د.صفوت العالم : الإعلام المصرى سوف يشهد عصرا ذهبيا مليئا بالابداع الفكرى . د. رضا عكاشة : فى الفترة القادمة حرية التعبير أصبحت العنوان الرئيسى للمجتمع . شهدنا فى الأيام القليلة الماضية خلافات حادة وحروبا داخلية بين المؤسسات الصحفية ، و أيضا على شاشات التليفزيون بين المسئولين و المذيعين إزداد الأمر سوء حتى أصبح واضحا أن المنظومة الإعلامية على وشك الانهيار و من ثم حدثت التغييرات التي أطاحت بكثير من القيادات ، الأمر الذى أدى إلى تساؤل الجميع : هل الاعلام المصرى سيشهد بكافة جوانبه تغييرات جذرية تتواكب مع المرحلة الجديدة التى بالطبع تسعى إلى الحرية والكشف عن الحقائق و ملاحقة الفاسدين بعد أن كان كان الإعلام الرسمى ممولا من الحكومة و مواليا للنظام السابق ؟ فى التحقيق التالى أجاب الخبراء : يتوقع د . رضا عكاشة أستاذ الإعلام بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا حدوث تغيير كبير فى مناخ الصحافة المصرية ، ويرى أن التغيير يرتبط بثلاثة عناصر رئيسية : أولها مناخ الحرية الإيجابى الذى برز عقب ثورة التغير المباركة حيث أتاحت للصحافة ممارسة دورها الطبيعى فى الرفض و النقد و المتابعة كما أفسحت المجال لعدد من التيارات السياسية و خاصة التيارات الإسلامية و فى قلبها الأخوان المسلمين للتعبير عن أطروحاتهم الفكرية التى يمكن أن تكون إضافة حقيقية لواقع المسلمين و حضارتهم فى المرحلة القادمة . كما أتاح هذا المناخ أيضا بروز عدد من الكتاب و المفكرين الإسلاميين للظهور عبر شاشات التليفزيون و صفحات الجرائد لطرح رؤاهم الفكرية ، أما العنصر الثانى فهو البينة القانونية و التشريعية التي سوف تشهد هي الأخرى تغييرات واضحة في الفترة القادمة ، إذ من المتوقع أن تتاح الفرصة أمام جميع الأحزاب لإصدارصحف معبرة عن حطها السياسي . كما يتوقع د . عكاشة أيضا إتاحة عملية إصدار الصحف الخاصة للأفراد دون قيود مادية أو قانونية كما هو موجود الآن في قانون 96 لسنة 1996 ، إضافة إلى أنه سوف يتم الحد من اختصاصات المجلس الأعلى للصحافة بحيث تمارس الصحف دورها بحرية أكبر فضلا عن تخفيف القيود عن الصحافة القومية بحيث تصبح أكثر تغيرا عن مكونات الدولة الثقافة والفكرية ، ونفس الشئ يمكن أن يحدث فى مجال البث الفضائى و التليفزيونى حيث ثارت الظروف مهيأة لأن يتعاون رأس المال المصرى مع مجموعة من الكوادر المهنية لتأسيس فضائيات عربية تخدم قضايا المسلمين فى الداخل و الخارج . و يتخوف د.عكاشة من أمر على درجة عالية من الخطورة و هو غياب القيم الخلقية و المعايير الدينية التى تحكم دنيا الصحافة و التليفزيون و أخشى ما أخشاه أن يستغل البعض مناخ الحرية فى إثارة الفوضى أو يستفيد بعض المثقفين الذين فى أنفسهم شائبة حول الدين و قضاياه من تعدد وسائل الإعلام لتجريح ثوابث المجتمع المصرى . و إن كنا نأمل في الرأى العام المسلم أن يواجه مثل هذه التجاوزات المتوقعة . بينما أحمد رفعت رئيس تحرير جريدة جيل الغد بدأ حديثه بأن المنظومة الإعلامية فى مصر بعيدا عن الثورة أو غيرها تؤكد أنها خربة تم تركيبها بطريقة تضمن خدمة النظام و تبرير أخطاءه و فى ظل بريق من الشعارات الخادعة تتحدث عن الريادة و السيادة الإعلامية ارتبطت هذه السياسة بتقييد التدفق الإعلامى و تجاهل تأثيرات البث الفضائى التنافسى و