تنقلت بين الدول الأوربية والقارة الاوربية تمر بمرحلة تحول نحو الوحدة واصبح الأنسان يشعر أنه يعيش فى بلاد واحدة , فالمواطنون والزوار يتنقلون من بلد إلى اخر بلا تاشيرات ويتعاملون بعملة واحدة وقوانين موحدة فى كل مجالات الحياة , والعمل والأقامة الدائمة مسموحة للمواطن الأوربى فى أى بلد أوربى يشاء . والبضائع تمر حرة بدون رسوم جمركية أو تحديد . وأوربا رغم أنها أصبحت دولة واحدة تقريبا لكن الشئ الوحيد الذى يجعلك تشعر إنك تعيش فى لندن أو باريس أو برلين هو اللغة فكل الأوربيين لا زالوا يحتفظون بشدة بلغاتهم حماية لثقافاتهم وهذا ليس جديد فى أوربا فهو موجود فى سويسرا منذ قرون فرغم إتحاد اقاليم سويسر فى دولة واحدة إلا أنه هناك أصرار على أحتفاظ كل الكونتونات بلغاتهم وثقافاتهم الأصلية الألمانية والفرنسية والأيطالية والرومانش . هذا الوضع يجعل الدولة الأوربية الواحدة تختلف عن الولاياتالمتحدةالأمريكية والصين وروسيا واليابان . لكن الشئ الوحيد الذى لفت نظرى أنه رغم حرية التجارة وإستطاعة اى تاجر إستيراد أى منتوج أوربى وبيعه فى بلاده إلا أنه هناك إصرار شعبى على شراء المنتوج الوطنى . فنحن فى العالم العربى نشترى كل منتوج أجنبى موجود فى السوق ولا نشترى المنتوج المحلى إلا مضطرين لعامل السعر أو عدم توفر المنتوج الأجنبى . هذه الظاهرة لفتت نظرى وأنا أتجول فى أسواق السوبرماركت فى المدن الاوربية فكل المواطنين يصرون على شراء المنتوج الوطنى رغم توفركل المنتوجات الأوربية والعالمية فى الاسواق الأوربية رغم أن معظم المنتوجات الأجنبية مصنعة أيضا وطنيا . وقد وقفت متاملا فى هذه الظاهرة وعندها عرفت السبب فى تأخر دول العالم الثالت وتقدم الدول الغربية المتقدمة الأقتصادية . فالصناعة فى العالم الثالت لم تتقدم لان المنتوجات المحلية كثيرا ما يعزف عنها المواطنون إذا توفرت المنتوجات الأجنبية فى السوق لمن يستطيع دفع الثمن ومعنى هذا ان الطبقة القادرة على الأستهلاك فى الدول النامية تدعم الصناعات والمنتوجات الغربية والصينية بدلا من صناعة ومنتوج أوطانها مما يجعل من الصعب على الصناعات والمنتوجات الوطنية ان تنموا , وكثيرا ما تفشل أو تهمل وتؤدى ألى إهمال المحاصيل الزراعية وغلق المصانع الوطنية , وهذا بدوره يساعد على أنتشار البطالة والفقر . كما أن هذه المشكلة ساعدت على عدم توفر الراسمال الأجنبى للأستتمار فى البلاد النامية وهروب رؤوس الأموال الوطنية إلى أوربا وأمريكا والصين واليابان .من هذا نرى أن أسباب تأخر العالم الثالت وضعف الأنتاج ليس عدم توفر رأسمال كما يقال ولكن ضعف أستهلاك الطبقة الفقيرة وعزوف الطبقة القادرة على الأستهلاك عن أستهلاك المنتوجات الزراعية والصناعية الوطنية .ولتحقيق التنمية فى العالم الثالت لا بد من تشجيع الطبقة الفقيرة على الاستهلاك برفع الاجور والمرتبات وتقديم القروض الأستهلاكية بدون فوائد أو فوائد بسيطة وتمويل المنتوجات الزراعية والصناعية البسيطة من المصارف المدعمة حكوميا مع خلق وعى وطنى بينها بأستهلاك المنتوجات الوطنية وتغيير سلوك الطبقة القادرة على الأستهلاك بالتحول إلى شراء المنتوجات المحلية بدلا من الاجنبية المستوردة ولا بد أن يتم ذلك بالأقناع لأن سن القوانين فى هذه المجالات أصبح مستحيلا لانتشار حرية التجارة وفتح الحدود أمام المنتوجات الأجنبية . التنمية فى العالم الثالت يجب أن تبدأ من تحت بتقوية الأستهلاك الوطنى وهذا بدوره يؤدى إلى نمو الأنتاج وتوفير العمالة وزيادة الدخل الذى يصب من جديد فى الأستهلاك وبدوره فى الأنتاج والنمو الأقتصادى . ولن تتحقق من فوق بالحصول على رؤوس الأموال الاجنبية والاستتمار فى بناء العمارات وشراء الخبرات والخدمات الاجنبية وتوفيرعمالة أجنبية مؤقتة تمتص كل القروض والمساعدات الاجنبية المخصصة للتنمية .