مشوار الألف ميل    نائب محافظ قنا يتفقد قوافل "بداية جديدة لبناء الإنسان" بقرية حاجر خزام    بلقاء ممثلي الكنائس الأرثوذكسية في العالم.. البابا تواضروس راعي الوحدة والاتحاد بين الكنائس    تقدير دولى لمنتدى شباب العالم ..المشاركة فى «قمة نيويورك».. ومصر تستعد لحدث أممى كبير    بيكو للأجهزة المنزلية تفتتح المجمع الصناعي الأول في مصر باستثمارات 110 ملايين دولار    الرئيس و «أولادنا»    مكلمة مجلس الأمن !    هاريس تعلن قبول دعوة "سي إن إن" للمناظرة الثانية في 23 أكتوبر المقبل    عبدالرحيم علي ينعى الشاعر أشرف أمين    اعتزال أحمد فتحي| رحلة 23 عامًا زينتها الإنجازات وخطوة غيّرت حياته    استدعاء الفنان محمد رمضان ونجله للتحقيق بتهمة التعدي على طفل    السجن 6 أشهر لعامل هتك عرض طالبة في الوايلي    أمطار ورياح أول أيام الخريف.. الأرصاد تُعلن حالة الطقس غدًا الأحد 22 سبتمبر 2024    بدء حفل إعلان جوائز مهرجان مسرح الهواة في دورته ال 20    سبب وفاة نجل المطرب إسماعيل الليثي (تفاصيل)    لواء إسرائيلي: استبدال نتنياهو وجالانت وهاليفي ينقذ تل أبيب من مأزق غزة    استشاري تغذية: نقص فيتامين "د" يُؤدي إلى ضعف المناعة    انطلاق ثانى مراحل حملة مشوار الألف الذهبية للصحة الإنجابية بالبحيرة غدا    تنظيم فعاليات مبادرة "بداية جديدة لبناء الإنسان" بمدارس بني سويف    لافروف: الديمقراطية على الطريقة الأمريكية هي اختراع خاص بالأمريكيين    السيطرة على حريق بمزارع النخيل في الوادي الجديد    مصرع طفل غرقا بترعة ونقله لمشرحة مستشفى دكرنس فى الدقهلية    توتنهام يتخطى برينتفورد بثلاثية.. وأستون فيلا يعبر وولفرهامبتون بالبريميرليج    إيطاليا تعلن حالة الطوارئ في منطقتين بسبب الفيضانات    رئيس هيئة السكة الحديد يتفقد سير العمل بالمجمع التكنولوجي للتعليم والتدريب    حشرة قلبت حياتي.. تامر شلتوت يكشف سر وعكته الصحية| خاص    فتح باب التقديم بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم والابتهال الدينى    مرموش يقود هجوم فرانكفورت لمواجهة مونشنجلادباخ بالدوري الألماني    وكيل صحة شمال سيناء يتفقد مستشفى الشيخ زويد المركزى ووحدات الرعاية    أستاذ علم نفسم ل"صوت الأمة": المهمشين هم الأخطر في التأثر ب "الإلحاد" ويتأثرون بمواقع التواصل الاجتماعي.. ويوضح: معظمهم مضطربين نفسيا ولديهم ضلالات دينية    وزيرة التنمية المحلية تعلن انتهاء استعدادات المحافظات لاستقبال العام الدراسي 2024-2025    بالصور.. إصلاح كسر ماسورة مياه بكورنيش النيل أمام أبراج نايل سيتي    بلد الوليد يتعادل مع سوسيداد في الدوري الإسباني    أخبار الأهلي: تأجيل أول مباراة ل الأهلي في دوري الموسم الجديد بسبب قرار فيفا    مبادرات منتدى شباب العالم.. دعم شامل لتمكين الشباب وريادة الأعمال    رابط الحصول على نتيجة تنسيق الثانوية الأزهرية 2024 بالدرجات فور إعلانها عبر الموقع الرسمي    قصور الثقافة تختتم أسبوع «أهل مصر» لأطفال المحافظات الحدودية في مطروح    اليوم العالمي للسلام.. 