قال الكاتب الاسرائيلي المتخصص في الشئون العربية " الوف بن " في صحيفة هاارتس ان تل ابيب تشعر بالتفاؤل بعد مرور ستة اشهر على بداية الربيع العربي واضاف انه خلال الستة اشهر يتضح ان التاثير والنفوذ الايراني بدء يضعف ، وتركيا تبحث عن حليف جديد ، والنظام السوري سوف يتم استبدالة بنظام اخر اكثر تعاونا وانفتاحا على الغرب . وقال " الوف بن " انه قبل عامين ، زار دمشق مسؤول رفيع من احدى البلاد الغربية الكبرى ، لمناقشة التقارب في العلاقات بين البلدين ، و بعد الجزء الرسمي من الزيارة دعا الرئيس السوري بشار الأسد ضيفة وزوجته لتناول وجبة عشاء حميم ، حيث جلس الاثنين وتحدثا طوال اللليل بعد ان تخلصا من جميع قواعد البروتوكول وبدون حضور الستشاريين والبروتوكول الرسمي ، وقال الاسد كاشفا عن هموم قلبه لضيفه قائلا " ان مشكلتي هو أنه في كل عام، نصف مليون سوري يصل إلى سن ال 18 وليس لهم أي أمل أو عمل. وعلق الوف بن قائلا ان الاسد يعرف انه طالما الامر كذلك ، فان تحت كرسيه تقبع قنبلة اجتماعية موقوتة من شانها أن تعرض الاستقرار الداخلي في سوريا للخطر ، لكنه لم يفعل ما يكفي لتغيير هذا الوضع وإعطاء الأمل لشباب بلاده ، فبدلا من منحهم الفرص المستقبلية وتخفيف مقاليد الديكتاتورية ، ركز الأسد على مستحضرات التجميل حيث أدار حملة دولية للترويج لسوريا جديدة وعلمانية ، معتمدا على شخصية زوجته الجذابة. وقد توجت الحملة بمقالة حول الرئيس وزوجته نشرت في "مجلة فوج" للموضة في بداية هذا العام، وبدا كل شيء مثاليا ، باستثناء التوقيت وحتى موعد النشر ، حيث قام الشباب الفاقد الامل في المستقبل بالتمرد على الحكومة واصبحت صورة الاسد وهو يلعب مع أولاده بالدمى في الماضي تبدوا مزحة حزينة ، في الوقت الذي قارب عدد الضحايا من المعارضين السوريين واللاجئين 1500 ضحية بالاضافة الى أكثر من عشرة لاجئ عبروا الحدود الى تركيا. لقد فوجئت مجلة فوج بان الاب المحب الساحر هو في حقيقة الامر ديكتاتور قاس وقاتل محترف فازالت المقال المحرج من على موقع المجلة على شبكة الإنترنت. واوقف القصر الرئاسي الحملة ، اما صفحة اسماء الاسد على الفيسبوك والتي كانت تنشر رحلة الزوجين في اوروبا فقد توقفت ولم يتم تجديدها الا منذ حوالي شهر ، لقد اصاب الأسد الصغير أتباعه في الغرب بخيبة امل وهم الذين اعتبروه ، "اصلاحي" وعلقوا عليه اللكثير من الآمال الكاذبة. واضاف الوف بن انه الاسد مثل ابيه ، ففي لحظات الاختبار الحاسمة أطلق العنان لقوات الأمن لقتل المتظاهرين، وحتى في خطابه الاخير اكد الاسد انه لن يستسلم وانه سيقوم بعمل حوار وطني . وارجع الوف بن بقاء الاسد في السلطة حتى الان الى ثلاثة أسباب : 1 - ان خصومه ومعارضيه فشلوا في جمع ما يكفي من القوة ولم يصلوا الى قلب المدن الكبرى . 2 – ان الجيش يحافظ على تماسكه وولائه للرئيس . 3 – ان روسياوايران تدعمان الاسد ويمنعون الولاياتالمتحدة لأميركية من الدعوة الصريحة الى الاطاحة بالاسد وتكتفي بالدعوة الى عمل بعض الاصلاحات السياسية الداخلية. واشار الوف بن الى ان المتظاهرين في مصر نجحوا في حشد مئات الآلاف من الناس في ميدان التحرير بوسط القاهرة واستطاعوا الاطاحة بالرئيس المصري حسني مبارك ، بينما في سوريا تجري المظاهرات في المدن الريفية التي يسهل منع وسائل الاعلام الدولية من الوصول اليها وذبح وقتل سكانها، وهذه هي الاستراتيجية التي تعلمها بشار من والده حافظ الأسد . واكد الاسد على ان نجاح بشار في الوقت الحالي هو نجاح جزئي، فعلى الرغم من نجاحة في السيطرة على جنودة الا انه