مُحسن العُبيدي الصفار حدثنا أبُو يُوسُف الصفار, انّه كان يجلس مع ابنه في المطار, وبسبب البراكين طال بهم الانتظار ,ضاق الولد ذرعا كمثل باقي الصغار, وأصابه من كثر الجُلُوس الدُوار, أمسك بيده جريدة, بدا عليها أنها جديدة, كان على صفحاتها عُنوان, ان تشكيل حُكُومة العراق سيطُول به الزمان, فسأل الولد أباه عن الخبر وما يعنيه , قال الولد بعفوية: احترت يا أبي في هذه القضية, فانتخابات العراق انتهت مُنذ شهر, وقضى عليها الدهر, ومازال العراق بلا حُكُومّة ,مقبُولة من الشعب ومهضومة, ومازال رئيس الوُزراء الحالي, مُتمسكا بالسُّلطة دُون أن يُبالي , بأن الشعب يقضي دُون كهرباء الليالي, ويتربص به التكفيريين والملالي . ضحك ابُو يُوسُف بمرارة , وقال بصوت تنقُصُه الحرارة, يا حبيبي يا ولدي, يافلذّة كبدي، سأرُوي لك من التُّراث قصة, بليغة هي وان كانت بها غُصة , كان هُناك في يوم من الايّام , سُلطان يحكُم الناس كالانعام,يأكُلُون القليل وكأنهُم, صيام وبُيُوتهُم خربة كأنها الخيام , فتراهُم من الهم يمشُون وكانهُم نيام, وكانت لهذا السُّلطان رهبة غريبة, من كُل من حوله وشُكوك مريبة, فكان لايأمن لاحد من اتباعه, او حتى اقرب اقربائه, وكان لايُترك احد في منصبه طويلا, كي لايستُقوي ويغدُو ثقيلا, وكانت له بدعة غريبة, في كُل البلاد هي عجيبة, فقرر أن يُعين رئيسا للوُزراء, من الافاضل والنُّبلاء, لمُدة عام واحد, لاينقُص يوم ولا زائد, حتى اذا انتهت السُّنة, صعد به على اعلى مأذنة , وقطع الجلاد له الذراع, ورماها من الاعلى بلا وداع , ثُم يحملُه الى بيته الخدم, وهُو يتلوى من شدة الالم, ومن يجد الذراع من العوام, يُصبح رئيسا للوُزراء لمُدة عام , وكانت كُل من تُقطع يدُه, يعُود لحياته من غده, وينتظر من سيكُون رئيسا من بعده, حتى جاء في احد الايّام, صُعلُوك من بين العوام, عُثر على الذراع بين الاقدام , وصار رئيسا لمُدة عام, واشبع بطنه من كُل طيب وسمين, وجمع ثروة بالملايين . مضت الأيام على السريع, وانتهى العام البديع, واتى الحُراس على صاحبنا الوضيع, واقتادُوه الى يُؤخذ الجميع, فوق المأذنة المشئومة, كي ترى ذراعه ساعتها المحتُومة, قطع الجلاد الذراع, وألقى بها إلى القاع, فإذا بالرجُل ينهض على قدميه, ويُطلق العنان لساقيه, والدم ينزف من يديه، ويصرُخ بكُل من حواليه, ابعُدُوا عن هذه الذراع الثمينة، فهي لي كالبطّة السمينة , سأعثُر عليها أولا, وأرجع رئيسا عاما كاملا . هذه يا ولدي قصة رئيس الوُزراء, المُسمى أبو إسراء, الذي يتمسك بالحُكم دُون حياء, مهما تكبد الشعب من عناء, ولا يكُنّ إلا لنفسه الولاء * كاتب من العراق