4 أبراج فلكية تدعو للهدوء والسعادة منها الميزان والسرطان    بطاقة 900 مليون قرص سنويًا.. رئيس الوزراء يتفقد مصنع "أسترازينيكا مصر"    بداية جديدة لبناء الإنسان.. فحص 475 من كبار السن وذوي الهمم بمنازلهم في الشرقية    حزب الله يعلن استهداف القاعدة الأساسية للدفاع الجوي الصاروخي التابع لقيادة المنطقة الشمالية في إسرائيل بصواريخ الكاتيوشا    هانسي فليك يفتح النار على الاتحاد الأوروبي    المشاط تبحث مع «الأمم المتحدة الإنمائي» خطة تطوير «شركات الدولة» وتحديد الفجوات التنموية    ضبط شركة إنتاج فني بدون ترخيص بالجيزة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024 في محافظة البحيرة    مبادرة بداية جديدة.. مكتبة مصر العامة بدمياط تطلق "اتعلم اتنور" لمحو الأمية    توجيهات عاجلة من مدبولي ورسائل طمأنة من الصحة.. ما قصة حالات التسمم في أسوان؟    واتكينز ينهي مخاوف إيمري أمام ولفرهامبتون    في يوم السلام العالمي| رسالة مهمة من مصر بشأن قطاع غزة    باندا ونينجا وبالونات.. توزيع حلوى وهدايا على التلاميذ بكفر الشيخ- صور    هل الشاي يقي من الإصابة بألزهايمر؟.. دراسة توضح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز قبل الجولة الخامسة    فيديو|بعد خسارة نهائي القرن.. هل يثأر الزمالك من الأهلي بالسوبر الأفريقي؟    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    ضحايا جدد.. النيابة تستمع لأقوال سيدتين يتهمن "التيجاني" بالتحرش بهن في "الزاوية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمة العربية حقيقة أم خدعة؟!
نشر في مصر الجديدة يوم 09 - 10 - 2010

بعد انتهاء العهد العثماني واجتياح الدول الاستعمارية- بريطانيا وفرنسا وإيطاليا- للعديد من ولايات الرجل المريض، تم تقسيم إرثها من قبل هذه القوى الاستعمارية إلى ولايات تشبه إلى حد ما تقسيم الولايات العثمانية، وأطلقت عليها مسمياتها الجغرافية، وأخذت الدول الغازية في تنصيب الحكام عليها في شكل ملوك أو أمراء اختيروا من أسر لها تاريخ اجتماعي أو سياسي أو ديني في هذه الدويلات، أما بعض الدول الأخرى فمنها من حاولت شعوبها المقاومة لمناهضة الاستعمار الاستيطاني، ولو استثنينا فلسطين نظرا إلى وضعها الخاص المختلف من حيث المستهدف والشكل الاستعماري- فإن آخر الدول التي طال كفاحها من أجل الاستقلال هي الجزائر التي استطاعت أن تنتزع استقلالها بصعوبة بالغة كان ثمنه مليون شهيد كافحوا باقتدار واستشهدوا أمام المغتصب الفرنسي للتراب الجزائري.
إن الباحث في الوثائق التاريخية إبان الحقبة الاستعمارية يتجلى له حقيقة في غاية الخطورة، وهي أن فكرة تكوين تجمع لهذه الدويلات العربية ظهرت في كواليس الخارجية البريطانية منذ بداية الأربعينات، وكان الغرض من هذا الشكل التجمعي إنشاء اتحاد يشبه اتحاد المستعمرات البريطانية في آسيا وأفريقيا، وبالتالي يسهل تنظيم استمرارية استعمارها اقتصاديًّا وسياسيًّا وعسكريًا بوجود قواعد عسكرية فيها، ومن هنا تبلورت فكرة إنشاء الجامعة العربية كفكرة بريطانية كُتب عنها الكثير من التقارير في ملفات المخابرات البريطانية ووزارة الخارجية في لندن.
ولا أريد أن أخوض في سرد تاريخي لإجراءات تكوين الجامعة العربية، فيمكن للقارئ أن يطلع عليه من خلال موقعها حيث الاجتماعات التمهيدية في لبنان والقاهرة وأسماء من شارك فيها، وكذلك سيجد في أرشيف الخارجية البريطانية الالكتروني الكثير والكثير من التقارير التي أشرت إليها.
