا أرتكبه أحد فى الأعصار والقرون، قد انكروا فضل الله وبرهانه وحجة الله وآياته ضلوا وأضلوا الناس ولا يشعرون، يعبدون الأوهام ولا يعرفون، قد اتخذوا الظنون لأنفسهم أربابا من دون الله ولا يفقهون، يتبعون أهواءهم معرضين عن الله المهيمن القيوم، قل تالله قد أتى الرحمن بقدرة وسلطان وبه ارتعدت فرائص الأديان". ويقول فى لوح ينجم: "اللهم إنى أسألك بشعراتك التى يتحرك على صفحات الوجه، كما يتحرك على صفحات الألواح قلمك الأعلى وبها تضوعت رائحة مسك المعانى فى ملكوت الإنشاد". ما هذا الهذيان والخرف؟.. ما هذه الركاكة والضعة والضعف؟.. هل يصدق نصف عاقل أن هذا الكلام يصدر عن الله؟.. حاشا وكلا، وفيها تجسيد لذات الله حين يقول شعراتك التى يتحرك فى صفحات الوجه، وتعبيرات ركيكة من مثل "ما لا ارتكبه أحد فى الأعصار والقرون"، "فرائص الأديان" "فرائص الأمم" وأخطاء ساذجة فى الإملاء وقواعد النحو.. هذا هو إعجاز البهاء الذى يذكرنا بإعجاز مسيلمة الكذاب حتى ولو نمق هذا الإعجاز بكلمات عن الحب والمساواة والخير والوحدة والتآلف يقصد أن يستميل بها السذج، لكنه لن يفعل إلا من لديهم قابلية لتلك الاستمالة. وفى البهاء - كما فى مسيلمة - يصدق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريبا من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.