الإنترنت ، إلى أن جاءت أحداث ثورة 25 يناير التى كشفت الأوضاع الإعلامية المتدهورة حيث حدث ما لا يتصوره فتجاهلت الصحف القومية و البرامج التليفزيونية ما حدث و اقتصر دورها على تضليل الرأى العام و الاندفاع إلى تشويه أحداث الثورة المباركة . و تابع أنه بعد ذلك و خلال 12 يوما حدث تغييرات إعلامية مذهلة حيث تغير الاتجاه من أقصى اليمين إلى اقصى اليسار فبعد أن حاربت وسائل الإعلام الثورة و شبابها أصبحت أو انتقلت إلى حالة تصفيق و إعجاب بالثورة و شباب الثورة مما أثار إعجاب الجميع و مؤكدا أنه كان طبيعيا ألا ترضى هذه الانقلابات و التقلبات الحادة جموع الشباب و الإعلاميين سواء فى التليفزيون أو فى الصحافة القومية فمن غير المعقول أن يبقى على رأس هذه المؤسسات نفس الأشخاص الذين نافقوا و هللوا للفساد لجرائم النظام السابق و من ثم كان طبيعيا أن نشهد ما حدث فى الأيام الماضية من احتجاجات و غضب فى المؤسسات الصحفية و التليفزيونية الأمر الذى أدى إلى تغيير المنظومة الإعلامية برمتها حتى تواكب التطور الإعلامى قائلا أنه بالفعل سوف تشهد منظومة الإعلام المصرى تغييرا حقيقيا على كافة الجوانب و الاتجاهات فبعد أن كان الإعلام مواليا للنظام السابق سوف ننتهج سياسة جديدة تدعم الثورة و تعمل على كشف ملفات الفساد و لا شك أن هذا سوف يساعد المنظومة على النهوض و التخلص من حالة العجز الإعلامى . و من جانبه أكد د.صفوت العالم أستاذ الإعلام السياسى بجامعة القاهرة أنه اختلف الحال بلا أدنى شك بعد قيام ثورة 25 يناير حيث أصبحت الوسائل الحكومية و الخاصة تتبع أسلوبا واحدا يقضى بالسماح لوجهات النظر المختلفة بالتعبير عن رأيها مضيفا أن حرية التعبير أصبحت السمة الغالبة للعاملين فى جميع أشكال وسائل الإعلام سواء كانت المطبوعة أو الإذاعية أو المرئية فانتهى عصر القيود التى كانت تلاحق الصحفى أو المذيع و سوف يشهد الإعلام المصرى عصرا ذهبيا مليئا بالإبداع الفكرى بسبب الحرية التى نالها الإعلام مؤخرا ، متوقعا أن الوضوح الشفافية والجرأة سيكونان العنوان الذى يحتل صداره الإعلام خلال الفترة المقبلة . و على الرغم من إعجابه بهذه المرحلة التى سوف يشهدها الإعلام المصرى إلا أنه انتقد الوضع القائم على أن كل من يوجه انتقادا لبعض سلبيات الثورة يعتبر خائنا و كل من ينتقد الأداء السياسى الحالى للمعارضين يكون مناهضا للثورة أيضا و هو أمر خطر جدا سيكون له انعكاس سلبى على سمعة الإعلام المصرى . و د. شعبان شمس عميد كلية الإعلام جامعة 6 أكتوبر أوصى فى حديثه جميع المؤسسات الإعلامية بأن يبدأوا العمل فى إطار حرية الإعلام الحقيقية و أن تعى أنها مؤسسات للدولة و ليست خاصة بنظام أو أشخاص بعينهم و تحديدا التليفزيون المصرى الذى بدأ يعمل القائمون عليه في تغيير سياسته فى مناقشة جميع القضايا دون وجود ممنوعات و الاستماع لجميع الآراء و التوجهات دون وجود قائمة سوداء من الأشخاص لا يمكنهم الحديث فيه و كل ذلك لن يتحقق إلا بوجود هيئة مستقلة تدير شئون الإعلام المرئى و المسموع و أخرى تدير الإعلام المقروء بالإضافة إلى تمثيل جميع الآراء و التوجهات داخل هذه الهيئات . و أكد أن الإصلاح لا يتم إلا فى وجود معايير مهنة تتعلق بالوصول للمراكز القيادية داخل المؤسسات الإعلامية و أن يكون التعيين بشروط وفق انتخابات الجمعية العمومية .