بِحُبٍ شَخصى لك لا تشوبه مصلحة.. وبأدب الخطاب مع رئيس الدولة.. وباحترام وتقدير للدور والتاريخ.. لا أجد نفسى متردداً فى توجيه «عتاب سياسى» لسيادتكم.. أنت رئيس مصر، وأنا مواطن من مصر.. وكلانا - قطعاً - يحبها، وإن علا دورك وإنجازك إلى أفق لا أطمح فى الوصول إليه.. ولكن دعنى - برحابة صدرك المعتادة - أُخرج ما فى قلبى، وأُعبر عن رأى يؤمن به آخرون لا أعرف عددهم أو حجمهم..! سيادة الرئيس.. حدث بداخلى أمس، شىء ما لا أعرفه بالضبط.. مزيج من الحيرة والحزن.. شىء من الارتباك وقدر من المرارة.. لم أفهم القرار بمد حالة الطوارئ عامين كاملين حتى 2012.. فإن بدا الأمر طبيعياً فى تقدير البعض، لم يعبر حدود دماغى، ولم ينفذ إلى عقلى.. والسبب أننى اعتدت منذ كنت فى عمر السابعة عشرة أن أصّدق وعدك وعهدك، فما بالنا بما حدث فى «حالة الطوارئ»، وهى التى خرجت من حدود الوعد والعهد إلى قلب الالتزام! فى صباح يوم 7 سبتمبر 2005 ذهب المصريون إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيسهم فى أول انتخابات رئاسية بالاقتراع المباشر، يومها حصلتم على أغلبية ساحقة من الأصوات «88.571٪»، وكان ذلك طبيعياً ومتوقعاً، هؤلاء جميعاً انتخبوا المواطن محمد حسنى مبارك، استناداً إلى برنامجه الانتخابى المفصّل، طبقاً للمعمول به فى كل دول العالم.. المرشح يتقدم للناخبين ببرنامج يخطب أصواتهم، والناخبون يمنحونه الثقة وفقاً لالتزاماته فى هذا البرنامج.. وقطعاً تذكرون سيادتكم أن برنامجكم الانتخابى فى 2005 تضمن التالى نصاً: «ضمان تبنى قانون جديد لمكافحة الإرهاب وتحديث تشريعى يعزز حقوق المواطن.. يتيح البرنامج آفاقاً جديدة لضمان حق المواطن فى المشاركة، دون خوف أو توجس، من خلال تطوير منظومة التشريعات التى تعزز حقوق المواطن، وتؤكد سيادة القانون واستقلال القضاء، وترسى مبدأ المواطنة كأساس للمساواة التامة بين جميع المصريين، فى الحقوق والواجبات.. وفى هذا الإطار يستهدف البرنامج وضع قانون جديد للإرهاب كبديل عن مكافحة هذا التهديد بالعمل بقانون الطوارئ». هكذا.. جاء الالتزام واضحاً فى برنامجكم الانتخابى.. فلماذا تم التمديد لحالة الطوارئ 3 مرات خلال الفترة الرئاسية (2006 - 2008 - 2010)، وهل يعرف الذين تقدموا أمس للبرلمان بمشروع قانون التمديد أن الفترة الرئاسية الحالية سوف تنتهى فى 2011 دون إلغاء حالة الطوارئ أو إقرار قانون الإرهاب؟!.. أخشى يا سيادة الرئيس أن تكون الحكومة والحزب الوطنى نسيا الالتزامات الواردة فى البرنامج الانتخابى، وأخشى أيضاً من وجود تعارض فى المصالح وصراعات بين أجنحة فى الدوائر المحيطة بنظام الحكم.. فلا أحد - قطعاً - من حقه الالتفاف على التزامات رئيس الدولة، وليس منطقياً أن تظل مصر فى حالة طوارئ استثنائية 31 عاماً كاملة.. ولا أريد أن أصدق أن فى السلطة من هو أقوى من البرنامج الانتخابى الذى التف حوله الناخبون..! سيادة الرئيس.. هذه الكلمات ليست مزايدة.. إنما هى إحساس صادق خرج دون حسابات.. فالصدق أقصر طريق إلى عقل وقلب من أراد الإصلاح فى الأرض..!