رحب مركز القاهرة لدراسات لحقوق الإنسان باعتماد مجلس الأممالمتحدة لتقرير القاضى جولدستون، رئيس البعثة الأممية لتقصى الحقائق فى الانتهاكات والخروقات الجسيمة للقانون الدولى الإنساني، التى رافقت العدوان الإسرائيلى الوحشى على غزة، على مدى ثلاثة وعشرين يوما منذ 27 ديسمبر 2008. واعتبر المركز اعتماد التقرير وتوصياته بمثابة خطوة تصحيحية، تعيد الاعتبار لمنع الإفلات من العقاب على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، التى لا ينبغى أن يتمتع مرتكبوها بالحصانة من المساءلة والعقاب، وتضفى قدرا من المصداقية على أداء مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان، التى أضيرت كثيرا بعد موافقته على إرجاء مناقشة التقرير والتصويت على توصياته. وذلك استجابة لمقترح تبنته السلطة الوطنية الفلسطينية ومصر، يرفع قدرا من الحرج عن الولاياتالمتحدةالأمريكية، وبعض الأطراف الأوربية التى هاجمت التقرير، ومارست ضغوطا شتى للحيلولة دون اعتماده. ودعى مركز القاهرة لدراسات لحقوق الإنسان أعضاء مجلس الأمن، وبخاصة الدول الخمس الكبرى التى تتمتع بحق "الفيتو" أن تنتصر لمعايير العدالة ومنع الإفلات من العقاب، وأن تعزز ما شدد عليه ريتشارد جولدستون من أنه "لا ينبغى أن توجد دولة أو جماعة مسلحة فوق القانون". كما دعى مركز القاهرة الإدارة الأمريكية والأطراف الأوروبية، أن تمتنع داخل مجلس الأمن عن اتخاذ أية مواقف تستهدف تقويض فرص الوصول إلى العدالة ويشدد المركز على مسئولية هذه الأطراف على وجه الخصوص فى الضغط على إسرائيل والتعاطى بصورة إيجابية مع توصيات تقرير جولدستون. وحذر المركز من أن استخدام حق "الفيتو" لتحصين إسرائيل من المحاسبة، سوف يلحق ضررا فادحا بعالمية حقوق الإنسان، وبمعايير العدالة الدولية، ويجعل من المدنيين فى هذه المنطقة من العالم أهدافا مستباحة لدوائر مغلقة من دوائر العنف والتطرف والانتقام، طالما ظلت المحاسبة على انتهاكات القانون الدولى الإنسانى رهنا بالحسابات السياسية للأطراف النافذة فى المجتمع الدولي. وقد جاء اعتماد التقرير وتوصياته بموافقة 25 دولة وامتناع 11 دولة عن التصويت، بينهم عدد من البلدان الأوربية واعتراض ستة دول، فى مقدمتهم بالطبع الولاياتالمتحدةالأمريكية. وبموجب ذلك فإن التقرير وتوصياته ستحال إلى مجلس الأمن ومن المفترض أن يقوم مجلس الأمن بتشكيل لجنة من الخبراء المستقلين لمراقبة وتقييم مدى التزام إسرائيل بإجراء تحقيقات جادة فى الجرائم التى يرقى بعضها لأن يشكل جرائم ضد الإنسانية خلال الحرب على غزة، مثلما يتعين على حكومة حماس أن تجرى تحقيقات مماثلة بشأن الجرائم المنسوبة للميلشيات المسلحة الفلسطينية. كما يوصى التقرير بإحالة ملف هذه الجرائم إلى المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، إذا ما أخفقت إسرائيل وحماس فى خلال ستة أشهر فى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالمساءلة والمحاسبة على تلك الجرائم.