وبعد تكوين الجامعة ومع بداية ظهور الثورات العربية في الخمسينات ظهرت بقوة حركة القومية العربية أو النزعة العربية والأمة العربية، ولقد جذبت تلك الفكرة أنظارنا وألهبت مشاعرنا وأحاسيسنا، وانخرطنا جميعًا في هذا الفكر العربي القومي التقدمي الذي يستهدف الوحدة العربية وتحقيق العدل والمساواة والديمقراطية ومواجهة الفساد والاستبداد، وكذلك الحد من كل أشكال العلاقات الظالمة داخل مجتمعاتنا العربية ومحاربة التيارات المعادية للاتجاه القومي العربي، واستطاع هذا التيار ببريقه الخلاب أن ينسينا الكثير من الأمور التي لم ننتبه لها والتي كان أهمها "أننا مسلمون"، وأنه "لا فرق بين عربي وعجمي إلا بالتقوى"، حيث زرعت فينا النزعة القومية بشكل تعبوي فعال، خاصة بعد أن استطاع العديد من الخبراء في مجال الفكر والإعلام أن يلمعوا لنا الشكل والمضمون، ولازال هذا التوجه موجود حتى الآن، حيث كنت أعتبر نفسي شخصيًّا من القوميين العرب.
ومع مرور الأحداث حصل صراع بين الفكر القومي العربي من جهة وبين فكر من أطلقوا على أنفسهم "الإخوان المسلمين" خاصة في مصر، وكذلك ظهرت بقوة الحركة الوهابية في السعودية كحركة تنتقد التوجه الفكري القومي العربي وتصفه بالفكر الماركسي الشيوعي؛ لأنه رفع شعار الاشتراكية، ومن هذا المنطلق بدأ صراع أيديولوجي أنسانَا حقيقة- اعترف بها اليوم بعد أن نضجنا فكريًّا واتضحت لنا الأمور- أننا مسلمون، وأن الإسلام هو الذي يوحدنا بحق، فنحن نبدأ صلاتنا بالتكبير "الله اكبر" في أي مكان من العالم، ونصلي في مواعيد واحدة حددت لنا مواقيت الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء، ونمسك عن الطعام في الفجر في رمضان بمجرد سماعنا أذان الفجر وتكبيرة "الله أكبر"، ونفطر بمجرد سماعنا لنفس التكبيرة عند المغرب، ووفقا للسنة نبدأ إفطارنا بالرطب أو التمر والماء، كما أننا في الحج وحدنا الإسلام في الوقوف بعرفة وطواف البيت والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمرات، كما وحدنا شكلاً في لباس الإحرام، كما حدد لنا الإسلام التكافل بين بعضنا البعض في شكل نظام الزكاة وعرفنا أنها حق الفقراء في أموال الله التي منحها للأغنياء، وكذلك الصدقات وزكاة الفطر في العيد الأضحى بذبح الأضحية وتوزيع جزء منها على الفقراء.
وكما وحدنا الإسلام في عباداتنا وحدنا في سلوكياتنا من خلال القرآن والسنة النبوية التي وحدتنا في كافة مناحي حياتنا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية إلى أن أوصلنا إلى أن "المسلم لا يؤمن حتى يحب لأخيه المسلم ما يحبه لنفسه"، و"أن المسلمين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر".
هذه هي روعة التوحيد: رب واحد لا إله إلا هو، ورسولنا ومعلمنا وقائدنا واحد، وكتابنا كمنهج وأسلوب حياة ودين عبادة وسلوك هو القرآن الكريم، مضافًا إليه تطبيقاته العملية وشروحاته النظرية في السنة النبوية المشرفة.
ولعل كل ما سبق دعاني إلى تساؤل بريء، ألا وهو: هل التوجه القومي العربي مخطط له منذ ذلك الوقت لضرب التوحيد الإسلامي؟ وهل من علمونا القومية العربية كانوا يعلمون بذلك حقيقة أم أنهم متورطون بدون علم أو دراية؟
بل التساؤل المحير حقا: هل الحركات الإسلامية التي ظهرت وحملت لواء الضدية والمعارضة للتوجه القومي العربي كانت مخطئة في اتجاهها الانفعالي العدواني؟ وكيف نقيمها بعد هذه الحقبة التاريخية المريرة؟ وأيضًا هل إنشاء رابطة المؤتمر الإسلامي في ذلك الوقت جاءت باعتبارها قوة معاكسة لتوجهات الوحدة العربية والقومية العربية سواء الناصرية منها أو البعثية؟
وهل كل هذه الحركات رغم اختلا ف مسمياتها ومبادئها وأهدافها البراقة التي تبهر الأنظار والعقول كانت واقعيًّا لخدمة زعماء معينين في استمرارية وجودهم بالسلطة ولم تكن توجهات حقيقية تستهدف الرقي ورفاهية الإنسان العربي أو المسلم؟
حقيقة يدور الآن في ذهني أسئلة كثيرة بعد أن انكشفت كثير من الحقائق من خلال اطلاعي على العديد من الوثائق التاريخية التي للأسف أثبتت لي بالدليل القاطع أن معظم الحركات التحررية القومية منها أو الإسلامية تختار أهدافا براقة وأيديولوجيات ساحرة مخدرة للشعوب من أجل أن تحكمها وتستمر في حكمها عكس ما يتناوله القرآن وفقه السنة من أن الأيام دول {وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاس} [آل عمران:140].
