قاطع الآلاف من مشجعي بروسيا دورتموند مباراة فوز ناديهم 3-1 خارج أرضه أمام شالكه يوم الأحد الماضي بسبب ارتفاع أسعار تذاكر المباريات هذا الموسم، فهل يمكن لمشجعي الأندية الانكليزية التعلم من نظرائهم في المانيا بعدما ارتفعت أسعار تذاكر الدوري الممتاز بشكل لا يصدق؟ هذا هو السؤال الذي تم طرحه قبيل إقامة مباراتين تاريخيتين الأحد الماضي في المعاقل الصناعية في كل من انكلترا والمانيا اللتان ارتكزتا على كيفية تمكن عدد قليل من أنصار الدوري الممتاز الانكليزي للتأثير على تغيير في مجالس إدارة الأندية، بعدما قام الآلاف من جماهير ليفربول برحلة لمشاهدة فريقه يواجه خسارة 3-2 أمام مانشستر يونايتد في أولد ترافود، مع أغلبية من مشجعي الناديين غير راضين عن الطريقة التي تدار أنديتهما من قبل أصحابها الأميركيين. في المانيا، الآلاف من مشجعي بروسيا دورتموند غير سعداء على نحو مماثل، ولكن مع فارق كبير، حيث أنهم لم يرحلوا لمشاهدة مواجهة فريقهم ضد شالكه في بوندسليغا، إذ نظمت المقاطعة احتجاجاً على ارتفاع أسعار التذاكر. وأعاد حوالي 1500 من مشجعي دورتموند تذاكرهم بالفعل، وقرر معظمهم عدم السفر على رغم أنهم سوف لن يستردوا أموالهم. وشاركت أكثر من 300 مجموعة من الفئات المختلفة مؤيدة لدورتموند في كل أنحاء المانيا بهذه المقاطعة التي هدفت إلى تسليط الضوء على القلق من دفع أكثر من 22 يورو (19 جنيهاً استرلينياً) للحصول على التذكرة، علماً أن ثمن تذكرة شالكه كانت 13.5 يورو للمباراة ذاتها في الموسم الماضي، بينما دفع مشجعو ليفربول 51 جنيهاً لتذكرة مباراة مانشستر يونايتد، ولكن احتجاج أنصار دورتموند لا يهدف شالكه، وإنما هو ضد ارتفاع أسعار التذاكر عموماً، لأنها تخطت للمرة الأولى حاجز ال20 يورو. وأصر ستيفان يورسفيلد، من قياديي أنصار الكرة الألمانية الذي يدفع 184 يورو (152 جنيهاً) لمشاهدة 17 من المباريات الرئيسية لدورتموند في الدوري الألماني فضلاً عن مباراة واحد له في أوروبا، على أن أنصار كرة القدم هي قوة عظمى أكثر مما تتصوره، لأنه يعتقد بأن الجماهير هي جزء من اللعبة ومن المشروع التجاري. وسبق أن حدث في الماضي أن قاطع بعض المشجعين الانكليز الأندية التي كانوا يشجعونها، ولاسيما من الأنصار التي شكلت "اف سي يونايتد" و"ايه اف سي ويمبلدون". فالأول تم انشاؤه في 2005 احتجاجاً على طريقة ابتعاد مانشستر يونايتد عن أنصاره المحليين التي بلغت ذروتها بعد الاستيلاء عائلة مالكوم غليزر الأميركية عليه. أما الثاني فقد تأسس في 2002 للحفاظ على التاريخ المحلي لويمبلدون، بعدما اتخذ قرار انتقاله من مكانه الأصلي غرب لندن إلى مقاطعة ميلتون كينز في شمال غربي لندن مع تسميته الجديدة "ميلتون كينز دونز". واختيار الأنصار إلى تأسيس أندية بديلة بدلاً من التسكع – في حال اف سي يونايتد – يدعو أصحاب الأندية، مثل عائلة غليزر، إلى البدء بالاستماع لمخاوفهم. وفي حين انتقال بعض المشجعين لتأسيس "اف سي يونايتد"، فإن رابطة أنصار الشياطين الحمر تخوض حملة قوية لإجبار عائلة غليزر للرحيل من النادي الذي فشل هذا الصيف من بيع الآلاف من التذاكر الموسمية، إذ تم بيع 51800 تذكرة بالمقارنة مع 54 ألفاً المستهدفة، ولكن أحد النقاد الذي كتب كثيراً عن الشؤون المالية للنادي، ادعى أن مقاطعة مباريات أولد ترافورد ستكون رمزية أكثر منها عملية. وأكد أن