بمجرد أن أعلنت حكومة د. نظيف ممثلة فى وزارتى الاتصالات والمالية عن إطلاق خدمة التصديق الإلكترونى وتساؤلات العامة لا تنتهى عن جدوى هذا الإطلاق وما سوف يجنيه البسطاء من مثل هذه الخدمات الإلكترونية، التى تجعل الحكومة منها الأولوية، على الرغم من أن أكثر من نصف المجتمع المصرى يعانى الأمية الهجائية –عفوا للتأكيد أمية القراءة والكتابة- .. فهل حقا يمكن أن يستفيد هؤلاء الأميين ممن انتسبوا إلى مدارس الدولة وحصلوا على مؤهلات متوسطة بدون تعلم القدرة على الكتابة من مثل هذه المشروعات؟ هذه المشروعات غير ذات الجدوى فى هذه المرحلة، والتى يشبهها البعض ممن توصفهم الحكومة بالحاقدين بإنشاء الخديوى إسماعيل فى منتصف القرن قبل الماضى للبرلمان المصري، وكأن الأمر فقط محاولات حكومية لتجميل الوجه المصرى لإخبار الجميع بأن الحال "فل وميت تمام". ففى احتفالية مهيبة شهدها رئيس وزراء مصر د. أحمد نظيف وعدد كبير من وزراء حكومته، أطلقت وزارة الاتصالات بالتعاون مع وزارة المالية مشروع خدمات التصديق الالكترونى فى الحكومة والقطاع الخاص، للإعلان عن بدء عصر جديد لا حاجة فيه إلى ورق مختوم بشعار الجمهورية أو انتظار على أبواب موظفى الدولة للحصول على صك المرور، لأنه بموجب انطلاق هذه الخدمة تم تشغيل سلطة التصديق الالكترونى بهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات، والترخيص لوحدة سلطة التصديق الالكترونى الحكومية بوزارة المالية بتقديم خدمات التصديق على التوقيع الالكترونى على المحررات الرسمية المتبادلة بين الجهات الحكومية، بجانب الترخيص لثلاث شركات أخرى لتقديم خدمة التصديق الالكترونى لمختلف المؤسسات والجهات العامة والخاصة والمواطنين. د. يوسف بطرس غالى وزير مالية الحكومة يرى أن إطلاق هذه يعد حلما تم إدراكه، لأنه لأول مرة سوف تتمكن الحكومة من تحويل نشاطاتها وإعمالها اليومية من إجراءات ورقية إلى نشاطات إلكترونيه عبر شبكات الاتصالات المختلفة، وذلك فى إطار خطط تحسين ورفع جودة الخدمات الجماهيرية، وبما يحقق للعاملين بالحكومة السرعة فى الأداء وتنفيذ أعمالهم لحظيا من أى مكان يتواجدون فيه سواء من مكاتبهم أو خارجها. وقال غالى إنه فى إطار التوسع فى تطبيق خدمات الحكومة الالكترونية وسياسة اللامركزية تعد وزارة المالية حاليا خطة متكاملة لتفعيل خدمات الإرسال والاستقبال للمعلومات والبيانات الحكومية المتبادلة بين وزارات الحكومة ووحدات الجهاز الإدارى للدولة وبين الديوان العام لكل وزارة والهيئات والمصالح التابعة لها فى المحافظات المختلفة باستخدام تكنولوجيا البريد الإلكترونى وذلك بالاستفادة من خدمات سلطة التصديق الإلكترونى الحكومية بوزارة المالية للتأكد من مصدر وصحة تلك البيانات والمعلومات. وأضاف د. غالى أن المشروع الجديد سيسهم خلال الفترة المقبلة فى أحداث طفرة حقيقية فى المعاملات الالكترونية والتى يعد التوقيع الإلكترونى حجر الزاوية لها، سواء المعاملات الحكومية أو التجارية أو الإدارية، مشيرا إلى أن ابرز المستفيدين من التصديق الالكترونى الحكومى المتعاملين مع منظومة الدفع والتحصيل الالكترونى لمستحقات ومدفوعات الخزانة العامة، والتى تشمل دفع المرتبات والمعاشات وتحصيل الرسوم الجمركية والضرائب المختلفة سواء ضرائب المبيعات أو الدخل الكترونيا. فى حين، كشف د. طارق كامل وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عن تقدم ثلاث شركات مصرية للحصول على تراخيص خدمات التصديق الالكترونى وهى المصرية لخدمات الشبكات وتأمين المعلومات ومصر للمقاصة والإيداع والقيد المركزى وايجيبت ترست، لافتا إلى ان إتاحة استخدام التوقيع الإلكترونى على المعاملات بين المواطنين والحكومة وفى مجالات التجارة الالكترونية والتعاملات البنكية وأسواق الأسهم والسندات تدعم مبادرة الحكومة المصرية لتحول إلى عالم لا ورقى، يآمن فيه كل متعامل على أمواله ومصالحه. وأشار وزير تكنولوجيا المعلومات إلى أن التوسع فى استخدام التوقيع الإلكترونى سيرفع كفاءة العمل الإدارى بالمصالح الحكومية المختلفة ويساعد على الارتقاء بمستوى أداء الخدمات الحكومية بما يتفق مع إيقاع العصر، وهو ما سيزيد من القدرة التنافسية التى تتمتع بها مصر فى ظل النظام التجارى العالمى الجديد والذى أصبحت المعاملات الإلكترونية سمة من سماته البارزة . وأكد د. شريف هاشم نائب رئيس هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات أن قانون تنظيم التوقيع الالكترونى ولائحته التنفيذية تضمنت كافة الضوابط الفنية والتقنية، لكى تتحقق حجية الإثبات القانونية للتوقيع الالكترونى والكتابة الالكترونية والمحررات الالكترونية فى نطاق المعاملات المدنية والتجارية والإدارية، ليكون لهم نفس الحجية القانونية فى الإثبات للتوقيع وللكتابة والمحررات الورقية التقليدية المنصوص عليها فى قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية. ولفت إلى أن الضوابط الفنية والتقنية لمنظومة تكوين بيانات إنشاء التوقيع الالكتروني، تستند إلى تقنية شفرة المفتاحين العام والخاص، وأن يتم استخدام بطاقات ذكية غير قابلة للاستنساخ ومحمية بكود سرى لحفظ بيانات إنشاء التوقيع الالكترونى وشهادة التصديق الالكتروني، كما تحدد اللائحة قواعد وإجراءات التقدم للحصول على تراخيص مزاولة نشاط إصدار شهادات التصديق الالكترونى ،والتى حددها القانون فى هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات، والتى تعد سلطة التصديق الالكترونى العليا التى تتولى إصدار التراخيص لمزاولة النشاط والمفاتيح الشفرية الخاصة للجهات المرخص لها، وهى سلطة التصديق الالكترونى الحكومية وأربع شركات خاصة. أما إبراهيم سرحان العضو المنتدب لشركة تكنولوجيا تشغيل المنشآت المالية الحكومية فأكد أن إنشاء سلطة التصديق الالكترونى الحكومية سوف يكون حاسما فى دعم تطبيقات وزارة المالية مثل منظومة الدفع والتحصيل الالكترونى الحكومية، والتى تعد أحد التطبيقات الإستراتيجية لتطوير أداء السياسات المالية للحكومة، ويرجع ذلك إلى قدرة هذه الأنظمة على تحقيق الترابط الالكترونى الموحد المتكامل بين ملايين المواطنين والحكومة فى مجال صرف المرتبات والمعاشات ومستحقات الموردين وتحصيل مستحقات الدولة من دافعى الضرائب والجمارك. وأشار سرحان إلى أن هذه المشاريع سوف يكون لها انعكاسات ايجابية على تطوير أداء الاقتصاد المصري، وزيادة الدخل القومى لمصر ولنشاط الحكومة فى السنوات القادمة، موضحا أهمية استخدام التوقيع الإلكترونى فى المعاملات المالية الإلكترونية مثال الدفع و التحصيل الإلكترونى الحكومي، وذلك لما لهذه العمليات من طبيعة مالية خاصة تتطلب حمايتها و التأكد من إتمامها بشكل سليم.