إذن علينا أن نحاول أن نعمل في اتجاه جديد يتحمل مسئوليته كل إنسان مؤمن بالإسلام قرآنًا وسنةً ويسعى لوجه الله تعالى لنهضة أمة الإسلام دون أي مطامع سلطوية، بل يكون السعي نحو تحريض دائم ومستمر للناس من أجل أن يكونوا في سلوكهم الاجتماعي والسياسي إسلاميين دون أن يكون لهم حزب إخوان أو نهضة أو عدالة إسلامية، بل نكون كلنا إسلاميين كلنا مؤمنين، وإذا كان لهذه النخبة التي تدعو لذلك أن يكون لها تنظيم فلا يكون تنظيمًا سياسيًّا يستهدف الوصول إلى السلطة بل تنطلق من المساجد والإنترنت لإيجاد النزعة السلوكية الإسلامية التي لا تخاف أحدًا ولا تخشى في الحق لومة لائم، وتكون صادقة في تعاملها مع بعضها البعض، بل يكون عملها الوحيد هو تطوير المجتمع من خلال تقويم السلوكيات التي تقف أمام الجور والظلم وتثور من أجل إحقاق الحق وصون كرامة الإنسان وتنتفض إذا تم التحرش بامرأة مسلمة وكأنها أخته أو ابنته، وتعلم المسلم كيف يسعى إلى رفع الظلم على أخيه المسلم وكأن الظلم وقع عليه هو.
من أجل ذلك فإنني أتوجه بدعوة إلى كل فرد مسلم- عاديًّا كان أو مثقفًا، بل على كل مؤسسة اجتماعية أن تبدأ بتنمية التوجه التوحيدي الإسلامي الوسطي غير المتطرف الذي يتناول الإسلام سلوكًا وعبادةً وأسلوبًا ومنهجًا للحياة بمختلف تفرعاتها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية، ونبتعد بحزم وصرامة عن كل ما نهانا عنه قرآننا الكريم ونبينا المعلم الأكبر والقائد الأعظم.
علينا أن نحاول جادّين توسيع قاعدة العلاقات بين الشعوب وألاّ يكون مقياسنا عرقيًّا عربيًّا بل إسلاميًّا، هذا التوجه هو الذي يجعل الأعداء يهابوننا ويحترموننا في نفس الوقت ولا يستهترون باجتماعاتنا وقممنا العربية الهابطة.
إن المحاولة التي تقوم بها الجامعة العربية من خلال إنشاء رابطة الجوار العربي بإدخال تركيا وإيران وبعض الدول الإسلامية مع الدول العربية لمحاولة خجولة، جاءت بعد شعور الأمانة العامة للجامعة بأن قوتها بالإسلام وليست بالعروبة، وإذا كان الأمر كذلك فلنكن واضحين ونقوي رابطة المؤتمر الإسلامي، ولنجعل منها منظمة قوية فاعلة بقوتنا، أما تنظيماتنا العربية فنصيحتي- عن تجربة شخصية- فلنحولها إلى مؤسسات اجتماعيه أو مراكز للدراسات والبحوث من أجل خدمة المنطقة من الناحية الإقليمية الجغرافية، أما التحولات وبرامج التوحيد والتكامل الاقتصادي والسياسي والتنسيق العسكري فيجب أن نجعلها إسلامية مائة في المائة، ولنستيقظ من غفلتنا وكفانا ما مر بنا من نكبات وتجارب تؤكد صدق ما توصلت إليه بعد تجارب طويلة أيضًا.
أعلم أن كلامي هذا لن يعجب البعض، ولكني أنصحهم بالاطلاع على الوثائق التي أشرت إليها وأيضا قراءة التاريخ بتمعن وروية، ساعتها سيكتشفون أن أمة الإسلام ستكون أقوى من أمة العرب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.