في الوقت الذي يرى الكثير أن الحكم الصادر من القضاء المصري بحبس رئيس مجلس إدارة شركة طنطا للكتان ( المستثمر السعودي ) بمثابة انتصار للحركة العمالية وتتويج للوقفات الاحتجاجية والإضرابات والاعتصام يرى البعض الأخر أن صدور أحكام بالحبس على مستثمرين وأصحاب شركات لصالح العمال هو بمثابة نذير شوم على مصر فان المقربين من رجال الإعمال وقر في ذهنهم أن ذلك الحكم هو تأشيرة خروج لهم من السوق وإنهاء استثماراتهم بمصر والرحيل بها إلى الخارج ففي الوقت الذي أبدت فيه كل جمعيات رجال الإعمال خلال الشهر الماضي اعتراضاتها على ما حمله قانون التأمينات الجديد في مصر من مواد تتضمن الحبس لأصحاب الإعمال إذا لم يؤمن على احد العمال أو تم التامين على العامل بأقل من الأجر الحقيقي – وقد جاء رفضهم لأنهم ليسوا كرؤساء مجالس إدارات هم القائمين على التامين على العمال أو أعداد الأجور أو التعامل مع هيئة التأمينات مباشرتا وانه إذا حدث خطاء من احد الموظفين المعنيين بتطبيق هذا النظام يحكم عليهم بالحبس والكثير منهم دائمي السفر بحكم طبيعة عملهم . ثم بالأمس القريب يصدر قانون في مصر أيضا دون عرضه على جمعيات رجال الإعمال يعطى العمال امتياز على أموال صاحب العمل مما تضيع معه هيبة رب العمل ويجعله مهددا أما بالرضوخ لطلبات العمال أيا كانت قانونية أو غير ذلك و إلا يحجز على أمواله لصالح العمال . وبالأمس جاءت الطامة الكبرى ففي حادثة هي الأولى من نوعها تدخل القضايا العمالية إلى ساحة المحاكم الجنائية ليصدر حكم يقضى بالحبس سنتان مع النفاذ على مستثمر عن جريمة مطاطة يصعب ثبوتها بل الأكثر من ذلك أن شمل الحكم العضو المنتدب ومدير عام الشركة . فإذا كان المستثمر سعودي الجنسية وحدث معه ما حدث فما بال المستثمر المصري وإذا كان الحكم شمل العضو المنتدب والمدير المصرين فأين سوف يجد رجال الإعمال والمستثمرين رجال يعتمد عليهم في إدارة استثماراتهم إذا علم هؤلاء المديرين أنهم معرضون للحبس في اى وقت خاصة وهم المتعاملون مع العمال المصرين بطريق مباشر . فان تداعيات هذا الحكم والذي تعمدت أجهزة الإعلام الالتفات عنها هو أن غالبية المستثمرين المصريين يعيدون حساباتهم مرة أخرى على ضوء هذا الحكم ومنهم من أعلن في اجتماع خاص انه سوف يخرج من السوق قبل نهاية العام الحالي والبعض الأخر بداء يفكر في إعادة تشكيل مجالس إدارة شركاته ليبعد نفسه عن موقع المسئولية . والأدهى والآمر من ذلك أن وقع الحكم الذي صدر على المستثمر السعودي كان له أصداء واسعة في كافة الدول العربية ولقد تناولت الصحف العربية الخبر بالكثير من التلميح لمواطنيها يحمل لهم رسالة بصرف النظر عن اى استثمار بمصر . وعلى جانب أخر يرى البعض أن ما حدثت خلال اجتماعات منظمة العمل الدولية ودخول مصر ضمن أسوء 25 دولة غير ملتزمة بمواثيق العمل وانسحاب الوزيرة من الاجتماع كان له اكبر الأثر في صدور قانون يحمى حقوق العمال على اشلاء المستثمرين للرد على الانتقادات التي وجهت لمصر نتيجة انسحابها من المؤتمر . والسؤال الذى يطرح نفسه على ساحة الاستثمار الآن. هل مستقبل الاستثمار هو الضحية ؟هل المستثمرين المصريين هم الضحية ؟ هل المستثمرين العرب هم الضحية ؟ وهل الكعكي رئيس طنطا للكتان هو الضحية ؟ أن الإجابة على تلك الأسئلة هي التي سوف تحدد خطة الاستثمار في مصر للمرحلة المقبلة . [email protected]