جواميس فلسطين الجواميس هي التي لا تتآلف إلا مع قطيعها ، شأنها بذلك شأن كل الحيوانات والحشرات ، ولا تفكر في يومها ولا في غدها ، ولا هَمَّ لها غير طعامها وشرابها وترفض أن تقاوم عبوديتها فتراها تدور حيث دارت الساقية أو مَن بيده رسنها ... قالوا حديثا : أن الحمار يملك نسبة من التفكير ، وأن القرد يملك نسبة من الذكاء ، وقالوا أن النملة تدافع عن جحرها ، وأن النحلة تدفع حياتها ثمن دفاعها عن خليتها ... فما أجمل الحياة عندما تكون على فطرتها ، خالية من المكر والخبث والتشويه والصناعة الملونة ... أما جواميس فلسطين : فقد نجحت دولة الكيان في بنائها خلية يتلوها خلية ، وصنعت ثقافتها على عينها ، فقد عاشت تلك الجواميس وشقت طريها كما تريد دولة الكيان ... عجيب أمر جواميس فلسطين فهم لا يهتمون بغير العيش ومن أجل العيش فقط ، ولو كان ذلك على حساب فقدان أمنهم وكرامتهم وسلامتهم وحريتهم ، وتراهم حريصون فقط على جمع المال ، ولا يهمهم شيء اسمه وطن أو شعب أو قضية ... جواميس فلسطين : لا وعي ولا إدراك ولا مسئولية ، جل أهتمامهم حب الذات والنفاق والتملق وأرتداء لباس الحرباء التي تتلون مع كل لون ، ويقول بحقهم المثل : لا للصيف ولا للضيف ولا لعثرات الزمن . كعادتهم يتسلقون كالنبات المتسلق للجدران ، فلا طعم ولا رائحة له ، وربما يكون طعمه مرا ، وذو ملمس شائك ، ومأوى للحشرات ... راقت جواميس فلسطين للإحتلال ، فلا يعني الجواميس من يحكمهم ، ولا من يطعمهم ويسقيهم ، فهم لا يؤثر عليهم الأستيطان ، ولا بناء الجدار ، ولا تهويد القدس ، ولا ضياع فلسطين ، ولا تشريد شعب ، ولا قصفه واعتقاله وهدم ومصادرة ممتلكاته ...الخ . جواميس فلسطين لا تفكر بأن مصيرها الذبح والوقوع بين أنياب الجزار ، من بعد أن يستنزف طاقاتها ، وقد أشبعها ذلا وهي عاجزة بغير حراك ... متى ندرك أن المجتمع المدني يعني بناء الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، ويعني بناء الكرامة والوعي ، وبناء الوطن والمواطن والهوية والتراث ، ومتى نعمل معا من أجل فلسطين واحدة لا جواميس فيها ، يسودها مجتمع مدني حديث ، ومؤسسات حديثة تبني المواطن قبل أن يحمل البندقية ليعرف كيف وان يصوبها ، بعيدا عن التعصب والجمود والجهل والكراهية ، نؤمن بالتعددية كما يؤمن أعداؤنا ( مع الأسف ) ... لماذا لا نكون نحن الفلسطينيون كاليابانيين مثلا ، أو كاليوغسلافيين ، أو كالسويديين ، من حيث الوعي بقيمة الإنسان والوطن ، بحيث لا مكان للجواميس فيه ... ومن لم يعرف شيئا عن تلك الدول ، فليقرأ عن ثقافتهم ، وأساليب تعاملهم ، ونظرتهم إلى الآخر ، وليقارن بعد ذلك بين الحالتين ... ليدرك أننا نعيش في عالم هو أقرب ما يكون إلى الأدغال الموحشة المظلمة ، فلا تحرير ولا دولة من دون حالة مدنية راقية ، ولا مصالحة ولا وحدة بدون ثقافة ووعي ... ستنتصر المدنية على الوحشية ف المدنية طريق قيام دولتنا الحديثة