كنسمة حائرة أريد أن أفرّ عبر الأثير إليك وألقى برأسى المتعب بين يديك وأجهش ببكاء ترتعد من عويله صافرات الرعد حين تدوى برأس مدينة غافية على كتف الظلام. أريد أن أبكى كما لم أبك فى حياتى قط ، أريد أن أغسل بدموعى ذاكرة مشوهة وصورا ً معدمة لأيام مزقت سطورها وشتت حروفها وأُعلنت لتلك الذات الشقية أن الروح وحدها من يحق لها أن تعشق وتحيا. كان هذا قبل أن يأتينى نداؤك بالأمس مخضبا ً بالوجع .. منغمسا ً بالقهر .. ليصفع قلبى بكلمات مبتورة لن تقوى سيقانها العرجاء على الحراك وبأنفاس باردة هزيلة لن تجروء أظافرها المقلمة على طرق زجاج نافذتى وعزف أغنية المساء. أنا وأنت بقية حلم يتقهقر خلف ضبابية اللحظة فتعال نكمل الحلم قبل أن تستيقظ امبراطورية الشمس فيتبدد ليل الحلم وينتشر النهار باسطا ً جناحى انتصاراته على ظهرحلم يتيم أذيبت آهاته على ضوء شمعة ثكلى. سأوقد شمعة الميلاد وأدعوك لحلم مُدّ بساطه على عجل وأفرش تحت قدميك أيها الرجعى بالحب وسائد الحب الرجعية بأنامل بلقيس ملكة سبأ التى سبقك إليها آلاف الرسل فعادوا بخفى حنين ورسائل غضب وسأنثر بوحى ومفردات عشقى على صدرك وشاحا ً ورديا ً مطرزا ً بالمعلقات السبع وأطبع على جبينك اسمى وعلى زنديك وشمى وعلى جفنيك مئات القبل. سنفتح كتاب الحلم من آخره ونبدأ من النهاية بعد أن أحرقنا البداية بلفافات حمقاء مستعرة ومزقنا كل الجسور وهدمنا كل صوامع الحب ونثرنا زنابقها على سفوح جبال تائهة لتعصف بها رياح الجنون وتتغذى بفتاتها أفئدة النسور. سنبدأ الحلم من لعثمة الحروف على شفتى تلميذة فى حضرة شاعر يلقنها حروف العشق الأولى وأبجدية الغزل من الألف إلى الياء وسأدون برأس الصفحة اسمى واسمك وتاريخ حلم قُتل قبل أن يمنح شهادة الميلاد. وسنحلم أنا بلقيس ملكة سبأ وأنت الرجعى فى الحب أن عش الحب ما زال يجمعنا وما زالت أفئدتنا معلقة بحبال لم تقطعها جسورالمسافات ولم تمزقها أنياب النسور الجائعة ولم تذبها خيوط الشمس الحارقة ولم يبسط ذلك النهار جناحيه على كتف حلمنا اليتيم وينتشر بزهو يعانق صفحات المدى ، سنحلم أيها الرجعى فى الحب سنحلم ... فتعال .. تعال نحلم.