لم يستطع القضاء على المتمردين الذين يدركون ضعفهم أمام قوة النيران الجيش ، الذي يسيطر على حركة الطرق الرئيسية ، وبالتالي اختاروا استراتيجية الاستنزاف . واوضح الوف بن قائلا ، انه اذا كانت المظاهرات في سوريا بعيدة عن الحسم حتى الان ، الا انها شكلت تغيرا في موازين القوى في الشرق الاوسط ، فايران تتراجع ، واسرائيل تزداد قوة . وفيما يخص المخاوف الاسرائيلية قال " الوف بن " ان المخاوف الاسرائيلية من الربيع العربي بدات في الهدوء ، اما بالنسبة للثورات القائمة في البلدان المجاورة لاسرائيل ، فهي تمثل الان فرصة استراتيجية . وقال الوف بن ان نقطة التحول السابقة في المنطقة سجلت منذ خمسة سنوات خلال حرب لبنان الثانية ، حيث اظهر الفشل العسكري الاسرائيلي في مواجهة حزب الله ضعف اسرائيل وادى الى تقوية ايران ، ثم قام الاسد بتقوية العلاقات الاقتصادية والسياسية والعسكرية مع ايران، ثم استولت حماس على قطاع غزة ، وحزب الله على لبنان ، وابتعدت تركيا عن اسرائيل . اما بالنسبة لاسرائيل فقد ازداد الامر سوءا خلال العام الاخير ، فقد ادت فضيحة سفن المساعدات التركية الى قطاع غزة الى مزيد من البعد والتوتر في العلاقات مع انقرة ، وبعد سقوط نظام مبارك فقدت اسرائيل حليف استراتيجي ، واصبحت معزولة وخائفة ، الامر الذي حدا برئيس الوزراء الى التقارب مع اليونان كبديل لمصر وتركيا ، ولكنه سرعان ان هذا البديل غير نافع وانها مفلسة ولا تستطيع ان تحل محل القاهرةوانقرة ، ولكن هذا الاسبوع بدات الارجوحة الاستراتيجية تميل الى الاتجاه المعاكس ، حيث تحاول ايران التي تمزقها الصراعات الداخلية انقاذ عرش الاسد ، الذي اذا سقط فان ايران ستفقد اهم حليف لها في المنطقة ، وسوف يتراجع تاثير في منطقة الشرق الاوسط وعليه قامت اسرائيل باستغلال الفرصة ، وبثت في وسائل الاعلام الدولية تقارير توضح التدخل الايراني العميق في قمع المتظاهرين ، وكان بشار الاسد في حاجة الى قوة خارجية للدفاع عن حياته في سوريا . اما على الصعيد التركي فلم يقف اردوغان مكتوف الايدي لحين سقوط نظام الاسد ، بل وقف على راس المعارضة الشعبية ، وادان بشدة المذابح التي ارتكبها النظام السوري ضد شعبه ، ودعا الاسد الى المزيد من الاصلاحات السياسية ، وبعد خطاب الرئيس السوري ، اصيب انقرة بمزيد من خيبة الامل ، ولكن سوريا رفضت الموقف التركي وبعثت الي تركيا برسالة واضحة ، وهي ان العلاقة الطيبة بين انقرةودمشق قد انتهت ، وعلى الرغم من انتهاج تركيا لسياسة صفر مشاكل مع جيرانها ، فانه وفقا لاحد المحللين السياسيين الاسرائيليين ، سيكون هناك صراعا كبيرا بين تركيا وايران للسيطرة على سوريا . ويضيف برئيل انه حينما تقترب تحاول تركيا السيطرة على سوريا ، فانها سوف تتقارب من الولاياتالمتحدة واسرائيل وهم الد اعداء ايران في السيطرة على الشرق الاوسط ، ففي اليوم التالي لخطاب الاسد ، اجرى اردوغان اتصالات مع اوباما وتحدثا بشان الاحداث في سوريا وليبيا ، واتفقا على شرعية مطالب الثوار ، وبعدها نشرت وسائل الاعلام التركية والاسرائيلية نص الرسالة التي بعث بها نتنياهو الى اردوغان طالبا فيها اعادة تحسين العلاقات التركية الاسرائيلية . وعلق الوف بن على تحركات رئيس الوزراء التركي بانه يعد من افضل الرؤساء في العالم في الحيلة والمناورة والتنقل بين القوى الاقليمية والدولية بما تمليه المصلحة التركية ، وساق في هذا الصدد موقف اردوغان من بشار الاسد ، والذي اعتبره الوف بن خيانة سياسية لحليف الامس ، مشبها اياه بما حدث في العلاقات التركية الاسرائيلية