الرئيس التنفيذي ديفيد جيل والمسؤولين الآخرين سيكونون قلقين أكثر إذا أظهرت شاشات التلفزيون المقاعد الفارغة. وبالعودة إلى أنفيلد، انفجر جيمس ماكينا - مشجع ليفربول وعضو في "روح شانكلي"، إحدى المجموعات لأنصار ليفربول – ضاحكاً عندما سمع باقتراح شالكه لتسعيرة تذكرة مشجعي دورتموند حتى بعد زيادة الأسعار عن الموسم الماضي، حيث أن سعر التذكرة الموسمية على الانترنت في ليفربول ارتفع إلى 680 جنيها استرلينياً مع المنصة الرئيسية ب732 جنيهاً، أي بزيادة نسبها 7 في المئة عن الموسم الماضي. ولكن لم تكن مباراة الأحد هي الأولى من نوعها هذا الموسم الذي أعرب المشجعين الألمان عن استيائهم من تكاليف مدرب شالكه فيليكس ماغاث، فقبل وصوله كان المشجعين والمسؤولين في النادي يجرون مناقشات مستفيضة حول اقتراح الزيادات في أسعار التذاكر، إلا أن المدرب اتبع نمطاً مختلفاً بإقالة رولف رويك موظف الاتصال مع الأنصار الذي كان يشغل منصبه لأكثر من 20 عاماً، ورافضاً احتجاج الجماهير، مدعياً أنها "مجموعة صغيرة" من المؤيدين. ودفع ذلك ارتداء ثلاثة آلاف من مشجعي شالكه قمصاناً كتب عليها "المجموعة الصغيرة" في أولى مبارياته هذا الموسم في هامبورغ. وأجبر هؤلاء على تراجع ماغاث عن أسلوبه الإداري وقضى بعض الوقت بالحديث معهم قبل أن يختمها بتوقيع كلاوس يان هونتيلار من ميلان. لكن الاحتجاجات في المانيا لا تقتصرعلى دورتموند وشاكله، حيث يخطط مؤيدين لثلاثين نادياً تحت مظلة ثلاث منظمات وطنية لتنظيم تظاهرة في برلين في 9 تشرين الأول المقبل تحت شعار "الحفاظ على ثقافة المشجعين". أما لأنصار أولد ترافورد وأنفيلد غير الراضين عن طريقة إدارة عائلة غليزر وهيكس وجيليت لناديهما، فإن محاولاتهم أن يكون لهم رأياً في مجلس الإدارة كان صاخباً ونابضاً بالحيوية وقد حصل على الكثير من الأعمدة الصحافية، إلا إنه لم يكن مجدياً إلى حد كبير. ويرجع ذلك أساساً إلى عدم وجود حواراً عملياً بين مجلس الإدارة والجماهير. ويذهب سايمون شادويك، استاذ الرياضة واستراتيجية الأعمال والتسويق في جامعة كوفنتري، بعيداً عندما يشير إلى وجود صلة بين رغبة المشجعين الألمان للعمل الجماعي وبين نجاح المانيا في بلوغ الدور نصف النهائي في كأس العالم 2010، عندما أكد "لدى الألمان شعوراً حاداً نحو الديموقراطية وحقوق الإنسان في التعبير عن آرائهم علناً".
ومن المثير للاهتمام أيضاً أنه على رغم من الانفتاح الألماني، إلا أن مجتمعه يعمل على أساس توافق الآراء بدلاً من العمل من جانب واحد. وعلى هامش ذلك، لا يعتقد شادويك بأن لدى الشعب البريطاني فكرة العمل الجماعي مثل ما يقوم به الألمان. أما ديفيد بويل، المدير التنفيذي للأنصار المباشرين في أنفيلد، فيشير إلى أن الأمر ليس مجرد أن الأندية هي المذنبة لعدم العمل معاً، بل إن اتحاد كرة القدم الانكليزي غير مبالٍ للاستماع إلى مخاوف أنصار الأندية. وقال إن هناك عشرة ملايين من المشجعين في انكلترا ومئة مجلس للكرة ولكن هناك اتحاداً واحداً الذي يستعرض مخاوف المشجعين على رغم توصية اللورد بيرنز التي أكدت أنه ينبغي أن يكون هناك 3 اتحادات. واختتم بويل حديثه لهيئة الإذاعة البريطانية بالقول: "إن اتحاد الكرة هو ممتلكات عامة، ومع ذلك لا يسمح أن يكون للمشجعين صوتاً. لديّ القدرة للتأثير على مجلس اللوردات البريطاني أكثر من اتحاد كرة القدم الانكليزي"!